أنا المشنوق أعلاه
ما قبل البدايـة :
كُنتُ في ( الرّحـْمِ ) حزينـاً
دونَ أنْ أعرِفَ للأحـزانِ أدنى سَبَبِ !
لم أكُـنْ أعرِفُ جنسيّـةَ أُمّـي
لـمْ أكُـنْ أعرِفُ ما ديـنُ أبـي
لمْ أكُـنْ أعرِفُ أنّـي عَرَبـي !
آهِ .. لو كُنتُ على عِلْـمٍ بأمـري
كُنتُ قَطَّعتُ بِنفسي ( حَبْـلَ سِـرّي )
كُنتُ نَفّسْتُ بِنفسي وبِأُمّـي غَضَـبي
خَـوفَ أنْ تَمخُضَ بي
خَوْفَ أنْ تقْذِفَ بي في الوَطَـنِ المُغتَرِبِ
خَوْفَ أنْ تـَحْـبـَل مِن بَعْـدي بِغَيْري
ثُـمّ يغـدو - دونَ ذنبٍ –
عَرَبيـّاً .. في بِلادِ العَرَبِ !
لص بلادى
بالتمادي . . . يصبح اللص بأوربا مديراً للنوادي،
وبأمريكا، زعيماً للعصابات وأوكار الفساد،
وبأوطاني التي من شرعها قطع الأيادي،
.يصبح اللص . . . زعيماًُ للبلاد
عفو عام
أصدر عفو عام
عن الذين أعدموا،
بشرط أن يقدموا عريضة استرحام
مغسولة الأقدام،
غرامة استهلاكهم لطاقة النظام،
كفالة مقدارها خمسون ألف عام،
تعهد بأنهم
ليس لهم أرامل،
ولا لهم ثواكل،
ولا لهم أيتام،
شهادة التطعيم ضد الجدري،
قصيدة صينية للبحتري،
خريطة واضحة لأثر الكلام،
هذا ومن لم يلتزم بهذه الأحكام
.يحكم بالإعدام
بلاد العجائب
عَجِبَتُ لمرآنا العَجائِب
واَستغربَتُ مِنّا الغَرائِب!
لا نحن أحياءُ ولا موتي
وَلا أَهْلُ البِلادِ وَلا أجانِب!
تَهوي المصائِبُ فَوْقَنا
وَتَسوقُنا مِن كُلِّ جانِب
لكنَّنا لَسْنا هُنا
فَكأنّما هِيَ نَفسُها ابتُلِيَتُ بِنا
وكأنّما نَحنُ المَصائِب!
وأَقُولُ (نَحنُ)..
وَما أَنا إلاّ (أنا)
لا جَبهَتي انخفَضَتْ ولا ظَهري انحني
لكنَّ مِن شأني الرُّسوبَ لأننّي
أَفنيتُ عُمْريَ كُلَّهُ
أَمَلاً بِتَعويمِ الرَّواسِب!
زَبَدُ البِحارِ بِلا يَدٍ
حتّي يَكُفَّ بِكفِّهِ صَفْعَ المراكب.
صَخْرُ البِحارِ بلا فَمٍ
حتّي يَفُكَّ بِفكَّهِ قَيْدَ الطَحالِب.
لكنَّ كُلاًّ مِنهُما
قَدْرَ استطاعَتِهِ يُشاغِبْ.
وَلَرُبَّما فَتَكَ الطّليقُ بِطُحْلُبٍ
وَلَرُبّما نَجحَ الأَسيرُ بِكَسْرِ قارِب!
فَلأَيِّ جِنسٍ تَنتمي
هذي الملايينُ التّي
بِحِمي الجَريمةِ تحتمي؟!
وَلأَيِّ شيءٍ رُكِّبَتُ فيها العُيونُ
وَليسَ مِن عَينٍ تُراقِبْ؟!
وَلِمَ الأَيادي والشِّفاهُ
وَلا يَدٌ تَعلو.. ولا شَفَةٌ تُحاسِب؟!
أَشباهُ أشباحٍ
تَروحُ وَتَغتدي
بَينَ المَزابِلِ وَالخَرائِب
وَهِتافُها يَعلو لِسارِقِ قُوتِها
وَلِمُستبيحِ بُيوتِها:
شُكراً علي هذي المَكاسِب!
رَبّاهُ.. لا تُطفِيءْ ذُبالَةَ خافِقي
دَعْها لِتُؤنِسَ وَحْشَتي
وَسْطَ الغَياهِبْ.
رَبّاهُ.. لا تَنزِعْ ضَميريَ مِن دَمي
فأنا وَحيدٌ..
لَيسَ لي إلاّهُ صاحِبْ.
رَبّاهُ
يا مَن صُغتَني بَشَراً سَوِيّاً
أَبقِني بَشَراً سَوِيّاً دائماً
في عَصْرِ فِئرانِ التّجارِب.
فَقْري، عَرائي
غُربتي، دائي
شقائي
وَقْفَتي ما بينَ أنيابِ النّوائِب
هِيَ كُلُّها
- حتّي أَظَلَّ كما أنا -
ثَمَنٌ مُناسِب
يتبع