أهم الأخطاء الشائعة اليوم في اللغة العربية
(1)
سوّغ أم برّر
يستخدم الناس اليوم كلمة برّر العمل أو الشيء أي أوجد ما يجيزه ، ولكن هذا الاستخدام لكلمة برّر لا نجده في معاجم اللغة ، مع شدّة انتشار هذا التعبير لدى معظم الكتاب والصحافة ووسائل الإعلام .
وأصل هذه الكلمة البِرُّ : الصدقُ والطاعة كالتبرُّر . وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى في كتاب الله وفي الأحاديث الشريفة . والبرُّ ضد العقوق :
( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ... ) [ آل عمران :92]
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ... ) [ البقرة :177]
ويقال : رجلٌ بَرٌّ من قوم أبرار .
ويقال لقد تبرَّرْتَ في أمرنا ، أي تَحَرَّجْتَ
ويقال : بَرَرْتُ والدي أبِرُّه ، أَمّا وأبَرَّه : فَتعني غلبه ، والمُبِرُّ : الغالب
والمبرّر من الضأن : الذي في ضرعها لُمَعَ .
ومعاني البِرُّ والبَرُّ ومشتقاتها واسعة وكثيرة ، إلا أنه لا يوجد : بَرَّر العمل أي بيّن أسباب جوازه .
ولكن يستخدم فعل : سوّغ بدلاً من برّر . ففي لسان العرب : وأنا سوَّغته له أي جوّزنه له . وساغ له ما فعل أي جاز له ذلك . وشراب سائغ أي عذب . والأصل : ساغ الشراب في الحلق يسوغُ سوغاً .
*** ***
(2)
مُتَوَفِّر ومُتَوافِر
يغلب بين الناس وفي الصحافـة ولدى الكُتّاب استخدام كلمة متوَفّر بمعنى كثير وموجود . وهذا الاستعمال خطأ والصواب متوافر .
وأصل الكلمة : الوَفْرُ : الغِنى ، ومن المال : الكثير ، وجمعه الوُفُور . ويقال : وفَر المال والنبات والشيء بنفسه وَفْراً ووُفوراً وَفِرَةً [ لسان العرب ] .
وكذلك : تَوَفّر عليه : رعى حُرُماته . ووفّر عليه حقَّه توفيراً .
والقوم متوافرون : أي كُثْر .
نخلص من ذلك إلى أنّ :
توفَّر على الشيء أو الأمر : رعاه واهتمّ به .
توافَر الشيء : وُجِد وكَثُر .
فالقول مثلاً : توفّر لديه مال كثير ، فهذا خطأ ، والصواب أن يُقال :
" توافر لديه مالٌ كثير "
أو " توافر لديه الوقت ليعمل كذا وكذا "
أو توافرت لديه الكتب التي يحتاج إِليها "
*** ***
(3)
سواء عليهم أأنذرتَهم أم لم تنذرهم
لكلمة سـواء معانٍ متعددة : تأتي بمعنى مستوٍ ،وتأتي بمعنى الوسط وتأتي بمعنى التام :
فيقول : مكانٌ سِوى ، ففي هذه الحالة تُقصر مع الكسر أو الضم لتصُبح سُوى .
( ... فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً ) [طه :58]
ونقول (... فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ... ( [ الصافات :55] ، أي في وسطها .
ويُخبَر بـ ( سواء ) عن الواحد فما فوقه بمعنى مستوٍ :
( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ )
[ آل عمران :113]
( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
[ الرعد :10]
( ... سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ... ) [ الجاثية :21]
والتي نريد أن نبيِّنَها هنا والتي قد يقع الخطأ في استعمالها كلمة : " سواء للتسوية " ، والتي تأتي بعدها همزة المصدريـة للتسوية ، مثل قوله سبحانه وتعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) [ البقرة :6]
فالهمزة في أ أنذرتهم مصدرية وما بعدها يؤول بمصدر ، أي : إنذارك لهم أم عدم إنذارك لهم سواء .
فتكون " سواء " خبراً مقدماً ، ويكون المصدر المؤول : " إنذارك " هو المبتدأ ، ويجب أن تأتي " أم " في هذه الحالة ، وتعربُ " أم " حرف عطف معادل لهمزة التسوية .
والخطأ الذي يقع فيه بعضهم أنهم يضعون : "أو " بدلاً من " أم " وهذا لا يصح ، ويتركون همزة المصدرية والتسوية .
*** ***
(4)
اعتاد الشيءَ وتعوّده
واعتاد عليه وتعوّد عليه
كثير من الناس يقولون تعوّد على الشيء واعتاد عليه . وهذا خطأ . ففعل اعتاد وتعوّد لا تتعدّى بحرف الجرّ على ، وإنما تأخذ مفعولاً به مباشرة .
فتقول : اعتاد النومَ مبكراً وتعوّد النوم مبكراً وهذا هو الصواب .
وتقول : تعوَّده ، وعاوده معاودةً وعِواداً .
واعتاده وأعاده واستعاده : جعله من عادته .
عوّده إياه : جعله يعتاده .
والمعاوِد : المواظب .
واستعاده : سأله أن يفعله ثانياً ، وأن يعود .
*** ***
(5)
كلّ ، وبعض ، وغير
ويقال : كلٌّ وبعـضٌ معرفتان ، لم يجئ عن العرب أيٌّ منهما بالألف واللام . أي أن أداة التعريف لا تدخل عليها .
ولكن يرى بعضهم أنه جائز لأن فيهما معنى الإضافة .
والكلُّ : اسم يجمـع الأجزاء ، ويقال : كُلُّهم منطلق ، وكُلُّهنْ منطلقة ومنطلق ، فالذكر والأنثى في ذلك سواء . ويقال : العالِم كلُّ العالِم : يريد بذلك التناهي وأنه قد بلغ الغاية .
( وكلٌّ أَتوه داخرين ) [ النمل :87]
( وكلٌّ له قانتون ) [الروم :26]
فمحمول على المعنى دون اللفظ .
( وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فردا ) [ مريم :95]
فجاء بلفظ الجماعة (كلهم) ، فاستغنى عن ذكر الجماعة في الخبر (فردا) .
ولذلك نقول : كلٌّ حضر ، وكُلٌّ حضروا ، مرة على اللفظ ومرة على المعنى .
" وسجد الملائكة كلهم أجمعون " : أكّد الجمع بكلمة كُلهم ، ثم بكلمة " أجمعون" ! لتدل على أنهم سجدوا في وقت واحد .
وبعض كل شيء : طائفة منه ، والجمع : أبعاض . ولا تدخله اللام :
( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً )
[ الكهف :99]
( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ....) [ طه :123]
وآيات أخرى كثيرة في كتاب الله لا تجد اللام تدخل على بعض .
وغير بمعنى سوى لا تدخلها اللام ، ويقع بعضهم في هذا الخطأ فيقول : الغير . وهذا خطأ .
( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ... ) . ولا تتعرّفُ " غيرُ " بالإضافـة لشدَّة إِبهامها ، وإذا وقعت بين ضدين كما في الآية (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ...) زال الإبهام .
وإذا كانت للاستثناء أُعربت إعرابَ الاسم التالي لـ إلا في ذلك الكلام ، فتُنصَب في : جاء القوم غيرَ زيدٍ ، ويجوز الرفع والنصب في : ما جاء أحدٌ غيرُ زيدٍ ، وغيرَ زيد .
أما والغِيَرُ : غِيَرُ الدهر وأحداثه .
*** ***
(6)
الشباب المسلمون
أم الشبابُ المسلم
للفظة الشباب معنيان :
الشباب بمعنى مرحلة من العمر . كقول أبي العتاهية :
كأنّـك قد هجمـتَ على مشيبـي
كما هجـم المشيب على شبابـي([1])
أو قوله :
لـهفـي علـى ورق الشـبـابِ
وغصـونـه الخضـر الرطـابِ([2])
أو قول أبي فراس :
زَيْـنُ الشـبـاب أبـو فـراسٍ
لـم يُـمـتَّــع بـالـشـبـابِ([3])
أو قول أبي العتاهية أيضاً :
يـا للشبـاب المـرح التصَـابي
رَوائـحُ الجنَّـة في الشَّـبـابِ([4])
أما عند قولنا الشباب المسلمون ، فإن كلمة الشباب هنا جمع لكلمة الشاب فنقول :
شاب مسلم وشباب مسلمون .
ولا نقول شباب مسلم فإنه خطأ كما رأيت .
*** ***
(7)
ألماس أم ماس
يقول بعضهم : هذه قطعة من الماس . وهذا خطأ . والصواب : هذه قطعة من الألماس .
فهذا الجوهر هو " ألماس " ! وبالتعريف يكون : الألماس .
ويقول الشاعر :
صُوغي من الألماس والدرّ الحِلى
صوغِي كما شئت الجواهر وانشُدِ([5])
*** ***
(8)
حماسة
أم حماس
أصل الكلمة : حَمِسَ حَمَساً ، حَمِسَ الشرُّ أو الأمر اشتدَّ ، وحَمِسَ الوغى .
واحتمس القِرْنان : تقاتلا ، وحَمِسَ بالشيء : عَلِق به . واحْتَمس الديكان : هاجا .
والحماسَة : المنع والمحاربة والشجاعة .
وتحمَّس الرجل : إذا تعاصى .
ويقال : نجْدَةٌ حَمْساء ، أي شديدة وشجاعة .
ورجُل حَمِسٌ وحميس وأحمس : شجاع .
وتحامس القوم تحامساً وحِماساً : تشادُّوا واقتتلوا .
والأحمس : المتشدد على نفسه في الدين .
والأحمسُ والحَمِسُ والمتَحمِّس : الشديد .
وعام أحمس ، وسنة حَمْساء ، وسنون أحامس : شديدة ، ويمكن أن يُقال : سِنون حُمْسٌ إذا أريد محض النعت ، أما سنون أحامس فقد ذكروا الصفة على إدارة الأعوام .
والحُمسُ : قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجَديلة قَيْسٍ . وسُمّوا حُمْساً لأنهم تحمسوا في دينهم أي تشدَّدوا . وكانت الحُمْس سكان الحرم ، وكانوا لا يخرجون أيام الموسم إلى عرفات ، إنما يقفون بالمزدلفة ويقولون : نحن أهل الله ولا نخرج من الحرم .
ولذلك لا نقول حَماس ، فهذا خطأ ونقول حَماسةٌ . وديوان الحماسة لأبي تمام .
وقد شاعت كلمة حماس بمعنى حماسة وهذا خطأ لا أصل له .
*** ***
(9)
تَسَلَّم أم استلم
كلاهما صحيح ولكنْ لكل منهما معنى خاص واستعمال خاص مغاير للآخر . فعندما تريد أن تقول تلقَّيت رسالةً وأخذتها تقول :
تَسلَّمْتُ الرسالة
ولا يجوز أن تقول استلمت الرسالة فهذا خطأ . فاستلم تستعمل لاستلام الحجر الأسود في الكعبة . فنقول :
استلمتُ الحجر الأسود في الكعبة : أي قبّلتُه واعتنقته أو لمسته ، ويقال تَسلَّم منه أي تبرّأَ منه .
وتَسلَّم الشيء منه : أي قبضه
*** ***
(10)
تميّز منه
أم تميَّز عنه
وأصل الكلمة : المَيْز وهو التمييز بين الأشياء . فنقول مِزْتُ بعضه من بعض ، فأنا أميزُه مَيْزاً ، وكذلك ميَّزْته تمييزاً .
وفي كتاب الله :
( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ... ) [ الأنفال :37]
والفعل : ماز يميزُ ، وميَّزَ يُمَيِّزُ .
وتميّزَ القوم : صاروا في ناحية وانعزلوا عن غيرهم .
وفي كتاب الله :
( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) [ يس :59]
أي تميّزوا وانفردوا عن المؤمنين
نقول تميّزَ منه وليس عَنه .
*** ***
(11)
جاء وحده
أم جاء لوحده
خطأ يقع فيه الكثيرون حين يقولون جاء لوحده . فحرف الجر اللام لا يدخل على كلمة " وحده " . فالصواب أن تقول :
جاء وَحْدَه
*** ***
(12)
قابلته مصادفة
أم قابلته صدفة
الأصل : صَدَف عنه يصدفُ صَدْفاً وصدوفاً ، أي عدل ومال . وأصدفه عنه : مال به ، وصدفَ عنّي : أعرض عني .
وفي كتاب الله :
( ... سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ )
[الأنعام :157]
فمعنى يصدفون في الآية : يَعْرِضون .
والصَّدوف من النساء التي تعرض عن زوجها . والصَّدَفُ: كلُّ شيء مرتفع كالهدف والحائط والجبل . والصَّدَفُ والصَّدَفة : الجانب والناحية .
والصُدْفان : ناحيتا الشعب أو الوادي . ويقال لجانبي الجبل إذا تجاذبا صُدُفان أو صَدَفان لتصادفهما أي لتلاقيهما وفي كتاب الله :
( .... حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ ) [ الكهف :96]
ومن هذا يُقال : صَادفْت فلاناً إذا لاقيته ووجدته . ولا نقول صَدَفتُ فلاناً . إذن نقول :
صادفته مُصَادَفَةً ، ومصادفة مصدر ميمي من صادف .
ولا نقول : صادفته صُدْفة ، ولا نقول : صَدَفْتُه .
*** ***
(13)
تقويم
أم تقييم
الفعل : قوّم . ولها معنيان :
قوّم السلعة : قدّر قيمتها .
وقوّمته : أي عدلته فهو قويم ومستقيم .
والقيّوم : الذي لا نِدَّ له .
ومصدر قوّم في جميع الحالات : تقويم ، فلا يوجد تقييم . فنقول :
قوّم السلعة تقويماً
وقوّم الأمر أي عدله تقويماً
فكلمة تقييم خطأ لا يجوز استعماله .
*** ***
(14)
استبدل
يخطئ كثير من الناس في استعمال " استبدل " ، فيقولون : " استبدل الشرَّ بالخير " وهذا يعني أنه ترك الخير وأخذ الشرّ . فالباء تأتي مع المتروك .
وفي كتاب الله :
( ... أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ...) [ البقرة :61]
ولذلك نقول :
استبدل الخيرَ بالشرّ ..
أي ترك الشرّ وأخذ الخير .
وهذا الخطأ شائع جداً
وكذلك : اشترى
أما شرَى بمعنى باع ، كما في قوله سبحانه وتعالى :
( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ... ) [ النساء :74]
أي الذين يبيعون الحياة الدنيا ، ويأخذون عوضاً عنها الآخرة .
فالأمر مختلف بين استعمال استبدل ، وشرى .
*** ***
(15)
أحناء وحنايا
يخطئ كثيرون فيقولون ملأ الحب حناياه . وهذا خطأ . لأن حنايا جمعَ حِنيَّة ، وهي القوس . والصواب : ملأ الحبّ أحناءَه . لأن الأحناء جمع حِنْو : بفتح الحاء وكسرها ، وهي الضلع ، وكل ما فيه اعوجاج من البدن .
وجمع حَِنو : أحناء وحِنيٌّ وحُنيٌّ .
*** ***
(16)
همزة الوصل وهمزة القطع
يقع الكثيرون في أخطاء متعددة عند استعمال الهمزة في أول الكلمة فيجعلونها همزة قطع أحياناً خطأ حين يجب أن تكون همزة وصل . ونرى هذا الخطأ على بعض لوحات الأماكن التجارية وفي كتابات بعضهم وفي الصحف .
لذلك نريد أن ننبّه لبعض قواعد الهمزة في ابتداء الكلمة .
فِعلُ الأمر الثلاثي مثل : اكتب ، العب ، هي همزة وصل ولكن تلفظ عند الابتداء بها همزة قطع ولا تكتب الهمزة . ولتعرف الصواب أدخل حرف الواو أو الفاء على الكلمة وانظر كيف تصبح الكلمة . فنقول : واكتب . فالهمزة هنا همزة وصل كتابةً ولفظاً .
أما الهمزة في أول الفعل الرباعي وفي مصدره فهي همزة قطع في جميع الحالات : فنقول : أَنْزَلَ ، وأَنزلَ ، فأنزلَ ، إِنزال .. وهكذا .
أما الهمزة في أول الفعل الخماسي والسداسي فهي همزة وصل في الفعل وفي مصدره فالخماسي : اعتاد ، اعتياداً . فإذا بُدئ بالهمزة تلفظ همزة قطع ولا تكتب فتلفظ إِعتاد وتكتب اعتاد .
والسداسي ، استقدم ، استقدام ، واستقدم . إلا أنها تلفظ همزة قطع إذا ابتدأ اللفظ بها دون أن تكتب . فتلفظ : إستقدم لفظاً وتكتب استقدم .
*** ***
(17)
زاد على
أم زاد عن
والصواب " زاد على " ، " فعلى " حرف الجر الذي يأتي مع " زاد " ومشتقاتها .
فالزَّيد : الزيادة والنمو ، وكذلك الزُّوادة .
زاد الشيء : يَزيد زَيداً وزِيداً وزيادةً وزياداً ومزيداً ومَزَاداً وهم زَيدٌ على مئة .
وقال الأصبع العدواني :
وأنتـم معشَـرٌ زَيْـدٌ على مئـةٍ
فأجمعـوا أمركم طُـرّاً فكيدونـي
وإذا أُعطي رجلٌ شيئاً فطلب زيادةً على ما أُعْطٍيَ ، قيل : قد استزاده .
والخطأ الذي يقع فيه بعضهم أن يقولوا : يزيد عن مئة ، فيستعمل حرف الجرّ عن بدلاً من على ، وهذا لا يصح ، فالصواب :
" يزيد على "
*** ***
(18)
على الرَّغم من أنفه
أم بالرغم من أنفه
الصواب هو : " على الرَّغم من أنفه " ، وليس " بالرغم من أنفه "
و الرَّغم : الذل ، والقسر ، والتراب .
والرَّغم : الذِّلة .
والرَّغمُ والرِّغم والرُّغم : الكَرْه ، ومثله : المرغَمة .
ورَغَمَ ورَغُمَ : يَرْغَمُ ويَرْغُم .
وفي الحديث الشريف : رَغِمَ أنْفُهُ (ثلاثاً ) ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخل الجنّة .
ويقال : أرغَمَ الله أَنفه ، أي ألزقه بالرَّغام وهو التراب .
وقال ابن سيده : الرَّغامُ والرُّغام ما يسيل من الأنف وهو المخاط .
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : من قال الرُّغام فيما يسيل من الأنف فقد صحّف .
والمُراغَم : السَّعَة والمضطرب ، وقيل المذهب والمهرب في الأرض .
( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ... )
[النساء :100]
*** ***
(19)
قَلَمُ الطالب وكتابه
أم قلم وكتاب الطالب
الأصـوب : قلمُ الطالب وكتابه ، حتى لا يكون هناك مضافان إلى مضافٍ إليه واحد .
وكثيرون يقولون : قلمُ وكتابُ الطالب ، وهذا تعبير غير سليم ، حيث فُصِل بين المضاف "قلمُ " والمضاف إليه " الطالب " بمضاف آخر وهو كتاب .
*** ***
(20)
حيثَ إِنّ
أم حيثُ أَنّ
يخطئ بعضهم حين يقول " حيث أَنّ " ، فيفتح همزة إِنّ . والصواب أن يُقال : حيث |إِنّ بكسر الهمزة ، وذلك لأن الجملة بعد حيث جملة ابتدائية ، فإن كانت جملة اسمية فتعرب الكلمة الأولى مبتدأً .
فنقول : حيثُ الولدُ نائِمٌ . فالولد مبتدأ ، ونائم خبر .
وحيث إنَّ الولدَ نائم .
وكذلـك ، " فإنّ " تكسـر همزتها أول الكلام ، وتكسر في جملة مقولة القول ، كقولك :
قال إنّه سيذهب .
وكذلك : إِنّ الطالب جادٌّ .
*** ***
(21)
علمتُ أَنْ سيعودُ إِلينا
أم علمتُ أنْ سيعودَ إلينا
يخطئ بعضهم حين يقول : علمَ أن سيعودَ ، فيعتبر أن ناصبة للفعل المضارع ، وهذا خطأ . " فأنْ " هنا ليست ناصبة للفعل فأن الناصبة لا يجوز أن يفصل بينها وبين الفعل المضارع : حرف السين ، أو سـوف ، أو قـد ، أو ما ، أو لو ، فإذا فَصَلـت هذه الحـروف بين " أَنْ " والفعل المضارع ، كانت أَنْ هي المخفّفة من أنَّهُ ، أو أنَّك .
ففي قوله سبحانه وتعالى :
( ... عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ... ) [ المزمل :20 ]
فهنا المعنى : علم أنكم لن تحصوه ، وعلم أنه سيكون منكم ...
وكذلك قوله سبحانه وتعالى :
( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [ النجم :28]
أي أَنّه لا تزر وازرةٌ وزْر أُخرى .
فأنْ الناصبة للفعل المضـارع لا يفصلها عن الفعل تلك الحروف ، ولا تُدْغَم بلا . فـ " ألّا تزرُ " تعني : أنَّه لا تزر ، أدُغمت بلا لأنها المخفَّفة من أَنّه .
وكذلك قول جرير :
زَعَم الفـرزدق أن سَيَقْتُل مِرْبعـاً
أَبْشِـرْ بطـول سلامَـةٍ يا مِرْبَـعُ
فهنا تعني كلمة : أن سيقتُلُ أنه سَيْقتلُ .
*** ***
(22)
رأيتُهُ بالأمـسِ
أم رأيته أمس
كلاهما صحيح ، ولكنْ لكل منهما معنى مغاير للآخر . فمعنى رأيتُه بالأمسِ ، تعني أيَّ يوم قبل الذي أنتَ فيه ، وليس اليوم الذي قبله فقط .
وذلك في قوله سبحانه وتعالى :
( وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ... ) [ القصص :82]
وأما كلمة " أمسِ " المبنيّة على الكسر فإِنها تعني اليوم قبل اليوم الذي أنت فيه فقط . فتقول : لقيتُه أمْسِ في المدرسة
وتقول : ما رأيتُـه مُذْ أوَّلَ مِنْ أَمسِ ، أي قبل يومين من اليوم الذي أنت فيه .
وتقول : " ما رأيته مذ أوّلَ من أوّل من أمس " . إذا كان ذلك قبل ثلاثة أيام من يومك الذي أنت فيه .
وانظر في قول البحتري في وصف إيوان كسرى ، يجمع بين أوّل أمس ، وأوّلَ من أمس :
وكـأن اللقـاءَ أَوّلَ مِـنْ أمــ
ـسِ ووشكَ الفـراقِ أَوّلَ أمـسِ
وإذا أريد بـ " أمسِ " يومٌ من الأيام الماضية ، أو دخلته " ألـ " التعريف ، أو أضيف ، أُعْرِبَ بالإجماع .
أما إذا أريد به اليوم الذي قبل الذي أتت فيه ، ففيه أقوال ثلاثة أهمها البناء على الكسر مطلقاً ، والقول الثاني إعرابه إعراب مالا ينصرف في حالة الرفع خاصّةً ، وبناؤه على الكسر في حالتي النصب والجر في لغة جمهور بني تميم ، والقول الثالث إعرابه إعراب مالا يتصرف مطلقاً في لغة بعض بني تميم .
*** ***
(23)
بئر عميقة
أم بئر عميق
يخطئ بعضهم فيقولون بئر عميق ، يذكّرون " بئر " . والصواب بئر عميقة لأن هذه الكلمة مؤنثة .
وفي كتاب الله :
( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) [ الحج :45]
وتجمع كلمة بئر على : آبار ، وأبآر ، وأبؤر ، وآبُر ، وبِئار .
والبآَّر : الذي يحفر البئر .
وابتأَر : حفر .
والفعل : بأَر .
وأَبْأرَ فلاناً :جعل له بئراً .
*** ***
(24)
بائسون أم بؤساء
يخطئ بعضهم فيجمع كلمة بائس على بؤساء . وهذا خطأ ، والصواب : بائسون ، أو بُؤْس : وقال تأبّط شراً :
قد ضقـتُ من حبّها مالا يضيقني
حتى عُدِدْتُ من البُؤْسِ المساكيـن
أما " بؤساء " فهي جمع كلمة " بئيس " . ومعنى " بئيس " شجاع .
وتأتي كلمة " بئيس " بمعنى شديد ، كما في قوله سبحانه وتعالى :
( ... وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )
[ الأعراف :165]
والأصل : البَأْس وتعني : العذاب أو الشدّة في الحرب ، والبأساء : الحرب والمشقة والضرب .
وَبؤُسَ يبؤُسُ بأَساً فهو بَئيس أي شجاع .
بَئِسَ يَبْأسُ بُؤساً وبُؤوساً وبأساً وبؤْسَى وبَئيسى : اشتدت حاجته . فالبؤس : الشدة والفقر ، بئيس ، بائس : فقير .
والبأساء والأبؤس : الداهية
وعذابٌ بِئْسٌ وَبئيس : شديد .
ويُقال : لا بأس عليك ، أي لا خوفَ عليك .
وقال تعالى :
( ... سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ... ) [ الفتح :16]
وقوله سبحانه وتعالى :
( ... فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) [ هود:36]
أي لا تحزن ولا تَستِكِنْ .
المُبتَئِس : الكاره والحزين ، والبَؤوس : الظاهر البُؤس .
وبِئسَ : نقيض نِعْمَ : بِئْسَ الرجل زيد ، وبِئْسَت المرأة هند .
والخلاصة أن " بؤساء " جمع " بئيس " بمعنى الشجاع وبائسون أو بُؤس : جمع بائس . ولقد أخطأ حافظ إبراهيم رحمه الله حين ترجم لكتاب فيكتور هيجو : (les mesarables ( بالبؤساء ، والصحيح : البائسون .
*** ***
(25)
دون
أم بدون
شاع بين الناس استعمال كلمة " بدون " بمعنى بغير . فيقولون نريد الطعام بدون ملح .
ولم يُجز أحد إدخال حرف الجرّ الباء على دون ، إلا سيبويه
فتقول : نريد الطعام دون ملح .
*** ***
(26)
حضر الطلابُ جميعهم
أم حضر جميع الطلاب
والأصوب في لغة العرب أن تقول : حضر الطلاب جميعهم ، وليس جميع الطلاب ، ولو أن الأخيرة انتشرت وكثر استعمالها .
أو جاء الطلاب أجمعون .
ذلك لأن كلمة جميع ، وأجمع ، كلمات يؤكد بها للمعرفة ، وكذلك : أجمعون ، وجمعاء ، وجُمَع ، لا تكون إلا تأكيداً تابعاً لما قبله ، ولا يُبْتدأ به ، ولا يُخبَر به .
وأجمعون : جمعُ أجمع ، وأجمع واحد في معنى جَمْع ، وليس له مفرد من لفظه . والمؤنّث جمعاء .
ويقال : جاء القوم بأجمعهم .
*** ***
(27)
حَذِرَه
أم حَذِر منه
يخطئ بعضهم فيقولون : حَذِرَ منه ، ولكن الصواب : حَذِره .
ففعل حَذِرَ لا تأخذ حرف جر ، وإنما تتعدّى إلى المفعول به .
وفي قوله سبحانه وتعالى :
( ... وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ... ) [ المائدة :49]
ولكن بعضهم يجيز حذر منه .
*** ***
(28)
كلمات تذكّر وتؤنث
سُوق : تذكر وتؤنث ، وكذلك :
طريق : وجمعها طرُقٌ ، وأَطْرُقٌ ، وأطْرِقاء ، وأطرقة ، وجمع الجمع : جج : طُرُقات .
السبيل : الطريق ، وما وضح منه . وجمعها سُبُلٌ ، والسبيلة أيضاً : الطريق .
*** ***
(29)
ساق طويلة
أم ساق طويل
الصواب أن كلمة الساق مؤنثة إذا كانت تعني ذلك الجزء ما بين الركبة إلى الكعب ، فنقول :
ساق طويلة
*** ***
(30)
سائر الطلاب
سائر تعني البقية وليس الجميع .
وهي من الفعل : سَأَرَ يَسْأرُ فهو سَائِر .
وفي الحديث الشريف :
" فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "
[ أخرجه ابن ماجه عن أنس صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم 4210]
*** ***
(31)
شاق يشوق
الشوق والاشتياق : نزاعُ النفس وحركة الهوى . وجمعه : أشواق .
نقول شاقه حبُّها ، أو شوَّقه حبّها ، إذا هيّج الشوق ، وأشاقه ، فهو شائق .
وشاق إليه شوقاً ، وتشوَّق ، واشتاق اشتياقاً .
وقول ابن الأعرابي :
إلـى ظـعُـن للمالكيّـة غـدوةً
فيا لَك من مرأَى أشـاقَ وأبعـدا
أي وجده شائقاً بعيداً .
ومن الأخطاء استخدام كلمة : شيّق بدلاً من شائق التي هي الصواب .
*** ***
(32)
حار يحارُ
حارَ يحارُ حَيرةً وحَيْراً وحَيَراً وحَيَرَاناً .
وكذلك : تحيَّر واستحار ، فهو حَيْرانُ وحائر .
والخطأ قول بعضهم : احتار ، فهذا اللفظ ، وهذا الاشتقاق لا نجده في المعاجم ولا في المراجع ولا في لغة العرب .
*** ***
(33)
كلا وكلتا
يخطئ من يقول :
كلا الرجلين حضرا ، أَو كلتا المرأتين حضرتا .
والصواب أن يقول :
كلا الرجلين حضر ، وكلتا المرأتين حضرت .
ذلك لأن كلا وكلتا اسمان مفردان ، وليس مثنيين .
وفي قوله سبحانه وتعالى :
( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً ... ) [ الكهف : 33]
*** ***
(1) من ديوان أبي العتاهية : دار الكتاب العربي ـ ص: 51 .
(1) من ديوان أبي العتاهية : دار الكتاب العربي ـ ص : 68 .
(1) من ديوان أبي فراس : دار بيروت ، ص : 55 .
(1) من ديوان أبي العتاهية ـ دار الكتاب العربي : المقدمة ـ ص : 14 .
(1) من ملحمة الإسلام في الهند للدكتور عدنان بن علي رضا النحوي ـ ص: 180 .
موقع النحوي
(1)
سوّغ أم برّر
يستخدم الناس اليوم كلمة برّر العمل أو الشيء أي أوجد ما يجيزه ، ولكن هذا الاستخدام لكلمة برّر لا نجده في معاجم اللغة ، مع شدّة انتشار هذا التعبير لدى معظم الكتاب والصحافة ووسائل الإعلام .
وأصل هذه الكلمة البِرُّ : الصدقُ والطاعة كالتبرُّر . وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى في كتاب الله وفي الأحاديث الشريفة . والبرُّ ضد العقوق :
( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ... ) [ آل عمران :92]
( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ... ) [ البقرة :177]
ويقال : رجلٌ بَرٌّ من قوم أبرار .
ويقال لقد تبرَّرْتَ في أمرنا ، أي تَحَرَّجْتَ
ويقال : بَرَرْتُ والدي أبِرُّه ، أَمّا وأبَرَّه : فَتعني غلبه ، والمُبِرُّ : الغالب
والمبرّر من الضأن : الذي في ضرعها لُمَعَ .
ومعاني البِرُّ والبَرُّ ومشتقاتها واسعة وكثيرة ، إلا أنه لا يوجد : بَرَّر العمل أي بيّن أسباب جوازه .
ولكن يستخدم فعل : سوّغ بدلاً من برّر . ففي لسان العرب : وأنا سوَّغته له أي جوّزنه له . وساغ له ما فعل أي جاز له ذلك . وشراب سائغ أي عذب . والأصل : ساغ الشراب في الحلق يسوغُ سوغاً .
*** ***
(2)
مُتَوَفِّر ومُتَوافِر
يغلب بين الناس وفي الصحافـة ولدى الكُتّاب استخدام كلمة متوَفّر بمعنى كثير وموجود . وهذا الاستعمال خطأ والصواب متوافر .
وأصل الكلمة : الوَفْرُ : الغِنى ، ومن المال : الكثير ، وجمعه الوُفُور . ويقال : وفَر المال والنبات والشيء بنفسه وَفْراً ووُفوراً وَفِرَةً [ لسان العرب ] .
وكذلك : تَوَفّر عليه : رعى حُرُماته . ووفّر عليه حقَّه توفيراً .
والقوم متوافرون : أي كُثْر .
نخلص من ذلك إلى أنّ :
توفَّر على الشيء أو الأمر : رعاه واهتمّ به .
توافَر الشيء : وُجِد وكَثُر .
فالقول مثلاً : توفّر لديه مال كثير ، فهذا خطأ ، والصواب أن يُقال :
" توافر لديه مالٌ كثير "
أو " توافر لديه الوقت ليعمل كذا وكذا "
أو توافرت لديه الكتب التي يحتاج إِليها "
*** ***
(3)
سواء عليهم أأنذرتَهم أم لم تنذرهم
لكلمة سـواء معانٍ متعددة : تأتي بمعنى مستوٍ ،وتأتي بمعنى الوسط وتأتي بمعنى التام :
فيقول : مكانٌ سِوى ، ففي هذه الحالة تُقصر مع الكسر أو الضم لتصُبح سُوى .
( ... فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوَىً ) [طه :58]
ونقول (... فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ... ( [ الصافات :55] ، أي في وسطها .
ويُخبَر بـ ( سواء ) عن الواحد فما فوقه بمعنى مستوٍ :
( لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ )
[ آل عمران :113]
( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ)
[ الرعد :10]
( ... سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ ... ) [ الجاثية :21]
والتي نريد أن نبيِّنَها هنا والتي قد يقع الخطأ في استعمالها كلمة : " سواء للتسوية " ، والتي تأتي بعدها همزة المصدريـة للتسوية ، مثل قوله سبحانه وتعالى :
( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ) [ البقرة :6]
فالهمزة في أ أنذرتهم مصدرية وما بعدها يؤول بمصدر ، أي : إنذارك لهم أم عدم إنذارك لهم سواء .
فتكون " سواء " خبراً مقدماً ، ويكون المصدر المؤول : " إنذارك " هو المبتدأ ، ويجب أن تأتي " أم " في هذه الحالة ، وتعربُ " أم " حرف عطف معادل لهمزة التسوية .
والخطأ الذي يقع فيه بعضهم أنهم يضعون : "أو " بدلاً من " أم " وهذا لا يصح ، ويتركون همزة المصدرية والتسوية .
*** ***
(4)
اعتاد الشيءَ وتعوّده
واعتاد عليه وتعوّد عليه
كثير من الناس يقولون تعوّد على الشيء واعتاد عليه . وهذا خطأ . ففعل اعتاد وتعوّد لا تتعدّى بحرف الجرّ على ، وإنما تأخذ مفعولاً به مباشرة .
فتقول : اعتاد النومَ مبكراً وتعوّد النوم مبكراً وهذا هو الصواب .
وتقول : تعوَّده ، وعاوده معاودةً وعِواداً .
واعتاده وأعاده واستعاده : جعله من عادته .
عوّده إياه : جعله يعتاده .
والمعاوِد : المواظب .
واستعاده : سأله أن يفعله ثانياً ، وأن يعود .
*** ***
(5)
كلّ ، وبعض ، وغير
ويقال : كلٌّ وبعـضٌ معرفتان ، لم يجئ عن العرب أيٌّ منهما بالألف واللام . أي أن أداة التعريف لا تدخل عليها .
ولكن يرى بعضهم أنه جائز لأن فيهما معنى الإضافة .
والكلُّ : اسم يجمـع الأجزاء ، ويقال : كُلُّهم منطلق ، وكُلُّهنْ منطلقة ومنطلق ، فالذكر والأنثى في ذلك سواء . ويقال : العالِم كلُّ العالِم : يريد بذلك التناهي وأنه قد بلغ الغاية .
( وكلٌّ أَتوه داخرين ) [ النمل :87]
( وكلٌّ له قانتون ) [الروم :26]
فمحمول على المعنى دون اللفظ .
( وكُلُّهم آتيه يوم القيامة فردا ) [ مريم :95]
فجاء بلفظ الجماعة (كلهم) ، فاستغنى عن ذكر الجماعة في الخبر (فردا) .
ولذلك نقول : كلٌّ حضر ، وكُلٌّ حضروا ، مرة على اللفظ ومرة على المعنى .
" وسجد الملائكة كلهم أجمعون " : أكّد الجمع بكلمة كُلهم ، ثم بكلمة " أجمعون" ! لتدل على أنهم سجدوا في وقت واحد .
وبعض كل شيء : طائفة منه ، والجمع : أبعاض . ولا تدخله اللام :
( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً )
[ الكهف :99]
( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ....) [ طه :123]
وآيات أخرى كثيرة في كتاب الله لا تجد اللام تدخل على بعض .
وغير بمعنى سوى لا تدخلها اللام ، ويقع بعضهم في هذا الخطأ فيقول : الغير . وهذا خطأ .
( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ... ) . ولا تتعرّفُ " غيرُ " بالإضافـة لشدَّة إِبهامها ، وإذا وقعت بين ضدين كما في الآية (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ...) زال الإبهام .
وإذا كانت للاستثناء أُعربت إعرابَ الاسم التالي لـ إلا في ذلك الكلام ، فتُنصَب في : جاء القوم غيرَ زيدٍ ، ويجوز الرفع والنصب في : ما جاء أحدٌ غيرُ زيدٍ ، وغيرَ زيد .
أما والغِيَرُ : غِيَرُ الدهر وأحداثه .
*** ***
(6)
الشباب المسلمون
أم الشبابُ المسلم
للفظة الشباب معنيان :
الشباب بمعنى مرحلة من العمر . كقول أبي العتاهية :
كأنّـك قد هجمـتَ على مشيبـي
كما هجـم المشيب على شبابـي([1])
أو قوله :
لـهفـي علـى ورق الشـبـابِ
وغصـونـه الخضـر الرطـابِ([2])
أو قول أبي فراس :
زَيْـنُ الشـبـاب أبـو فـراسٍ
لـم يُـمـتَّــع بـالـشـبـابِ([3])
أو قول أبي العتاهية أيضاً :
يـا للشبـاب المـرح التصَـابي
رَوائـحُ الجنَّـة في الشَّـبـابِ([4])
أما عند قولنا الشباب المسلمون ، فإن كلمة الشباب هنا جمع لكلمة الشاب فنقول :
شاب مسلم وشباب مسلمون .
ولا نقول شباب مسلم فإنه خطأ كما رأيت .
*** ***
(7)
ألماس أم ماس
يقول بعضهم : هذه قطعة من الماس . وهذا خطأ . والصواب : هذه قطعة من الألماس .
فهذا الجوهر هو " ألماس " ! وبالتعريف يكون : الألماس .
ويقول الشاعر :
صُوغي من الألماس والدرّ الحِلى
صوغِي كما شئت الجواهر وانشُدِ([5])
*** ***
(8)
حماسة
أم حماس
أصل الكلمة : حَمِسَ حَمَساً ، حَمِسَ الشرُّ أو الأمر اشتدَّ ، وحَمِسَ الوغى .
واحتمس القِرْنان : تقاتلا ، وحَمِسَ بالشيء : عَلِق به . واحْتَمس الديكان : هاجا .
والحماسَة : المنع والمحاربة والشجاعة .
وتحمَّس الرجل : إذا تعاصى .
ويقال : نجْدَةٌ حَمْساء ، أي شديدة وشجاعة .
ورجُل حَمِسٌ وحميس وأحمس : شجاع .
وتحامس القوم تحامساً وحِماساً : تشادُّوا واقتتلوا .
والأحمس : المتشدد على نفسه في الدين .
والأحمسُ والحَمِسُ والمتَحمِّس : الشديد .
وعام أحمس ، وسنة حَمْساء ، وسنون أحامس : شديدة ، ويمكن أن يُقال : سِنون حُمْسٌ إذا أريد محض النعت ، أما سنون أحامس فقد ذكروا الصفة على إدارة الأعوام .
والحُمسُ : قريش ومن ولدت قريش وكنانة وجَديلة قَيْسٍ . وسُمّوا حُمْساً لأنهم تحمسوا في دينهم أي تشدَّدوا . وكانت الحُمْس سكان الحرم ، وكانوا لا يخرجون أيام الموسم إلى عرفات ، إنما يقفون بالمزدلفة ويقولون : نحن أهل الله ولا نخرج من الحرم .
ولذلك لا نقول حَماس ، فهذا خطأ ونقول حَماسةٌ . وديوان الحماسة لأبي تمام .
وقد شاعت كلمة حماس بمعنى حماسة وهذا خطأ لا أصل له .
*** ***
(9)
تَسَلَّم أم استلم
كلاهما صحيح ولكنْ لكل منهما معنى خاص واستعمال خاص مغاير للآخر . فعندما تريد أن تقول تلقَّيت رسالةً وأخذتها تقول :
تَسلَّمْتُ الرسالة
ولا يجوز أن تقول استلمت الرسالة فهذا خطأ . فاستلم تستعمل لاستلام الحجر الأسود في الكعبة . فنقول :
استلمتُ الحجر الأسود في الكعبة : أي قبّلتُه واعتنقته أو لمسته ، ويقال تَسلَّم منه أي تبرّأَ منه .
وتَسلَّم الشيء منه : أي قبضه
*** ***
(10)
تميّز منه
أم تميَّز عنه
وأصل الكلمة : المَيْز وهو التمييز بين الأشياء . فنقول مِزْتُ بعضه من بعض ، فأنا أميزُه مَيْزاً ، وكذلك ميَّزْته تمييزاً .
وفي كتاب الله :
( لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ... ) [ الأنفال :37]
والفعل : ماز يميزُ ، وميَّزَ يُمَيِّزُ .
وتميّزَ القوم : صاروا في ناحية وانعزلوا عن غيرهم .
وفي كتاب الله :
( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) [ يس :59]
أي تميّزوا وانفردوا عن المؤمنين
نقول تميّزَ منه وليس عَنه .
*** ***
(11)
جاء وحده
أم جاء لوحده
خطأ يقع فيه الكثيرون حين يقولون جاء لوحده . فحرف الجر اللام لا يدخل على كلمة " وحده " . فالصواب أن تقول :
جاء وَحْدَه
*** ***
(12)
قابلته مصادفة
أم قابلته صدفة
الأصل : صَدَف عنه يصدفُ صَدْفاً وصدوفاً ، أي عدل ومال . وأصدفه عنه : مال به ، وصدفَ عنّي : أعرض عني .
وفي كتاب الله :
( ... سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ )
[الأنعام :157]
فمعنى يصدفون في الآية : يَعْرِضون .
والصَّدوف من النساء التي تعرض عن زوجها . والصَّدَفُ: كلُّ شيء مرتفع كالهدف والحائط والجبل . والصَّدَفُ والصَّدَفة : الجانب والناحية .
والصُدْفان : ناحيتا الشعب أو الوادي . ويقال لجانبي الجبل إذا تجاذبا صُدُفان أو صَدَفان لتصادفهما أي لتلاقيهما وفي كتاب الله :
( .... حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ ) [ الكهف :96]
ومن هذا يُقال : صَادفْت فلاناً إذا لاقيته ووجدته . ولا نقول صَدَفتُ فلاناً . إذن نقول :
صادفته مُصَادَفَةً ، ومصادفة مصدر ميمي من صادف .
ولا نقول : صادفته صُدْفة ، ولا نقول : صَدَفْتُه .
*** ***
(13)
تقويم
أم تقييم
الفعل : قوّم . ولها معنيان :
قوّم السلعة : قدّر قيمتها .
وقوّمته : أي عدلته فهو قويم ومستقيم .
والقيّوم : الذي لا نِدَّ له .
ومصدر قوّم في جميع الحالات : تقويم ، فلا يوجد تقييم . فنقول :
قوّم السلعة تقويماً
وقوّم الأمر أي عدله تقويماً
فكلمة تقييم خطأ لا يجوز استعماله .
*** ***
(14)
استبدل
يخطئ كثير من الناس في استعمال " استبدل " ، فيقولون : " استبدل الشرَّ بالخير " وهذا يعني أنه ترك الخير وأخذ الشرّ . فالباء تأتي مع المتروك .
وفي كتاب الله :
( ... أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ...) [ البقرة :61]
ولذلك نقول :
استبدل الخيرَ بالشرّ ..
أي ترك الشرّ وأخذ الخير .
وهذا الخطأ شائع جداً
وكذلك : اشترى
أما شرَى بمعنى باع ، كما في قوله سبحانه وتعالى :
( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ... ) [ النساء :74]
أي الذين يبيعون الحياة الدنيا ، ويأخذون عوضاً عنها الآخرة .
فالأمر مختلف بين استعمال استبدل ، وشرى .
*** ***
(15)
أحناء وحنايا
يخطئ كثيرون فيقولون ملأ الحب حناياه . وهذا خطأ . لأن حنايا جمعَ حِنيَّة ، وهي القوس . والصواب : ملأ الحبّ أحناءَه . لأن الأحناء جمع حِنْو : بفتح الحاء وكسرها ، وهي الضلع ، وكل ما فيه اعوجاج من البدن .
وجمع حَِنو : أحناء وحِنيٌّ وحُنيٌّ .
*** ***
(16)
همزة الوصل وهمزة القطع
يقع الكثيرون في أخطاء متعددة عند استعمال الهمزة في أول الكلمة فيجعلونها همزة قطع أحياناً خطأ حين يجب أن تكون همزة وصل . ونرى هذا الخطأ على بعض لوحات الأماكن التجارية وفي كتابات بعضهم وفي الصحف .
لذلك نريد أن ننبّه لبعض قواعد الهمزة في ابتداء الكلمة .
فِعلُ الأمر الثلاثي مثل : اكتب ، العب ، هي همزة وصل ولكن تلفظ عند الابتداء بها همزة قطع ولا تكتب الهمزة . ولتعرف الصواب أدخل حرف الواو أو الفاء على الكلمة وانظر كيف تصبح الكلمة . فنقول : واكتب . فالهمزة هنا همزة وصل كتابةً ولفظاً .
أما الهمزة في أول الفعل الرباعي وفي مصدره فهي همزة قطع في جميع الحالات : فنقول : أَنْزَلَ ، وأَنزلَ ، فأنزلَ ، إِنزال .. وهكذا .
أما الهمزة في أول الفعل الخماسي والسداسي فهي همزة وصل في الفعل وفي مصدره فالخماسي : اعتاد ، اعتياداً . فإذا بُدئ بالهمزة تلفظ همزة قطع ولا تكتب فتلفظ إِعتاد وتكتب اعتاد .
والسداسي ، استقدم ، استقدام ، واستقدم . إلا أنها تلفظ همزة قطع إذا ابتدأ اللفظ بها دون أن تكتب . فتلفظ : إستقدم لفظاً وتكتب استقدم .
*** ***
(17)
زاد على
أم زاد عن
والصواب " زاد على " ، " فعلى " حرف الجر الذي يأتي مع " زاد " ومشتقاتها .
فالزَّيد : الزيادة والنمو ، وكذلك الزُّوادة .
زاد الشيء : يَزيد زَيداً وزِيداً وزيادةً وزياداً ومزيداً ومَزَاداً وهم زَيدٌ على مئة .
وقال الأصبع العدواني :
وأنتـم معشَـرٌ زَيْـدٌ على مئـةٍ
فأجمعـوا أمركم طُـرّاً فكيدونـي
وإذا أُعطي رجلٌ شيئاً فطلب زيادةً على ما أُعْطٍيَ ، قيل : قد استزاده .
والخطأ الذي يقع فيه بعضهم أن يقولوا : يزيد عن مئة ، فيستعمل حرف الجرّ عن بدلاً من على ، وهذا لا يصح ، فالصواب :
" يزيد على "
*** ***
(18)
على الرَّغم من أنفه
أم بالرغم من أنفه
الصواب هو : " على الرَّغم من أنفه " ، وليس " بالرغم من أنفه "
و الرَّغم : الذل ، والقسر ، والتراب .
والرَّغم : الذِّلة .
والرَّغمُ والرِّغم والرُّغم : الكَرْه ، ومثله : المرغَمة .
ورَغَمَ ورَغُمَ : يَرْغَمُ ويَرْغُم .
وفي الحديث الشريف : رَغِمَ أنْفُهُ (ثلاثاً ) ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من أدرك أبويه أو أحدهما ولم يدخل الجنّة .
ويقال : أرغَمَ الله أَنفه ، أي ألزقه بالرَّغام وهو التراب .
وقال ابن سيده : الرَّغامُ والرُّغام ما يسيل من الأنف وهو المخاط .
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : من قال الرُّغام فيما يسيل من الأنف فقد صحّف .
والمُراغَم : السَّعَة والمضطرب ، وقيل المذهب والمهرب في الأرض .
( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً ... )
[النساء :100]
*** ***
(19)
قَلَمُ الطالب وكتابه
أم قلم وكتاب الطالب
الأصـوب : قلمُ الطالب وكتابه ، حتى لا يكون هناك مضافان إلى مضافٍ إليه واحد .
وكثيرون يقولون : قلمُ وكتابُ الطالب ، وهذا تعبير غير سليم ، حيث فُصِل بين المضاف "قلمُ " والمضاف إليه " الطالب " بمضاف آخر وهو كتاب .
*** ***
(20)
حيثَ إِنّ
أم حيثُ أَنّ
يخطئ بعضهم حين يقول " حيث أَنّ " ، فيفتح همزة إِنّ . والصواب أن يُقال : حيث |إِنّ بكسر الهمزة ، وذلك لأن الجملة بعد حيث جملة ابتدائية ، فإن كانت جملة اسمية فتعرب الكلمة الأولى مبتدأً .
فنقول : حيثُ الولدُ نائِمٌ . فالولد مبتدأ ، ونائم خبر .
وحيث إنَّ الولدَ نائم .
وكذلـك ، " فإنّ " تكسـر همزتها أول الكلام ، وتكسر في جملة مقولة القول ، كقولك :
قال إنّه سيذهب .
وكذلك : إِنّ الطالب جادٌّ .
*** ***
(21)
علمتُ أَنْ سيعودُ إِلينا
أم علمتُ أنْ سيعودَ إلينا
يخطئ بعضهم حين يقول : علمَ أن سيعودَ ، فيعتبر أن ناصبة للفعل المضارع ، وهذا خطأ . " فأنْ " هنا ليست ناصبة للفعل فأن الناصبة لا يجوز أن يفصل بينها وبين الفعل المضارع : حرف السين ، أو سـوف ، أو قـد ، أو ما ، أو لو ، فإذا فَصَلـت هذه الحـروف بين " أَنْ " والفعل المضارع ، كانت أَنْ هي المخفّفة من أنَّهُ ، أو أنَّك .
ففي قوله سبحانه وتعالى :
( ... عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ... ) [ المزمل :20 ]
فهنا المعنى : علم أنكم لن تحصوه ، وعلم أنه سيكون منكم ...
وكذلك قوله سبحانه وتعالى :
( أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) [ النجم :28]
أي أَنّه لا تزر وازرةٌ وزْر أُخرى .
فأنْ الناصبة للفعل المضـارع لا يفصلها عن الفعل تلك الحروف ، ولا تُدْغَم بلا . فـ " ألّا تزرُ " تعني : أنَّه لا تزر ، أدُغمت بلا لأنها المخفَّفة من أَنّه .
وكذلك قول جرير :
زَعَم الفـرزدق أن سَيَقْتُل مِرْبعـاً
أَبْشِـرْ بطـول سلامَـةٍ يا مِرْبَـعُ
فهنا تعني كلمة : أن سيقتُلُ أنه سَيْقتلُ .
*** ***
(22)
رأيتُهُ بالأمـسِ
أم رأيته أمس
كلاهما صحيح ، ولكنْ لكل منهما معنى مغاير للآخر . فمعنى رأيتُه بالأمسِ ، تعني أيَّ يوم قبل الذي أنتَ فيه ، وليس اليوم الذي قبله فقط .
وذلك في قوله سبحانه وتعالى :
( وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ ... ) [ القصص :82]
وأما كلمة " أمسِ " المبنيّة على الكسر فإِنها تعني اليوم قبل اليوم الذي أنت فيه فقط . فتقول : لقيتُه أمْسِ في المدرسة
وتقول : ما رأيتُـه مُذْ أوَّلَ مِنْ أَمسِ ، أي قبل يومين من اليوم الذي أنت فيه .
وتقول : " ما رأيته مذ أوّلَ من أوّل من أمس " . إذا كان ذلك قبل ثلاثة أيام من يومك الذي أنت فيه .
وانظر في قول البحتري في وصف إيوان كسرى ، يجمع بين أوّل أمس ، وأوّلَ من أمس :
وكـأن اللقـاءَ أَوّلَ مِـنْ أمــ
ـسِ ووشكَ الفـراقِ أَوّلَ أمـسِ
وإذا أريد بـ " أمسِ " يومٌ من الأيام الماضية ، أو دخلته " ألـ " التعريف ، أو أضيف ، أُعْرِبَ بالإجماع .
أما إذا أريد به اليوم الذي قبل الذي أتت فيه ، ففيه أقوال ثلاثة أهمها البناء على الكسر مطلقاً ، والقول الثاني إعرابه إعراب مالا ينصرف في حالة الرفع خاصّةً ، وبناؤه على الكسر في حالتي النصب والجر في لغة جمهور بني تميم ، والقول الثالث إعرابه إعراب مالا يتصرف مطلقاً في لغة بعض بني تميم .
*** ***
(23)
بئر عميقة
أم بئر عميق
يخطئ بعضهم فيقولون بئر عميق ، يذكّرون " بئر " . والصواب بئر عميقة لأن هذه الكلمة مؤنثة .
وفي كتاب الله :
( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ ) [ الحج :45]
وتجمع كلمة بئر على : آبار ، وأبآر ، وأبؤر ، وآبُر ، وبِئار .
والبآَّر : الذي يحفر البئر .
وابتأَر : حفر .
والفعل : بأَر .
وأَبْأرَ فلاناً :جعل له بئراً .
*** ***
(24)
بائسون أم بؤساء
يخطئ بعضهم فيجمع كلمة بائس على بؤساء . وهذا خطأ ، والصواب : بائسون ، أو بُؤْس : وقال تأبّط شراً :
قد ضقـتُ من حبّها مالا يضيقني
حتى عُدِدْتُ من البُؤْسِ المساكيـن
أما " بؤساء " فهي جمع كلمة " بئيس " . ومعنى " بئيس " شجاع .
وتأتي كلمة " بئيس " بمعنى شديد ، كما في قوله سبحانه وتعالى :
( ... وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ )
[ الأعراف :165]
والأصل : البَأْس وتعني : العذاب أو الشدّة في الحرب ، والبأساء : الحرب والمشقة والضرب .
وَبؤُسَ يبؤُسُ بأَساً فهو بَئيس أي شجاع .
بَئِسَ يَبْأسُ بُؤساً وبُؤوساً وبأساً وبؤْسَى وبَئيسى : اشتدت حاجته . فالبؤس : الشدة والفقر ، بئيس ، بائس : فقير .
والبأساء والأبؤس : الداهية
وعذابٌ بِئْسٌ وَبئيس : شديد .
ويُقال : لا بأس عليك ، أي لا خوفَ عليك .
وقال تعالى :
( ... سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ... ) [ الفتح :16]
وقوله سبحانه وتعالى :
( ... فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) [ هود:36]
أي لا تحزن ولا تَستِكِنْ .
المُبتَئِس : الكاره والحزين ، والبَؤوس : الظاهر البُؤس .
وبِئسَ : نقيض نِعْمَ : بِئْسَ الرجل زيد ، وبِئْسَت المرأة هند .
والخلاصة أن " بؤساء " جمع " بئيس " بمعنى الشجاع وبائسون أو بُؤس : جمع بائس . ولقد أخطأ حافظ إبراهيم رحمه الله حين ترجم لكتاب فيكتور هيجو : (les mesarables ( بالبؤساء ، والصحيح : البائسون .
*** ***
(25)
دون
أم بدون
شاع بين الناس استعمال كلمة " بدون " بمعنى بغير . فيقولون نريد الطعام بدون ملح .
ولم يُجز أحد إدخال حرف الجرّ الباء على دون ، إلا سيبويه
فتقول : نريد الطعام دون ملح .
*** ***
(26)
حضر الطلابُ جميعهم
أم حضر جميع الطلاب
والأصوب في لغة العرب أن تقول : حضر الطلاب جميعهم ، وليس جميع الطلاب ، ولو أن الأخيرة انتشرت وكثر استعمالها .
أو جاء الطلاب أجمعون .
ذلك لأن كلمة جميع ، وأجمع ، كلمات يؤكد بها للمعرفة ، وكذلك : أجمعون ، وجمعاء ، وجُمَع ، لا تكون إلا تأكيداً تابعاً لما قبله ، ولا يُبْتدأ به ، ولا يُخبَر به .
وأجمعون : جمعُ أجمع ، وأجمع واحد في معنى جَمْع ، وليس له مفرد من لفظه . والمؤنّث جمعاء .
ويقال : جاء القوم بأجمعهم .
*** ***
(27)
حَذِرَه
أم حَذِر منه
يخطئ بعضهم فيقولون : حَذِرَ منه ، ولكن الصواب : حَذِره .
ففعل حَذِرَ لا تأخذ حرف جر ، وإنما تتعدّى إلى المفعول به .
وفي قوله سبحانه وتعالى :
( ... وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ... ) [ المائدة :49]
ولكن بعضهم يجيز حذر منه .
*** ***
(28)
كلمات تذكّر وتؤنث
سُوق : تذكر وتؤنث ، وكذلك :
طريق : وجمعها طرُقٌ ، وأَطْرُقٌ ، وأطْرِقاء ، وأطرقة ، وجمع الجمع : جج : طُرُقات .
السبيل : الطريق ، وما وضح منه . وجمعها سُبُلٌ ، والسبيلة أيضاً : الطريق .
*** ***
(29)
ساق طويلة
أم ساق طويل
الصواب أن كلمة الساق مؤنثة إذا كانت تعني ذلك الجزء ما بين الركبة إلى الكعب ، فنقول :
ساق طويلة
*** ***
(30)
سائر الطلاب
سائر تعني البقية وليس الجميع .
وهي من الفعل : سَأَرَ يَسْأرُ فهو سَائِر .
وفي الحديث الشريف :
" فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام "
[ أخرجه ابن ماجه عن أنس صحيح الجامع الصغير وزيادته رقم 4210]
*** ***
(31)
شاق يشوق
الشوق والاشتياق : نزاعُ النفس وحركة الهوى . وجمعه : أشواق .
نقول شاقه حبُّها ، أو شوَّقه حبّها ، إذا هيّج الشوق ، وأشاقه ، فهو شائق .
وشاق إليه شوقاً ، وتشوَّق ، واشتاق اشتياقاً .
وقول ابن الأعرابي :
إلـى ظـعُـن للمالكيّـة غـدوةً
فيا لَك من مرأَى أشـاقَ وأبعـدا
أي وجده شائقاً بعيداً .
ومن الأخطاء استخدام كلمة : شيّق بدلاً من شائق التي هي الصواب .
*** ***
(32)
حار يحارُ
حارَ يحارُ حَيرةً وحَيْراً وحَيَراً وحَيَرَاناً .
وكذلك : تحيَّر واستحار ، فهو حَيْرانُ وحائر .
والخطأ قول بعضهم : احتار ، فهذا اللفظ ، وهذا الاشتقاق لا نجده في المعاجم ولا في المراجع ولا في لغة العرب .
*** ***
(33)
كلا وكلتا
يخطئ من يقول :
كلا الرجلين حضرا ، أَو كلتا المرأتين حضرتا .
والصواب أن يقول :
كلا الرجلين حضر ، وكلتا المرأتين حضرت .
ذلك لأن كلا وكلتا اسمان مفردان ، وليس مثنيين .
وفي قوله سبحانه وتعالى :
( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً ... ) [ الكهف : 33]
*** ***
(1) من ديوان أبي العتاهية : دار الكتاب العربي ـ ص: 51 .
(1) من ديوان أبي العتاهية : دار الكتاب العربي ـ ص : 68 .
(1) من ديوان أبي فراس : دار بيروت ، ص : 55 .
(1) من ديوان أبي العتاهية ـ دار الكتاب العربي : المقدمة ـ ص : 14 .
(1) من ملحمة الإسلام في الهند للدكتور عدنان بن علي رضا النحوي ـ ص: 180 .
موقع النحوي