مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

بوابتك نحو متعة التعلم

 
            
 
 




    فقــه الأولـويات

    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 179137
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    فقــه الأولـويات Empty فقــه الأولـويات

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/9/2009, 3:27 pm

    فقــه الأولـويات

    حاجة الأمة إلى فقه الأولويات:

    أصاب أمتنا اليوم خلل كبير في معايير أولوياتها، حتى أصبحت تُصغِّر الكبير وتُكبِّر الصغير، وتُعظِّم الهين وتُهوِّن الخطير، وتُؤخِّر الأول وتُقدِّم الأخير، وتهمل الفرض وتحرص على النفل، وتثور للصغائر وتستهين بالكبائر، وتعترك من أجل المختلَف فيه، وتصمت عن تضييع المُتفَق عليه.. كل هذا يجعل الأمة اليوم في أمَسِّ الحاجة -بل في أشد الضرورة- إلى (فقه الأولويات)، لتُبدئ فيه وتُعيد، وتناقش وتحاور، وتستوضح وتتبين، حتى يقتنع عقلها، ويطمئن قلبها، وتستضيء بصيرتها، وتتجه إرادتها بعد ذلك إلى عمل الخير وخير العمل[1].

    تعريفه:

    يُقصد بفقه الأولويات: "العلم بالأحكام الشرعية التي لها حق التقديم على غيرها بناء على العلم بمراتبها وبالواقع الذي يتطلبها"[2].

    فتقديم حكم على آخر يكون بناء على:

    فقه بأحكام الشرع وبمراتبها، وبالأهم منها من المهم، وبالقطعي منها من الظني، وبالأصل منها من الجزء وبالكبير من الصغير.. وبعبارة موجزة بالخريطة الشرعية للأحكام.

    فقه بالضوابط التي يتم بناء عليها ترجيح حكم على آخر في حالة التزاحم أو في غير حالة التزاحم.

    فقه بالواقع والظروف التي يتحرك فيها الداعية...

    التأصيل الشرعي لفقه الأولويات[3]:

    أولاً: الأولويات في القرآن الكريم:

    ورد لفظ "أولى" في القرآن الكريم إحدى عشر مرة كلها ترتد إلى معناها اللغوي الأصلي وهو: "الأحق" و"الأجدر"، ولم يرد بالجمع مطلقًا. كما جاء بالمعنى في آيات عديدة تحث المؤمن على السعي للأفضل والأكمل في كل شئ؛ مثل: قوله تعالى: {فَبِشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}[4]، {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ}[5]، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[6].

    وبما أن منهج الأولويات في حقيقته منهج دعوي يقوم على التدرج والمرحلية في إلزام المسلمين بأحكام الإسلام فقد نزل القرآن منجمًا ولم ينزل جملة واحدة، كما بدأ بأحكام العقيدة قبل أحكام الشريعة، وبدأ في العقيدة بالإيمان بالله قبل أركان الإيمان الأخرى، وبدأ في العبادات بالصلاة قبل غيرها... مقدمًا في كل هذا الأهم على المهم.

    وإذا كان من المعروف أن الأولويات تتوقف على الموازنات، وأن الموازنة خطوة أُولى لمعرفة الأولى، فقد وردت في القرآن الكريم أولويات كثيرة قامت على الموازنة ومنها:

    · السلم أولى من الحرب: {وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوَهُمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوَهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الكَافِرِينَ}[7]، وقال: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ}[8].

    · طلب الأعلى أولى من طلب الأدنى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بَالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ}[9].

    · الإخفاء في التطوعات أولى من الإظهار: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[10].

    · العناية بالجوهر أولى من العناية بالشكل: {لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ}[11].

    · العمل للآخرة أولى من العمل للدنيا: {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ المُتَّقِينَ}[12].

    ثانيًا: الأولويات في السنة النبوية:

    يصعب حصر ما ورد في السنة النبوية من استعمال للأولويات، سواء بالمعنى اللغوي أو من حيث التطبيق؛ لذا سنقتصر هنا على ذكر بعض النماذج منها، والتي تبين أصالة هذا الفقه في السنة النبوية الشريفة:

    أ‌- نماذج من الأحاديث التي ورد فيها لفظ "أولى" في السنة النبوية:

    قال e: "أنا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ من نَفْسِهِ"[13].

    وقال: "أنا أَوْلَى الناس بِعِيسَى بن مَرْيَمَ في الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ "[14].

    وقال: "إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام"[15].

    ب‌- نماذج من التوجيه الأَوْلوي في السنة النبوية:

    - عن أبي مُوسَى رضي الله عنه قال: "قالوا يا رَسُولَ اللهِ e أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قال من سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ من لِسَانِهِ وَيَدِهِ"[16].

    - عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ e سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فقال: "إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ. قِيلَ ثُمَّ مَاذَا؟ قال: حَجٌّ مَبْرُورٌ".

    - عن عبد اللهِ بن مَسْعُودٍ قال: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ e أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قال: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا. قال: قلت ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قال قلت ثُمَّ أَيٌّ؟ قال: الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ. فما تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إلا إِرْعَاءً عليه"[17].

    - عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: "قال رسول اللهِ e أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ"[18].

    ج- نماذج من الأولويات في السنة النبوية:

    · بر الوالدين أفضل من الجهاد في سبيل الله:

    عن عبد اللهِ بن عَمْرٍو قال: "قال رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ e أُجَاهِدُ؟ قال: لك أَبَوَانِ؟ قال: نعم. قال: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ"[19].

    · التيسير أولى من التعسير:

    عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي e قال: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إلا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ من الدُّلْجَةِ"[20].

    · العناية بأعمال القلوب أولى من العناية بأعمال الجوارح:

    عن أبي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ إلى النبي e قال: "إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ إنما يَنْظُرُ إلى أَعْمَالِكُمْ وَقُلُوبِكُمْ"[21].

    · الاشتغال بالعلم أولى من الاشتغال بالأعمال التطوعية:

    عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قال: "ذُكِرَ لِرَسُولِ اللهِ e رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا عَابِدٌ وَالْآخَرُ عَالِمٌ؛ فقال رسول اللهِ e فَضْلُ الْعَالِمِ على الْعَابِدِ كَفَضْلِي على أَدْنَاكُمْ"[22].

    نماذج أخرى من الأولويات:

    بالإضافة إلى ما سبق من نماذج للأولويات وردت في كل من الكتاب والسنة فإننا نورد هنا بعض النماذج الأخرى لإلقاء الضوء عليها، لا سيما أن الأمة في أمس الحاجة إلى الالتزام بها في وقتنا هذا:

    · أولوية العلم على العمل:

    من أهم الأولويات المعتبرة شرعًا: أولوية تقديم العلم على العمل. فالعلم يسبق العمل، وهو دليله ومرشده. وإنما كان العلم مقدما على العمل؛ لأنه هو الذي يميز الحق من الباطل في الاعتقادات، والصواب من الخطأ في المقولات، والمسنون من المبتدع في العبادات، والصحيح من الفاسد في المعاملات، والحلال من الحرام في التصرفات، والفضيلة من الرذيلة في الأخلاق، والمقبول والمردود في المعايير، والراجح والمرجوح في الأقوال والأعمال. وما أصدق ما قاله الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: من عمل في غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح[23].

    · أولوية المقاصد على الظواهر:

    ومما يدخل في "الفقه" المراد: الغوص في مقاصد الشريعة، ومعرفة أسرارها وعللها، وربط بعضها ببعض، ورد فروعها إلى أصولها، وجزئياتها إلى كلياتها، وعدم الاكتفاء بالوقوف عند ظواهرها، والجمود على حرفية نصوصها.

    فالشارع سبحانه وتعالى لم يشرع شيئًا إلا لحكمة، وكما قال أولو الألباب في خلقه: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ}[24] نقول نحن في شرعه: ربنا ما شرعت هذا إلا لحكمة!.

    وآفة كثير ممن اشتغلوا بعلم الدين: أنهم طفوا على السطح، ولم ينزلوا إلى الأعماق؛ لأنهم لم يؤهلوا للسباحة فيها، والغوص في قرارها، والتقاط لآلئها، فشغلتهم الظواهر، عن الأسرار والمقاصد، وألْهتهم الفروع عن الأصول، وعرضوا دين الله وأحكام شريعته على عباده، تفاريق متناثرة لا يجمعها جامع، ولا ترتبط بعلة، فظهرت الشريعة على ألسنتهم وأقلامهم كأنها قاصرة عن تحقيق مصالح الخلق، والقصور ليس في الشريعة، وإنما هو في أفهامهم التي قطعت الروابط بين الأحكام بعضها وبعض، ولم يبالوا أن يفرقوا بين المتساوين، ويجمعوا بين المختلفين، وهو ما لم تأت به الشريعة قط، كما بين ذلك المحققون الراسخون.

    · مراعاة سنة التدرج:

    ومن التيسير المطلوب هنا: مراعاة سنة التدرج، جريا على سنة الله تعالى في عالم الخلق، وعالم الأمر، واتباعًا لمنهج التشريع الإسلامي في فرض الفرائض من الصلاة والصيام وغيرهما، وفي تحريم المحرمات كذلك.

    ولعل أوضح مثل معروف في ذلك هو تحريم الخمر على مراحل معروفة في تاريخ التشريع الإسلامي، لا يجهلها دارس.

    وهذه السنة الإلهية في رعاية التدرج ينبغي أن تتبع في سياسة الناس عندما يراد تطبيق نظام الإسلام في الحياة اليوم، بعد عصر الغزو الثقافي والتشريعي والاجتماعي للحياة الإسلامية.

    فإذا أردنا أن نقيم "مجتمعًا إسلاميًا حقيقيا" فلا نتوهم أن ذلك يتحقق بجرة قلم، أو بقرار يصدر من ملك أو رئيس، أو مجلس قيادة أو برلمان.

    إنما يتحقق ذلك بطريق التدرج، أي بالإعداد والتهيئة الفكرية والنفسية والأخلاقية والاجتماعية، وإيجاد البدائل الشرعية للأوضاع المحرمة التي قامت عليها مؤسسات عدة لأزمنة طويلة.

    ولا نعني بالتدرج هنا مجرد التسويف وتأجيل التنفيذ، واتخاذ كلمة التدرج "تكأة" لتمويت فكرة المطالبة الشعبية الملحة بإقامة حكم الله، وتطبيق شرعه، بل نعني بها تعيين الهدف، ووضع الخطة، وتحديد المراحل، بوعي وصدق، بحيث تسلم كل مرحلة إلى ما بعدها بالتخطيط والتنظيم والتصميم، حتى تصل المسيرة إلى المرحلة المنشودة والأخيرة التي فيها قيام الإسلام، كل الإسلام.

    وهو نفس المنهاج الذي سلكه النبي e لتغيير الحياة الجاهلية إلى حياة إسلامية.

    · أولوية العمل في زمن الفتن:

    ومن الأولويات المطلوبة: أن يكون العمل في أزمان الفتن والمحن والشدائد التي تحيق بالأمة؛ فالعمل الصالح هنا دليل القوة في الدين، والصلابة في اليقين، والثبات على الحق. كما أن الحاجة إلى صالح العمل في هذا الزمن أشد من الحاجة إليه في سائر الأزمان.

    ففي الصحيح: "عن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال رسول اللهِ e الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللهِ من الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وفي كُلٍّ خَيْرٌ"[25].

    وقوله: "سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قال إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله"[26].

    وأكد هذا e: "أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أو أَمِيرٍ جَائِرٍ"[27].

    ومن أجل هذا كان فضل الثابت على دينه، في أزمان الفتن، وأيام المحن، حتى جعل بعض الأحاديث المستمسك بدينه في أيام الصبر، له أجر خمسين من بعض الصحابة[28].

    · أولوية الولاء للجماعة والأمة على القبيلة والفرد:

    ومما يؤكد هذا المعنى: ما جاء به القرآن، وأكدته السنة من تقديم الولاء للجماعة، والشعور بمعنى الأمة، على الولاء للقبيلة والعشيرة؛ فلا فردية، ولا عصبية، ولا شرود عن الجماعة. يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}[29].

    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[30].

    نتائج البحث:

    نخلص مما سبق أن مراعاة فقه الأولويات ذات أولوية كبرى في عصرنا هذا، وأن هذا الفقه يجد أصله في كتاب الله وسنة رسوله، وفي اجتهاد الصحابة والتابعين.. مما ينبغي معه تركيز الضوء عليه ومراجعة أهم الكتب التي تناولته بتوسع مثل: كتابي الشيخ يوسف القرضاوي والدكتور محمد الوكيلي اللذين اعتمدنا عليهما بشكلٍ أساسي في هذا البحث، وكذلك كتاب أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة للدكتور يوسف القرضاوي، وأولويات الفاروق عمر السياسية للدكتور غالب عبد الكافي القرشي.



    طالع أيضا:

    · فقـــه المقاصــــد

    · معالم في فقـه الدعـوة

    · معالم الوسـطية ومجالاتها

    [1] أ.د/يوسف القرضاوي، في فقه الأولويات- دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة، الطبعة الرابعة، القاهرة: مكتبة وهبة، سنة (1422 هـ - 2000م).

    [2] د/محمد الوكيلي، فقه الأولويات - دراسة في الضوابط، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1،1997)

    [3] راجع: د/محمد الوكيلي، فقه الأولويات..، المرجع السابق، باختصار.

    [4] الزمر: 17-18.

    [5] الإسراء: 53.

    [6] النحل: 125.

    [7] البقرة:191.

    [8] الأنفال:61.

    [9] البقرة:61.

    [10] البقرة:271.

    [11] البقرة:177.

    [12] النحل:30.

    [13] صحيح مسلم، ورواه أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة عن جابر.

    [14] متفق عليه، ورواه أحمد في مسنده، وأبو داود عن أبي هريرة.

    [15] رواه أبو داود في سننه عن أبي أمامة.

    [16] صحيح البخاري، جـ1، ص13.

    [17] صحيح البخاري، جـ1، ص197.

    [18] صحيح مسلم، جـ2، ص821.

    [19] صحيح البخاري، ج3، 1094.

    [20] صحيح البخاري، جـ1، ص23.

    [21] سنن ابن ماجة، ج2، ص1388.

    [22] سنن الترمذي، جـ5، ص50.

    [23] انظر العلامة يوسف القرضاوي في كتابه: فقه الأولويات - دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة، مرجع سابق.

    [24] آل عمران:191.

    [25] صحيح مسلم، جـ4، ص2052.

    [26] المستدرك على الصحيحين، جـ3، ص215.

    [27] سنن أبي داود، جـ4، ص124.

    [28] فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه في سننهم عن أبى أمية الشعباني قال: سألت أبا ثعلبة الخشني قال: قلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: (عليكم أنفسكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم، إلى الله مرجعكم جميعا). قال: أما والله لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ائتمروا بالمعروف، وانتهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحًا مطاعًا، وهوىً متبعًا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياما، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله" رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن غريب، زاد أبو داود والترمذي: قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال: "بل أجر خمسين منكم".

    [29] النساء:135.

    [30] المائدة:8.



    ** المصدر: الوسطية أون لاين

    * سلسلة رسائل تصدر عن وحدة التأصيل الشرعي بالمركز العالمي للوسطية.

      الوقت/التاريخ الآن هو 9/5/2024, 1:05 am