مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

بوابتك نحو متعة التعلم

 
            
 
 




    الملك هو الملك

    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:42 pm

    مسرحیة : الملك هو الملك

    سعد الله ونّوس

    ملاحظتان صغیرتان
    یمكن أن نبدأ المسرحیة، وعبید یقرأ الملاحظات الأولى (یدخل الشخوص إلى المسرح.. الخ)، ویرافق القراءة دخول •
    .الممثلین، وذلك لتأكید أن عبیداً وزاهداً هما اللذان یقودان اللعبة
    .اللافتات یقرأها عبید وزاهد •
    مدخل
    یدخل الشخوص إلى المسرح، كما لو كانوا مجموعة من لاعبي السیرك. حیویة. حركات بهلوانیة. أوضاع تشكیلیة
    تتوافق مع فقرات المقدمة. الجمیع یرتدون ملابس شخصیاتهم. الملك . الوزیر. السیّاف. مقدم الأمن. میمون. أبو عزة
    المغفل. أم عزة. عرقوب. عبید وزاهد، أما شهبندر التجار والشیخ طه، فیقفان في زاویة بعیدة وهما یعبثان ببعض
    .(الدمى المعلقة بخیوط. ینفصل عبید وزاهد عن المجموعة. هما اللذان یقودان اللعبة
    !عبید: (منادیاً وسط الضوضاء) هي لعبة
    .أبو عزة : هي لعبة
    ..الملك: نحن نلعب
    یتناقل الشخوص كلمة اللعبة، بصورة فوضویة، وطبقات صوتیة متنوعة. بعد قلیل یدق عبید الأرض بعصا یحملها.
    . یصمت الجمیع، وتسكن الحركة
    !عبید : الكل جاهز
    .أصوات : تتدافع دون تناسق) نعم الكل جاهز .فلنبدأ -
    !السیاف : دعوني أسأل قبل أن نبدأ. أأنا سیاف أم جلاد
    !زاهد: وما الفرق
    .السیاف : إني أحمل بلطة لا سیفا
    !.. عبید: لا یهم.. ستكون سیافاً یحمل بلطة (إلى الجمیع) .. یالله
    یبدأ الشخوص بالانقسام إلى مجموعتین. زاهد ینظم عرقوب وأبو عزة وأم عزة في مجموعة، وعبید ینظم الملك، )
    .(والوزیر، والسیاف ومقدم الأمن، ومیمون في مجموعة ثانیة تقف في مواجهة الأولى
    ..الشیخ والشهبندر: ونحن؟
    ..عبید: أما الشهبندر التجار والشیخ طه، فإنهما ینتحیان ركنا، ویعبثان بالشخوص والدمى
    ینتحي الشهبندر والشیخ ركنا قصیا متابعین عبثهما بالدمى.. في الزاویة المقابلة لهما تماما، یقف عبید وزاهد.. یدق ) عبید الأرض بعصاه. تبدأ اللعبة )
    .عرقوب : ووراءه تقف المجموعة الأولى) مسموح
    .السیاف: ( ووراءه تقف المجموعة الثانیة) ممنوع
    .عرقوب: مسموح
    .السیاف: ممنوع
    عرقوب: والحرب بین المسموح والممنوع قدیمة قدم البشریة. الدهماء. الرعاع. العامة. ولنا من الأسماء ما لا یحصى، لا نشبع من طلب المسموح

    .السیاف: والعظام: الملوك. الأمراء. السادة. ولنا من الأسماء ما لا یحصى لا نتعب من فرض الممنوع
    .عرقوب: نحن نشد
    .السیاف: ونحن نشد
    عرقوب: وخلال قرون وقرون هم یشدون ، ونحن .. (یتوقف. یرخي یدیه علامة عدم الشد) لن أطیلالشرح. المهم..
    . استقرت أخیراً بلادنا المیمونة على الحكمة القدیمة المأمونة. المسموح على قدر الممنوع
    .السیاف: تمام.. المسموح على قدر الممنوع. وفي التوازن السلامة والأمان
    !عرقوب: أن نتخیل
    .السیاف: مسموح
    !عرقوب: أن نتوهم
    .السیاف: مسموح
    !عرقوب: أن نحلم
    ..السیاف: مسموح .. ولكن حذار
    .عرقوب: أن یتحول الخیال إلى واقع
    .السیاف: ممنوع
    .عرقوب: أو یتحول الوهم إلى شغب
    .السیاف: ممنوع
    .عرقوب: أو تتحد الأحلام، وتتحول إلى أفعال
    .السیاف: ممنوع
    .عرقوب: تلك هي الحكمة القدیمة المأمونة. التي تسیر على هدیها دولتنا المیمونة. المسموح على قدر الممنوع
    .میمون: إذن نحن الآن في مملكة خیالیة
    .عزة: وحكایتنا وهمیة
    .الملك: نعم.. نعم ما هي إلا حكایة وهمیة
    .عرقوب: ونحن نحلم. لكل واحد حلمه ، یلازمه مثل ظله (ینادي) أحلام .. احلموا جمیعاً. الأحلام مسموح بها
    ..السیاف: ولكن حذار
    .عرقوب: لا.. لا.. هي أحلام فردیة لا تتحد، ولا تفعل. (یكرر النداء) أحلام.. احلموا جمیعاً. الأحلام مسموح بها
    (تدب الحیویة في كل الشخصیات ، وینفرط تكتلهم في مجموعتین. تقریبا یتزاحمون على روایة أحلامهم )
    أبو عزة : وهو یدور كالأهبل) أصبح سلطان هذه البلاد. وأشد القبضة ولو یومین على العباد. (مغنیاً) أنقش الختم على .بیاض، فینقضي أمري بلا اعتراض. طه، الشیخ الخائن المخادع. أجرّسه على حمار بین العامة، ثم أشنقه بلفة العمامة
    وشهبندر التجار الكبیر، ومعه تجار الحریر، الذین یسیطرون على الأسواق، ویتحكمون بالتجارة والأرزاق. أجلدهم
    حتى أشفي غلیلي، ثم الخلان الذین انفضوا عني اذ رأوا افلاسي، فسأرمي بهم في الزنازین عبرة للجاحدین
    ( مغنیا )
    . وبعد هذا نخلع العذارا، ونجعل اللیل نهارا
    .أم عزة: تزیحه بجفاف) أخلع أولا هذه الأوهام التي تخبل رأسك
    .أبو عزة: ثم أستبدل بهذه المرأة النكداء ألف محظیة حسناء
    أم عزة: بلهجة واقعیة) ولكن لمن أشكو بلائي..! عندي رجل قلیل الهمة، عدیم الحیلة. تكاتف علیه أولاد الحرام، وهم في هذه الأیام أكثر من أولاد الحلال. فسرقوا ماله، وأودوا بتجارته. حل الافلاس، وبدأت تتراكم الدیون والسندات. بعنا كل ما لدینا، ولم یبق إلا الدار التي تؤوینا. أصبحنا على الحصیر. زوجي غرق في الطاس والأوهام، وابنتي
    الوحیدة لن یطلبها رجل كریم ونحن في هذا المقام. لكن لمن أشكو بلائي. آه لو أستطیع المثول بین یدي الملك. لم یبق
    سواه كي ینصفنا ، ویرفعنا من الهوة التي رمونا إلیها
    .أبو عزة: الآن.. آن القهر للحساد، ما دمت سلطان البلاد
    ..عرقوب: ( منادیا) أحلام.. احلموا جمیعاً.. الأحلام مسموح بها
    الوزیر: أنا الوزیر بربیر الخطیر. لا أتمنى إلا أن أظل إلى جانب الملك. أسعفه بتدبیري ، وأوجه الأحكام وسیاسة البلاد بمشورتي
    .الملك: أنا الحلم.. إني الحلم نفسه. فماذا أرید (متأففا) لا أرید شیئاً.. أیها الوزیر اني ضجر
    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:42 pm

    ( ینسحب الملك، فیتبعه الوزیر)
    .الوزیر: وأنا الظل الذي یتبعك، ویمتد وراءك
    .میمون: إني میمون حاجب ایوان الملك ومقصورته. غایة أحلامي هي أن أرفّ في خاطر مولاي حین یلم به الضجر
    عزة: ( بحیاء، عیناها حالمتان.. عرقوب یتأملها بوجد) سیأتي من بلاد بعیدة. یدخل المدینة كالریح أو العاصفة. وجهه
    شمس ورخام، ونظرات عینیه ضربات خناجر براقة. سیفزع الرجال من نظراته ، ویهرولون إلى البیوت. تخلو
    الشوارع، وتختبئ التفاهة.. وهو یخترق المدینة سیعطر هواءها الفاسد، وینقي جوها المسموم بالجور والذل. كالریح
    أو كالعاصفة سیخترق الشوارع حتى یصل إلي. یصبح وجهه مرجا أ خضر، ونظراته عشبا ندیا. لن تكون لغة أو
    كلام. ستتلاقى اللهفة مع اللهفة، ونرتبط كخصلتین في جدیلة. ثم نذهب بعیداً. لا أدري إلى أین. ولكن بعیدا.. بعیدا..
    إلى بلاد هواؤها نقي، وأیامها فرح وضوء. الناس فیها أسویاء، ولا ینفقون كالكلاب في الجوع والذل. لا أدري أین.
    ولكن بعیدا.. بعیدا .. بلاد هواؤها نقي وأیامها فرح وضوء. اني أنتظره. ولن أتعب من انتظاره
    .أبو عزة: ( وهو یدور مغنیاً) وبعد هذا نخلع العذارا ونجعل اللیل نهارا
    .عرقوب: ( منادیا) أحلام.. احلموا جمیعاً
    السیاف: القلوب الضعیفة تظن أن قطع الرقاب مهنة كریهة. وهناك عقول خائرة تتوهم أن سیافا مثلي لا یذوق الراحة
    في رقاده. ولكن أقول، وأنا أعرف جیدا ماذا أقول. هذه المهنة تسكرني باللذة. أي نشوة حین أهوي بالبلطة! أي نوة
    حین یتدحرج الرأس! أي نشوة حین تنبثق نوافیر الدم! أكثر من النشوة. هي رعشة حسیة لا توصف. لقد ذاقها الملك
    مرة. لا أدري من أین جاءته تلك النزوة. نفذ أحد الأحكام بنفسه، فأدركت من رخاء حركاته أنه تذوق تلك الرعشة. لم
    ألمح وجهه الا خلسة، ولكن شعرت ان نظرته تختلج فیها الغیرة. آه.. اذا لم أبق السیاف فماذا أستطیع أن أكون! أقول،
    .وأنا أعرف جیدا ماذا أقول.. لا شيء مجرد ظل أو غبار
    عرقوب: وعرقوب! بماذا یحلم؟
    .أبو عزة: ( مازال یدور ویغني) وأنقش الختم على بیاض فینقضيأمري بلا اعتراض
    عرقوب: ( مشیرا إلى أبي عزة) هذا معلمي وأنا خادمه. دخلت في خدمته عندما كان ذا یسر ومال. ثم لم أتركه بعد أن
    انقلب علیه الزمان، وضاع ملكه في خبر كان. منذ فترة طویلة لم یدفع لي أجراً. بل ولحس معظم ما ادخرته على
    سبیل الدین. طبعا كله مسجل في الدفتر وحسب الأصول. بقائي عنده یبدو محیّراً. وأن یكون هو السید وأنا الخادم یبدو
    مضحكاً. بعض الناس یقول إني أكثر غباء من سیدي. والبعض یرى أن الشهامة سبب بقائي. أما أنا فلست غبیا، ولست
    شهما كما یظنون. القصة وما فیها أن الهوى تملكني، والرغبة في وصال ابنة سیدي عزة تلهب لي جسدي. لو رحلت
    الآن لضاعت دیوني، وخاب الأمل في قلبي. أما اذا بقیت فستزید الدیون. تزید وتزید حتى تصبح مهرا لائقاً لها. عندئذ
    ماذا یمكن أن یفعلوا ! أما الدیون وكلها مسجلة حسب الأصول، واما السترة وعقد القرآن. ذلك الیوم لن یجدوا مخرجا
    . من حصاري، وسأنال بغیتي ومرادي. ولكن متى یأتي ذلك الیوم، وأحضن عزة في الیقظة لا في الحلم
    ..أبو عزة : عرقوب.. اتبعني یا عرقوب. وأنقش الختم على بیاض، فینقضي أمري بلا اعتراض
    عرقوب: ( وهو یتبعه) ذلك الیوم.. أنت الذي ستتبعني.. (منادیا قبل أن یخرج) أحلام .. احلموا جمیعا فالأحلام مسموح
    .بها
    .الشیخ طه، والشهبندر: (معا) ونحن.. من المحراب ومن السوق نمسك الخیوط
    .الشیخ طه: خیط یمسك العامة
    .الشهبندر: وخیط یمسك أسباب الرزق والتجارة
    الشیخ طه والشهبندر : وخیط یمسك القصر والملك والسیاسة. نحن نمسك الخیوط. من المحراب ومن السوق. وسنظل نمسك الخیوط
    ینسحبان عابثین بالدمى والخیوط. یبدأ عبید یعاونه زاهد في وضع بقجة تحت سترته.. ویسوّي هیئته بحیث یصبح )
    .(..متسولا.. زاهد یضع حبلا مما یستعمله الحمالون على كتفه
    .عبید: أما نحن، فأفضل أن یدرز كل منا شفتیه، ولا یبوح بما یجول في خاطره
    .زاهد : سنبقى منزویین في هذه الحكایة كما هو حالنا في الحیاة
    .عبید: مرة نظهر هنا. ومرة نظهر هناك، ولكن في فواصل صغیرة وخارج سیاق اللعبة
    .زاهد: أما أحلامنا، فخیر لنا أن ندرز شفاهنا علیها، ولا نبوح بها الآن
    (صوت صفار العسس )
    ..عبید: هیا بنا
    .(.یخرجان راكضین.. یدخل مقدم الأمن وكأنه یطارد شخصا ما. یجول قلیلا، ثم یخرج)
    المشهد الأول
    ."لافتة: "عندما یضجر الملك یتذكر أن رعیته مسلیة، وغنیة بالطاقات الترفیهیة
    البلاط في قصر الملك. مرقاة مكسوة بمخمل ثمین، تنتهي إلى مصطبة یتربع فوقها العرش. كرسي ضخم من )
    الأبنوس والعاج مشبك بالذاهب والمرجان. له ذراعان تنتهي كل منهما برأس تنین أرجواني الألسنة. ما عدا ذلك، ثمة
    أبهة عاریة. أبهة باردة ومنفوخة بالفراغ. لا شيء بارد وعار.. في المؤخرة مدرجات حلزونیة تفضي إلى المخدع
    الملكي. الملك كتلة قماشیة تجلس على العرش. إن حضوره كله یبدو مكثفاً في ثیابه ذات الألوان الحادة، والمعقدة في
    مطرزاتها.. یجب أن تظهر الثیاب وكأنها قالب یرتدي الملك ویشكل قوامه. ما یبرز منها هو العباءة الضخمة،
    المنسوجة من خیوط ذهب وفضة. والتاج الذي ینزلق حتى منتصف الجبهة، وتنفر في مقدمته جوهرة تشع كالجمرة.
    .یبدو غائصاً في عرشه، ویده تقبض على الصولجان بتراخ
    إلى جانبه یقف الوزیر. ثیابه هو الآخر فاخرة، تبدو منشأة وقاسیة. إنها قالب أقل اتساعاً من قالب الملك، وهو مندس
    .فیها لا تظهر منه إلا رأس معمّمة
    في طرف قصيّ عند الباب یقف میمون خافض الرأس في وضع استعداد، وعلى مقربة منه تصطف فرقة الانشاد
    .الملكیة
    .(ینبغي أن تبدو الحركة في هذا المشهد آلیة، وأن تشكل مع فراغ البلاط انطباعا بارداً وأجوف
    :فرقة الانشاد
    أنت مولانا الكریم *** سدت بالملك العظیم
    فابق یا نسل الكرام *** في نعیم لا یرام
    بالغا كل المرام *** في صف حسن الختام
    البشر في جبینه *** والخیر في یمینه
    معززا ومكرما *** فاحفظه یا رب السما
    (یبدو على الملك التأفف. یشیر بیده دون أن یلتفت نحوهم آمراً بالتوقف. یتوقف الغناء فورا كما یطفأ المذیاع)
    ..الوزیر : إلى الفرقة) انصرفوا )
    ( یخرجون بهدوء. یعود میمون إلى وقفته الأولى خافض الرأس. صمت حرج )
    ..الوزیر : هل یسر عالي المقام تصریف بعض الشؤون العاجلة؟
    .الملك: لیس هناك ما هو عاجل، حین یكون مزاجي غیر معتدل
    .الوزیر: لا عكر الله مزاج مولاي. (مترددا) هناك اجراءات ربما یحسن أن نتداول في أمرها
    .الملك: ( بعد فترة) میمون.. دلّك لي أصابع یدي
    .میمون: ( وهو یقترب من الملك بنوع من الخشوع والتبتّل، خافض النظرات) أي شرف یسبغه مولاي على عبده
    .)یركع قرب العرش، یمسك ید الملك كما لو كانت جوهرة نادرة. یبدأ یدلكها . صمت(
    الوزیر : البارحة اجتمع الأعیان لیختاروا هدایاهم من أجل عید التتویج. وفي اجتماعهم صاغوا بعض
    الآراء حول .المرحلة القادمة
    !الملك : ألا یتعبون من صیاغة الآراء
    .الوزیر: تقلقلهم بعض مظاهر التراخي، ویخشون أن تستفحل ، وتنقلب خطراً على مولاي وعلیهم
    .الملك: مولاهم عبر الأخطار الجسیمة. ولن تقض مضجعه فقاعات تطفو على سطح الحیاة في أي مملكة
    .الوزیر: ( مترددا) ومع هذا هناك شؤون وتدابیر ضروریة. إن عید التتویج یقترب
    !الملك: ( ساهما) سنوات بعدها سنوات. وأنا على هذا العرش
    الوزیر: سنوات كلها كالسنابل المباركة. سنزین البلاد كالعروس، ونقیم أفراحاً لم یعرف الناس لها
    نظیراً. بعض أرباب الأسواق اختار هدایا هذه المناسبة التاریخیة. سیقدم سوق الصاغة تمثالا للملك من الذهب والأحجار الكریمة. .. وسوق الحریر سیكسو الموكب ب


    !الملك : (یقاطعه محتدا) هل تحاول أن تبهرني ! أم أن الملك لا یستحق هذه الهدایا الهزیلة
    !الوزیر: معاذ الله
    الملك: كم عرفت هذه البلاد ملكا مثلي؟
    الوزیر ؛ حتى ولو فكرنا بالمؤسسین الأوائل، فان كل الذین سبقوك یبدون ظلالا
    شاحبة، تتقلص أمام
    نورك الوهاج. أي ملك استطاع أن یحفظ هذا العرش كل هذه المدة! أي ملك أنعش هذه البلاد بعد طول اختناق! أي ملك أمن هذا ! الاستقرار وحقق هذا الازدهار! أي ملك كان مثلك ملكا
    .الملك: كثیرا ما أشعر أن هذه البلاد لا تستحقني
    .لحظة) میمون.. یمكن أن تغار الملكة نفسها من رقة أناملك)
    .میمون: ترق الأنامل حین تلامس جوهرة ثمینة
    .الملك: ( یحاول أن یسحب یده) زال الخدر من أصابعي
    ( یستمر میمون في تدلیك الأصابع بتدلّه )
    !الملك: ( یسحب یده بعنف) یكفي
    .میمون ؛ ینتفض ویتراجع خائفاً) .. عفوك یا مولاي
    !الملك ؛ ( ینهض عن العرش، ویهبط المرقاة) آه .. ما أشد ضجري واعتلال مزاجي أیها الوزیر
    .الوزیر: لا عكر الله لك مزاجا. لماذا لا تدخل إلى جواریك، وعندك منهن المئات. كل واحدة بدیعة التكوین والجمال
    .الملك : دعني من الجواري. كمن یغوص في رغوة الصابون. أحیانا أشعر أني أضاجع نفسي
    !الوزیر : والمحظیة الجدیدة ریحانة
    .الملك : ربما لم یبق سواها. ولكن لیس الآن.. إن ضجري أثقل من جبل

    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:44 pm

    الوزیر: الأمیر وردشاه عنده حفلة أنس هذه اللیلة. سیحتشد لدیه معظم الأمراء وأرباب الدولة. قد یسر مولاي أن یكون .درة المجلس، وتكون مناسبة طیبة للمداولة في جو من الأنس واللطافة

    .الملك : أعرف هذه الحفلات.. سأقضیها في مناقشة أمور السیاسة والمصالح
    !الوزیر: هل أنادي معلم الشطرنج
    .الملك : أعرف أني سأهزمه
    !الوزیر: هل أنادي الندمان
    الملك: صارت فكاهاتهم ممجوجة. آه.. یزداد ضیقي كلما فكرت أن هذه البلاد لا تستحقني. أرید أن
    ألهو.. أن ألعب
    .لعبة شرسة. (یتوقف.. لحظة) لدي میل شدید إلى السخریة. بالضبط هذا هو ما أحتاجه. أن أسخر بعنف وقسوة
    .الوزیر : لن یقابل الوزیر سخریة مولاه إلا بالانحناء والامتنان
    الملك : أنت! لا.. لا یروي حاجتي أن أسخر من وزیري. ما أحتاجه هو سخریة أعنف
    وأخبث. أرید
    أن أعابث البلاد .والناس
    .یتمشى مفكرا. یتوقف فجأة، یلتفت إلى میمون الذي یقف على الباب) میمون.. یمكنك أن تختفي)
    .میمون: ( وهو ینسحب) أمرك مطاع یا مولاي
    الملك: اسمع.. ما قولك بالنزول إلى المدینة؟
    .الوزیر: هذا ما كنت أتوقعه وأخشاه. أرجوك یا صاحب الرفعة أن تجد تسلیة أخرى
    الملك: لا أرید تسلیة أخرى. لماذا یستبد بك القلق كلما خطر لي أن أقوم بجولة في المدینة؟
    الوزیر: لا أدري.. لیغفر لي مولاي. ولكن هذه الجولات التنكریة لا تثیر في
    نفسي الارتیاح. تظل أعصابي متوترة حتى بعد أن نعود
    .الملك: أتخشى أن یطیر العرش ومعه الوزارة
    الوزیر : أي خائن یجرؤ! لا.. بعیدة عن ذهني هذه الخواطر، إلا أن العامة كالضفادع لا تمل النقیق
    أما لاحظت.. لم نلتق في جولاتنا السابقة إلا من یشكو أو یتظلم. وألسنة الجاحدین طویلة أخشى ان أصاب مولاي شيء من رذاذها المسموم، أن یعتكر مزاجه، أو یشتعل الغضب في صدره. ان التقاریر الأمنیة تحمل إلیك المدینة عاریة إلى هذه القاعة. كل المجریات والاتجاهات، والأفكار. فلماذا تعرض شخصك السامي للاحتكاك بالزنخ والوسخ
    الملك: لأن ذلك یرفه عني أحیاناً.. عندما أصغي إلى هموم الناس الصغیرة، وأرقب دورانهم حول الدرهم واللقمة، تغمرني متعة ماكرة. في حیاتهم الزنخة طرافة لا یستطیع أي مهرج في القصر أن یبتكر مثلها. والیوم.. هناك شيء آخر.. أنا أیضاً لي ابتكاري. أرید أن أعابث البلاد والناس. منذ أن التمعت الفكرة في ذهني، بدأت الحیویة تدب فى أوصالي. أیها الوزیر.. أحضر لنا الثیاب التنكریة
    !الوزیر : أهي حقاً رغبة الملك السامیة
    .الملك: بل أمر ملكي لا یقبل جدلا أو مماحكة
    ..الوزیر: ( یبدو علیه الضیق) سأحضرها في الحال
    ( یخرج الوزیر باتجاه المخدع، یمشي الملك متوترا، وهو یفكر )
    الملك: ( یبتسم وعیناه تبرقان) ستكون اللعبة شرسة ومبتكرة. وسأضحك. أضحك وأضحك حتى
    تنردم هذه الفجرة المعتمة من الضجر. )(یبدو علیه الاهتیاج، یدق الأرض بالصولجان(.. وربما أوردت شیئاً عنها في خطاب الاحتفال

    ..میمون : ( یهرع ملبیا الدقات) طوع الاشارة أیها المهاب
    .الملك: میمون.. أحس توتراً في أصابع یدي
    .میمون: ( یمسك الید الممدودة بلهفة وانتشاء ) أذوب كي تسترخي هذه الأصابع الوضاءة
    .الملك: یبدو أني سآوي إلى مخدعي مبكرا هذه اللیلة
    .میمون: نوما هنیئاً، وأحلاما كلها یُمن وخیر
    .الملك: أذا سألت عني الملكة، أخبرها أني متعب ، ولا أرید أن یقلقني أحد
    .میمون : لن أخطئ في تبلیغ الأوامر
    .الملك: ومع بزوغ الشمس أیقظني، وأنت تدلك قدمي. كن حذرا. لا أرید صحوة خشنة أو مباغتة
    .میمون : سأتحول هبة نسیم
    ( یظهر الوزیر عائدا. یلمحه الملك )
    .الملك: والان.. یمكنك أن تختفي
    .میمون: ( وهو ینسحب) أمرك مطاع یا مولاي
    !الوزیر: لو أن سیدي یبدل رغبته
    الملك: هل استراحتك النهریة جاهزة؟
    .الوزیر: دائماً جاهزة لاستقبال مولا
    ..الملك: ستأمرهم أن یحضروا كل شيء، ثم ینصرفوا. هل تعرف أین سنذهب؟
    الوزیر: كل استراحاتي جاهزة. نذهب أینما شئت. الملك: أتذكر ذلك الرجل الذي وعدناه مرة، أن
    نقضي معه سهرة أنس وطرب
    ..الوزیر: الرجل المغفل الذي یحلم بالسلطان، والانتقام من خصوم كثیرین
    الملك: هو بذاته.. ما اسمه..؟
    .الوزیر : أظن.. أظن أبو عزة المغفل
    الملك : سنذهب إلیه اللیلة. وسترى أي تسلیة یخبئ لك الملك. هذه المرة أرید تنكرنا
    كاملا. میمون
    یظن أنني أویت إلى .فراشي. لن نخبر أحدا على الاطلاق. سنمضي عبر الدهلیز السري الذي یقود بعیدا عن السور

    !الوزیر: ألن یتبعنا حارسان أو ثلاثة
    .الملك : لا أحد على الاطلاق
    .الوزیر: في المرات السابقة، كان یتبعنا الحراس من بعید. الحذر یا مولاي واجب
    .الملك : قلت لا أحد على الاطلاق. ساعدني في خلع ردائي
    ( الوزیر یساعد الملك في خلع الرداء الفضفاض، الثقل بمطرزاته.. الملك یتعرى تدریجیا )
    الوزیر: ماذا یحس مولاي، حین ینزلق هذا الرداء المهیب عن كتفیه؟
    .الملك : قلیلا من الخفة
    !الوزیر: ولا شيء آخر
    .الملك: أي سؤال ! طبعا لا شيء
    الوزیر: ( وهو یخلع رداءه بدوره) أما انا فدعني أعترف حین أخلع ردائي
    أشعر نوعا من الرخاوة
    تدب في بدني. قد .تهزأ مني، ولكن هذه هي الحقیقة. تخور ساقاي ، أو تصبح الأرض أقل صلابة

    الملك: أعتقد أنك لن تعیش إلى غدك لو ضاعت منك الوزارة. أیهما سروالي؟
    .الوزیر: ذو الشریط الذهبي
    .(یستمران في تغییر ملابسهما مع اظلام تدریجي)
    ( فاصل ( 1
    "لافتة: "محكوم على الرعیة أن تعیش الآن متنكرة
    في المدینة. زاویة في طریق منزویة وشبه معتمة عبید مقوس الظهر، بارز الحدبة، یقف متوكئا على عصاه. یبدو )
    .(.. أنه ینتظر. یتطلع حوله حذراً ومترقباً. بعد فترة یأتي الحمال زاهد

    .عبید: خفت أن تتوه، ولا تعرف المكان
    .زاهد: ( یتملاه بمرح) بعرضي وأولادي لو مررت بك في شارع عام لما عرفتك
    .عبید: المهم ألا یعرفني عسس وجواسیس مقدم الأمن
    !زاهد : ( یحدق إلیه أكثر) وهذه الكدمة
    عبید: لا. هذه حقیقة. هل تبدو بارزة؟
    .زاهد: زرقاء ومتورمة
    .عبید: اذن فهي لمسة اضافیة نافعة
    زاهد: لم تتورط في مشاجرة؟
    عبید : لا.. هي قصة أشبه بالنكتة. لم أستطع أن أضبط یدي في سوق الخضار. كان التفاح منضدا في الصندوق أحمر
    وشهیا. ظننت أن البائع لا یراني. ولكن ما أن دسست التفاحتین في الجراب، حتى هجم علي كضبع شم رائحة الجیفة.
    خفت أن أجري فینكشف أمري، وخفت أن أبقى فتأتي الشرطة . في النهایة استسلمت لضربات حذائه حتى أشفق علي
    .بعض المارة، وأبعدوه عني
    .یبتسم) مع هذا، استطعت أن أحتفظ بتفاحة)
    .زاهد: أتخاطر من أجل تفاحة! تصور لو قادوك إلى التحقیق وعرفوا أنك من یبحث عنه مقدم الأمن
    عبید: ان البنیة غالیة. فكرت فیها عندما مددت یدي. أنت تعرف.. لولاها لما وجدت زاویة ألتجيء إلیها. بیوت
    .الاخوان لا تصلح. والجامع لیس مأمونا بعد أن كثر فیه المتخفون من رجال الأمن
    .زاهد: مهما كان.. في مثل وضعك حركة متهورة صغیرة قد تؤدي إلى عواقب خطیرة
    عبید: لا أدري.. تذكرتها فوددت أن أحمل لها تفاحة. لولاها لكان وضعي صعبا للغایة. هي التي أقنعت أمها بایوائي.
    تعاملني بمودة وترغب كثیراً في أحادیثي. أحس عندهم طمأنینة لا یعكرها إلا ذلك الخادم. أصبح یثیر القلق. یبدي
    .نحوي نفوراً شدیداً، ویغضبه أن یعطوني مأوى. أتحاشاه قدر ما أستطیع، لكن أخشى أن یدبر لي بعض المتاعب
    .زاهد: ألم تنجح في استمالته! أتصور أن أمثاله لا یمكن الا أن یكونوا معنا
    عبید: أكاد أؤمن أن من الصعب الاعتماد على الخدم. انهم یمثلون حالة خاصة ومعقدة. منطقیا ینبغي أن یكونوا معنا.
    ولكنهم في الحقیقة لیسوا معنا. حیاة أسیادهم تفتنهم ، وتلقیهم في حالة مستمرة من عدم التوازن. انهم ینوسون بین
    الطاعة الذلیلة والرغبة السریة في أن یصبحوا نسخاً عن سادتهم. ولكن لم نلتق لنناقش هذه المسائل. ماذا تحمل لي؟
    .زاهد: استطعنا أن ندبر مكانا مستورا، یمكن أن نلتقي فیه جمیعا بصورة دوریة
    عبید: خبر طیب. صارت الحاجة ملحة لتنظیم لقاءاتنا. هل استطعت أن تمر على الجمیع؟
    .زاهد: تقریبا
    .(یظهر رجل من زاویة قصیة، یلمحه عبید، فیلكز زاهدا ویغیر وضعیته)
    .عبید: الله یحمي شبابك . الله یخلي أولادك
    .زاهد: (ینتبه للرجل، وینخرط في اللعبة) وأنت (یقلده) الله یرزقك
    .(یبتعد زاهدا عابثا، ثم یلطي بعیدا.. بینما یقترب الرجل من عبید)
    (عبید: (یرفع عقیرته، مجودا بصورة ردیئة
    .والحسنة كحبة أنبتت سبع سنابل
    .(یحاذیه الرجل، فیتشبث بطرف سترته)
    .الرجل: أف.. اترك سترتي
    .عبید: الله یخلي أولادك .. الله یجعل طریق الخیر مفتوحة أمامك
    .الرجل: (یدفعه متذمراً) قلت اترك سترتي.. (وهو یبتعد ) سنعیش ونراكم تتسولون بالمدى والخناجر
    .(یعود زاهد)
    .عبید: أرجو أن هذا الیوم لیس ببعید
    !زاهد: أي یوم
    .عبید: تنبأ الرجل أننا یوما ما سنتسول بالمدى والخناجر
    .زاهد: یومها فقط ینقرض التسول
    عبید: وینتهي تاریخ طویل من التنكر الشاق. علینا أن نعجل. اقترب موعد الأذان، وقد یزداد المارة. ماذا تم؟
    .زاهد: كان هناك اجماع على الرسالة. أخذها عبد الله كي یخط النسخ المطلوبة. وعشیة یوم التتویج ستكون جاهزة
    !عبید: والتوزیع
    زاهد: دبرنا أیضاً مسألة توزیعها في معظم أحیاء المدینة. ولكن نفرا من الاخوان أبدى تحفظاً حول الموقف الذي
    .اتخذناه
    ..عبید: لماذا؟
    .زاهد: یعتقدون أن عید التتویج مناسبة مواتیة لعمل أكبر
    .عبید: أي عمل! أن یهتفوا بسقوط الملك، ویذهبوا إلى السجون بالجملة
    .زاهد: رأیهم أن هناك شعوراً عاماً بالخیبة والعسر
    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:45 pm

    أن أي مبادرة منظمة ستفجر هذا الشعور وتوضحه. من جهة یتزعزع الاستقرار الملكي. ومن جهة أخرى یولد مناخ
    .أخصب لنشاطنا
    عبید: صحیح.. هناك شعور عام بالخیبة والعسر. التذمر یشتد، والناس یطحنهم البؤس والخوف. لكن التناقضات لم
    تنضج بعد. أقول لك.. وأرجو أن تبلغ الاخوان الذي تحفظوا ما أقوله، أما الملك الآن طریق وحیدة مفتوحة هي
    .الارهاب، والمزید من الارهاب
    .زاهد: ألا یمكن أن تكون بعض الاجراءات الاصلاحیة التي تخدر هي الأخرى طریق مفتوحة
    عبید: لم یعد ذلك مجدیاً. لیس أمام النظام الآن حتى لو تغیر الملك إلا طریق وحیدة ممكنة هي الارهاب. فهل نعطیه
    .الذریعة، ونقدم أنفسنا الضحیة
    زاهد: واذا انفجرت بعض الاضطرابات العفویة؟
    عبید: نفید منها دون أن نخاطر بأي من عناصرنا. في هذه المرحلة یجب أن ننظم السباق بشكل محكم. هم یمعنون في
    الارهاب، ونحن نمعن في التنكر. التناقضات تنمو، وحركتنا تشتد. ینبغي أن نتواقت مع اللحظة المواتیة، لا نبكر ولا
    نتأخر. (یلمح رجلین یأتیان من طرف قصي)، وبعد لحظة یتناهى من بعید جداً صوت مؤذن. لدي أیضاً ما أقوله.
    .ینبغي أن ننظم عملنا في المدابغ. ولكن الوقوف هنا غیر مأمون.. بعد غد عند المقبرة الشرقیة. الله یخلي شبابك
    .(یتظاهر زاهد بأنه یعطیه صدقة)
    .زاهد: مع الغروب
    .یبتعد: یا محسنین.. صدقة لصاحب العاهة، حماكم الله من كل عاهة)
    (ظلام)
    المشهد الثاني
    ."لافتة: "الواقع والوهم یتعاركان في بیت مواطن اسمه أبو عزة
    بیت أبي عزة. طراز عربي. دار واسعة في صدرها بابان یفضیان إلى الغرف. على الیمین باب عریض یفضي إلى )
    الطریق. عزة تشعل قندیلین معلقین في الجدار.. ثم تذهب إلى الزاویة الیسرى حیث تكومت حشیة بالیة. تفرشها على
    .(الأرض، وتسویها بعنایة.. ویقترب عرقوب من ورائها
    .أبو عزة: (من الداخل. یتناهى صوته أجش خافتا) الآن آن القهر للحساد ما دمت سلطان البلاد
    عرقوب: هل نادتني ذات البهاء والكمال؟
    .عزة: (تفاجأ. بجفاف) لم أناد أحداً
    .عرقوب: كأني سمعت صوتاً أرق من أوتار العود ینادي عرقوب
    .عزة: انك تتوهم
    !عرقوب: ألا یأمرني الجمیل خدمة
    .عزة: لا أحتاج شیئاً
    .عرقوب: ینفطر قلبي حین أراك تلوثین یدیك بأوساخ ذلك الأحدب
    .عزة: لا علیك من یدي. ولا تذكر الرجل بسوء
    .عرقوب: سبحان الله.. لم تهضمه معدتي
    !عزة: وما شأنك به
    عرقوب: منذ حل في هذا البیت، لم أعد أرى كحیل الطرف إلا ساهیاً أو غافلاً. تحیطینه بالرعایة وكأنه رمى علیك
    .سحرا. ومن یدري.. لا أستغرب أن یكون ساحراً ماكراً
    .عزة: عرقوب.. أشفق على الرجل وعاهته
    !عرقوب: عاهته! وعاهتي أنا من یشفق علیها
    ..عزة: ماذا تشكو؟
    عرقوب: ویسألني الذي ملك الحشاشة والفؤاد ماذا أشكو؟ ألا تعرفین شكوتي! لدي حدبة أكبر من حدبته.. إنها هنا
    .تبرز في صدري، وتقصیر لي قلبي
    !عزة: (تزداد جفاء) هل عدنا
    .عرقوب: أبلاني الصد، وأرّقني طول الجفاء یا عزة


    .عزة: قلت مرارا، لا أرید أن أسمع هذا المقال
    .(یقترب منها، محاولا لمسها.. في حركاته مبالغة ماجنة)
    ..عرقوب: النار تكوي أحشائي.. ارحمي عذابي، وفي هذا القوم دائي ودوائي
    عزة: (تدفعه .. وتشتعل غضباً وضیقا) هل جننت؟
    !عرقوب: ألا تسلب الرشد هذه الفتنة
    .عزة: أغرب عن وجهي، والا نادیت أبي
    !عرقوب: وما نهایة هذا التمنع والدلال
    .عزة: لا أستطیع أن أراك أو أسمعك. انصرف في الحال
    .عرقوب: ستكونین لي یا عزة ولو طال الزمن
    .عزة: الموت أهون. لو نادیت أبي، فسیطردك بعد أن یكسر العصا على ظهرك
    عرقوب: (یتخذ هیئة عابثة، وفیها لؤم) أبوك یطردني! (یغني باستخفاف) عندما یصحو أبوك من الجنون.. ویدفع ما
    .علیه من الدیون.. یومها فقط یمكنكم أن تطردوني. وستنتظرین یا فاتنة القوام أكثر مما انتظرت
    !عزة: (مقهورة) من أین تغرف هذه النذالة والوقاحة
    .عرقوب: من طول الصد والممانعة.. أي نعم یا جمیل من الصد والممانعة
    .أبو عرقوب: (من الداخل) عرقوب.. أین أنت یا عرقوب
    .عرقوب: وها هو معلمي یجدّ في ندائي
    .(..یمضي عرقوب نحو معلمه)
    !عزة: (وهي تشد شعرها قهرا) یا رب.. كیف یمكن العیش في هذا الجحیم
    .(تنسحب إلى الداخل، بینما یظهر أبو عزة)
    .عرقوب: حاضر یا معلمي
    ..أبو عزة: تعال.. (یلتفت یمنة ویسرة) سمعت أصواتا. هل عادت المرأة؟
    .عرقوب: من.. معلمتي أم عزة! لا.. لم تعد بعد
    ..أبو عزة: أین اختفیت؟
    .عرقوب: كنت أقضي حاجة عرضت
    .أبو عزة: لقد اخترت وقتا سیئاً لقضاء حاجتك العارضة. فاتك أن ترى سیدك وهو یرتقي العرش
    عرقوب: العرق یبلل وجهك. هل تعبت یا معلمي؟
    أبو عزة: مم؟
    عرقوب: من ارتقاء العرش. أتخیل أن العرش عال، وأن معلمي صعد سلالم بعدها سلالم. كلها عمودیة وحلزونیة.
    .تلتف، وتلتف كسلالم المئذنة
    !أبو عزة: ما أخف عقلك یا عرقوب
    .عرقوب: البركة في رجاحة عقلك یا معلمي
    أبو عزة: على كل لا أعتب علیك. عقول البسطاء والعوام لا تستطیع أن تتخیل ارتقاء العرش الا كالصعود إلى سطح
    بنایة. لو حضرت ورأیت. الحراس على الجانبین كصفین من شجر الحور. وبینهما أتهادى في مشیة رخیة، كأني
    أطیر، أو أخطو على بساط من الزئبق. رجال الدولة ورائي. والمنشدون أمامي. وحین ارتقیت العرش، انحنت
    .الهامات، وعم الصمت. تلك لحظة جلیلة. كمن یشرف على الدنیا من فوق رابیة
    عرقوب: وفي اللحظة الجلیلة نسیني معلمي. أهذا جزاء العشرة والخدمة! لماذا لم تخبرني، أو تؤجل الاحتفال حتى
    .عودتي
    .أبو عزة: یا غشیم في الاحتفالات الملكیة لا یجوز التأخیر أو التقدیم
    .عرقوب: والوزارة لا تقل انها ذهبت حین كنت أقضي حاجة عرضت
    .أبو عزة: اطمئن یا عرقوب. لم أسمِّ الوزیر بعد
    عرقوب: (یتعلق بعنقه ویقبله) رددت لي الروح یا معلمي. ماذا تنتظر إذن. سمه على الفور. لن تجد في البلاد وزیرا
    .مثل عرقوب
    .أبو عزة: ما زلت أتردد
    !عرقوب: ولمَ التردد
    .أبو عزة: طبعا انا بحاجة إلى وزیر ینفعني بالمشورة والتدبیر. یعتني بهندامي، ویمشي إلى الموت قدامي
    !عرقوب: أعوذ بالله.. لا.. لا یجوز أن یمشي التابع أمام السید. أترسلني إلى الموت من أجل القافیة
    أبو عزة: تلك هي القافیة الملكیة، أرأیت لماذا أتردد! أقدر فیك الهمة، ولكن أخاف ألا تصلح للوزارة. ان الأصل یحول
    بینك وبینها. الوزیر ینبغي أن یكون من أصل كریم، یجمع الحسب والنسب إلى الجاه والذهب. أما أنت.. ولا تزعل من
    .كلمة الحق، لست في النهایة إلا واحدا من الدهماء.. أو اذا شئت من عوام الناس
    عرقوب: الدهماء والعوام! وأنت! هل تتدلى من شجرة تمتد جذورها إلى بیت أبي عبد الله.. أم تجلس فوق رابیة من
    .الذهب والجاه
    .(..یتظاهر بالابتعاد)
    أبو عزة: أنا! أتتحدث عني أنا! أین تمضي؟
    .عرقوب: سأفتش عن أصلك وأصلي
    .أبو عزة: تعال
    .عرقوب: دعني
    .أبو عزة: معلمك یأمرك أن تأتي
    عرقوب: ماذا ترید؟
    أبو عزة: اقترب.. تتحدث عن أصلي وجاهي! انظر اذن إلى وجهي. تأمل قسماتي وعیني. وقل لي ماذا ترى (عرقوب
    .یطبق بیدیه على أذني أبي عزة. ویدیر وجهه یمیناً وشمالاً بفظاظة) تمعن جیدا یا عرقوب
    عرقوب: ماذا أرى؟ ماذا أرى؟.. أرى عینین زائغتین یسكنهما عفریتان وحاشیة من الجان.. أرى جلدا أغبر یرشح من
    ..ثقوبه المرض الأصفر. أرى لحیة شعثاء
    .أبو عزة: (متألما وغاضبا) دع لحیتي، وحدثني عن الامارات
    .عرقوب: الامارات! لا ألمح الا امارات العلل ودنو الأجل
    أبو عزة: (ینتزع وجهه، ویدفعه بغضب) أطفأ الله نور عینیك. والامارات الملكیة.. ألم تلمحها! انظر. انها كالنجوم
    .الزاهرة تتلألأ على الوجنتین، وتشع من المقلتین. طالعتني في المرآة، فأعشت بصري
    .عرقوب: الدهماء لا تستطیع أن تمیز هذه الامارات
    أبو عزة: الآن فهمت.. أعماك الغضب اذن! لم أتوقع أن تزعل من كلمة الحق إلى هذا الحد. أنت تعرف نفوري من
    العوام والزحام. روائحهم في السوق تخنقني، وملمسهم یسبب لي حكة في جلدي. ومع هذا سأضحي من أجل العشرة
    .والخدمة. أصغ إلي جیدا یا عرقوب
    .قررت الادارة الملكیة أن تكون الوزیر
    .عرقوب: آه.. اسندني یا معلمي. سیغمى علي من الفرح
    .أبو عزة: تمالك نفسك
    !عرقوب: لا یصبح المرء وزیراً كل یوم.. (یتأمل وجهه) الامارات یا مولاي. الامارات
    ! أبو عزة: مالها
    .عرقوب: أراها تندفع من وجهك كالنیازك والشهب. سأمسك واحدا ولو لسعتني ناره
    أبو عزة: أتراها؟
    .عرقوب: منذ أن صرت الوزیر
    .أبو عزة: لن أندم على قراري ، اذا تابعت على هذا المنوال
    !عرقوب: اعتمد علي. والآن بمن نبدأ التعذیب والانتقام؟ بالشیخ الخؤون أم بشهبندر التجار الملعون
    أبو عزة: كل الخصوم سنصلیهم عذاب الجحیم. ولكن قد تكون المسرة مضاعفة، لو أخذنا أولا قسطا من النشوة.
    .((یدندن
    انني ما دمت حیا *** عاشق الكاسات
    في الدجى ما مات *** من تعاطى منها شیا
    !یتوقف ، ویلتفت إلى عرقوب) عرقوب.. ألن تودع شیئاً في بیت المال)
    .عرقوب: وصلنا بیت القصید. لم یبق لدي ما أودعه ببیت المال
    !أبو عزة: أتدخل الوزارة خالي الوفاض
    .عرقوب: لا.. دعنا من الامارة والوزارة ما دمنا قد وصلنا إلى المال
    أبو عزة: هل تشك في امانة معلمك یا عرقوب؟
    .عرقوب: معاذ الله.. ولكن معلمي في وضع لا یسمح له أن یرد اذا أخذ
    أبو عزة: عندما تبصر جاهي ونعیمي ستندم على هذا القول الذمیم. كم بلغت ودائعك حتى الآن؟
    .عرقوب: هو.. هو.. هذه حسابها یطول، ولكن كلها مسجلة حسب الأصول
    .أبو عزة: اذن.. أضف بعض النثریات.. وهات كي نسجلها حسب الأصول
    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:47 pm

    .عرقوب: (یقفز متظاهرا بالتنصت) هش.... سمعت وقع أقدام تقترب. لا شك أنها معلمتي أم عزة تعود
    .أبو عزة: (یجذبه من ثوبه) تعال.. أستطیع أن أشم رائحتها قبل أن تسمع وقع أقدامها. لا تحاول أن تتملص
    .عرقوب: ولكنها حذرتني ألا أعطیك شیئاً. أنت معلمي، وهي معلمتي. ولا أدري أي واحد منكما أطیع
    أبو عزة: ماذا؟ أتتردد بین طاعتي وطاعتها! من السید في هذا البیت یا عرقوب؟
    عرقوب:لا تزعل. أحیانا أقول أنت. وأحیانا أقول هي. على كل لا أحشر نفسي في هذه الشؤون الداخلیة. أنت معلمي.
    .وهي معلمتي. وأستطیع أن أوزع الطاعة بینكما بالعدل والقسطاط
    أبو عزة: لو انفجر غضبي، فسیهوي على رأسك كالنوازل. انك تهین معلمك الذي استكراك ورباك. أنا السید في هذا
    .البیت، وأنت لا تدین بالولاء الا لي
    .عرقوب: وحق أبیك هذا یسرني. هل قررت أن تمسك الزمام بید من حدید
    .أبو عزة: بل من فولاذ.. سأقول لك سراً. عندما ارتقیت العرش، أحسست أن الفوضى تحیط بي، وأن الحزم ضروري
    عرقوب: دعنا من العرش یا معلمي. هل اعتبرك منذ الیوم الآمر الناهي في هذا البیت؟
    .أبو عزة: ولا أحد سواي
    عرقوب: وكلمتك عند أهله لا تصبح اثنتین؟
    .أبو عزة: أهدم البیت على أهله ان صارت اثنتین
    عرقوب: آه.. هذا هو معلمي الذي أعرفه. انك تسهل علي القضیة. بیننا لا یصعب التفاهم. لقد حان الوقت كي افاتحك
    .بالأمر
    !أبو عزة: أهو أمر خطیر
    عرقوب: علیه یتوقف هنائي وشقائي. وهو فوق ذلك یهمنا جمیعا. ولكن أتمنى لو یعدني معلمي بالموافقة على
    .المطلوب
    .أبو عزة: هات مطلوبي أولا كي نحسن الاصغاء، ونحقق لك الرجاء
    عرقوب: ألیس الأفضل أن ننهي الموضوع! دعنا نغتنم فرصة هذا الجو الرائق. لم أعد أضبط لهفتي. إنه شأن من
    .شؤون القلب یا معلمي. وكلمة منك ستجعل عرقوب یحلق في السماء السابعة
    أبو عزة: وهو شأن من شؤون القلب! هل یمكن تعاطي شؤون القلب الا مع تعاطیها! أضف بعض النثریات على
    .الحساب، وهاتها قبل أن تحلق، وتختفي في السماء
    عرقوب: (یسحب دفترا صغیرا وقطعة قلم معلقة برقبته) مشینا ومشینا فلنتابع حتى النهایة. ساسجل ثمن نصف
    .زجاجة
    .أبو عزة: لا أحب الوسط، وأفضل التمام
    .عرقوب: نصف زجاجة لا غیر، وقع هنا
    .أبو عزة: الختم أسهل
    .عرقوب: والتوقیع بالنسبة لي أفضل
    .أبو عزة: كما تشاء (یوقع) ها نحن ندفع ثمن البضاعة قبل الاستلام
    عرقوب: (وهو ینتزع الدفتر منه، ویمضي لیحضر الشراب) ه .. ویتحدث عن الدفع أیضاً! شفط كل وفري فلسا .وراء فلس. وان لم أنل مرادي فسأطلق صیحة أبشع من صیحة شمشون. لن تفلتي من الشبكة یا عزة
    أبو عزة: لا تتأخر في السوق یا عرقوب. (یلتفت إلیه عرقوب. یهز رأسه ثم یمضي) آه.. الآن آن القهر للحساد ما
    دمت سلطان البلاد. ( یدور بسرور وهو یغني) أنقش الختم على بیاض.. فینقضي أمري بلا اعتراض (بعد فترة
    یتوقف. یلعب.. ینغمر في اللعبة، ویقودها بجد وحرارة) ماذا أرى! أتأتي إلي راكعاً! وتبكي هلعاً! أكاد لا أصدق
    عیني! الشهبندر الكبیر ما غیره یذرف الدموع توسلا وهلعاً! (یضع قدمه خیالا على كتف رجل راكع) أما حلفت
    بالطلاق وأمام أرباب السوق! ماذا! تقدم المعذرة، وتعلن أمام أرباب السوق أنك نادم على هذه الدناءة. هل ظننت أنك
    انتهیت مني یوم أشهرت افلاسي، وتخاطف الدائنون حتى لباسي! ها نحن نلتقي ولكن في ظرف اعتدل فیه المیزان.
    أنت تركع متوسلا،وأنا أتمهل في انتقامي متلذذا. لا یا شیخ طه. لا تحاول أن تتستر متخفیا وراء مسبحتك. المسبحة أم
    التسعمائة والتسع والتسعین حبة. أراك هناك خلف خلان السوء الذین باعوني حین حلت محنتي. ورموني فوق هذا
    بالجنون. ها أنتم جمیعا أمامي ومصیركم معلق بطرف لساني. كان الشیخ هو البادئ، ثم تلاه الشهبندر والخلان.
    تكاتفتم على خرابي ودماري. بعد الوجاهة وبحبوحة العیش، سقطت إلى درك العوام من الناس، وأجبرت على معاناة
    العسر والعیش كالرعاع في عوز وفقر. كان مكاني بینكم، فضقتم بي. تناهبتم المكان. وألقیتموني إلى الهوان. ولكن ها
    نحن نلتقي وقد اعتدل المیزان. سیكون انتقامي عسیرا. لا.. لا تتوسلوا فات وقت الندم. (تظهر عزة، وتقترب من أبیها.
    ..على وجهها آثار الدموع) الآن وقد أصبحت مولاكم
    !عزة: أأنت وحدك یا أبي
    .أبو عزة: بل مع الأعداء یا ابنتي
    .عزة: أبي
    .أبو عزة: لا تطلبي مني أن أشفق علیهم. سأنتف لحاهم، وأمزق جلودهم
    .عزة: أرجوك أن تصغي إلي
    .أبو عزة: دعیني أشفي غلیلي. لولاهم لكنت الآن درة في قصر أمیر
    .عزة: (منفجرة) لا أرید قصرا أو أمیرا. لا أرید خدما أو حشماً. لا أرید شیاً
    .أبو عزة: (تحملق فیه، وكأنها تحملق في الفراغ) لا شيء.. لقد تأخرت أمي. هبط اللیل ولم تعد بعد
    أبو عزة: لا أظن أن هناك ما یقلق. تعرفین.. اذا فتحت أمك السیرة، وبدأت التحسر فانها لا تنتهي قبل أن تصرع
    .السامعین
    .عزة: ذهبت من أجلنا یا ابي
    أبو عزة: وأنت أیضاً یا عزة! تكفي امك كسرت هامتي من كثرة من غمزت ومننت. (ساهما وحزینا) الناس یصفونني
    .بالمغفل، ویقولون اني أعیش من سعي امرأتي ولا أخجل
    .عزة: والله لم أعن ذلك
    .عرقوب: (یدخل مدندنا) من تعاطى منها شیئا
    .أبو عزة: (یستعید حیویته) في الدجى ما مات (جادا .. لابنته) لا تقلقي یا بنیتي. ستعود بین لحظة وأخرى
    !عرقوب: (متجها نحو عزة) ألا تأمرني معلمتي خدمة
    .(تنفر عزة مبتعدة.. یتبعها عرقوب خطوة أو خطوتین.. یجذبه أبو عزة)
    .أبو عزة: هاتها یا عرقوب
    عرقوب: ها هي.. معتقة صهباء. حصلت على مطلوبك، وبقي مطلوبي. ستعیرني أذناً صاغیة. واذا كانت معلمتي
    .عزة قد ألمحت إلى شيء، فلندخل إلى الموضوع مباشرة. سنتحدث رجلا لرجل، ولن یصعب علین التفاهم
    ابو عزة: بل سنتحدث معلما لخادم یا عرقوب (وهو یفتح الزجاجة) لا داعي للأقداح. أحب أن أحسو من الزجاجة
    وهي ملأى. (یدندن) هات المدام، وارم الكاسات.. یا للا .. یا للي .. ( یرفعها لیحتسي منها. یتجمد، یوقع كلماته بیده
    الأخرى) وصلت.. انها تدلف من الباب.. انها تدخل.. یاللي.. (یغمض عینیه، ویعب من الزجاجة، بینما یلتفت عرقوب
    .(مرتبكاًن وخائفا
    عرقوب: (بغیظ) ضاعت الفرصة. ولكن أتساءل من هو المغفل بیننا؟
    .أم عزة: لا ینقصنا بعد الا الطبل والزمر. ماذا یهمك! عمر البیت. وفاضت علینا النعم
    .أبو عزة: التقطي أنفاسك أولا
    أم عزة: وهل تترك لي مجالا لالتقاط الأنفاس! أنا أریق ماء وجهي في بیوت الناس. وأنت تجلس في البیت، تكرع
    الخمر هانئ البال. كیف حصلت على هذا السم الهاري؟
    .(تنضم عزة إلیهم)
    .أبو عزة: رماه حمام زاجل فوق المنزل
    .عرقوب: (مواریا ارتباكه.. ومندسا بأبي عزة) هذه لطیفة
    ..أم عزة: ( تهاجم عرقوب..) عرقوب
    ..عرقوب: من السوق معلمتي.. من السوق
    !أم عزة: والنقود! من أین النقود! أهناك دائن جدید سیدق بابنا
    .عرقوب: (همساً، وهو یلكز أبا عزة بحنق) معلمي السید الآمر الناهي
    !أم عزة: تمسك بخناق عرقوب، وتهزه) ماذا تدمدم ؟ أجبني. لن یدق بابنا دائن جدید
    .عرقوب: لا.. هو الدائن القدیم ذاته
    ..أم عزة: من تعني
    .عرقوب: أنا یا معلمتي
    أم عزة: (كأنها ترید خنقه) ألم أحذرك ألا تعطیه شیئاً! من أین یدفع لك ؟ من أین سنوفیك؟.. من أین سنوفي كل هؤلاء
    الدائنین؟
    ..عرقوب: (یحاول التخلص من بین یدیها) معلمي.. انجدني یا معلمي
    .أبو عزة: (وهو یجرع من الزجاجة) اتركي وزیري یا امرأة
    أم عزة: (تفلت عرقوب، وتلتفت إلى زوجها. تمسك به) وأنت . أتدفعني إلى الجنون. دمرت حیاتنا، وخربت دیارنا،
    .وترید أن تدفعنا أیضاً إلى الجنون
    عزة: (تحاول أن ترد أمها) أمي.. ماذا أصابك؟
    .أبو عزة: هات العصا یا عرقوب
    أم عزة: نعم هات العصا یا عرقوب. اما أن تعدمني أو أجعلك تثوب إلى رشدك. هذه المرة یجب أن تصحو،
    .وتستوعب ما أقوله.. سیضیع آخر ما لدینا، وهو مأوانا
    (.عزة تحاول أن ترد أمها وتهدئها.. وعرقوب یحاول تنحیة أبي عزة)
    .أبو عزة: العصا یا عرقوب
    .عزة: سأقتل نفسي ان لم تتوقف
    .عرقوب: امسح وجهك بالرحمن یا معلمي
    ..عزة: (وهي تحتضن أمها).. أمي.. ماذا جرى
    أم عزة: (تنهار مع ابنتها..) قلبي متورم كالدمل یا ابنتي. انهد حیلي وأنا أغالب المصائب وحیدة. (یدق الباب.. یهرع
    عرقوب) هوینا. ولن یمد أحد یده إلینا. أمضیت النهار كله عند خالك. أخي من لحمي ودمي. تشقق لساني وأنا أستحلفه
    .بالأم والأخوة والدم. لو كان صخرا للان. لكن أخي لم یلن.. ولم یهتز له جفن
    . عرقوب: (لأبي عزة بصوت هامس) معلمي. انهما الحاج محمود والحاج مصطفى. جاءا بعد طول تأخیر
    .أبو عزة: (مضطربا) لا الجو رائق، ولا المزاج مناسب
    یدلف الملك وقد ارتدى ثیابه التنكریة، وتسمى بالحاج مصطفى. یتبعه الوزیر في ثیابه التنكریة واسمه الحاج )
    .(..محمود.. ینزویان قرب الباب
    أم عزة: تصوري یا عزة.. ساومني أخي على البیت. أخي من أبي وأمي یرید أن یسلبنا مأوانا، ویرمینا إلى العراء.
    أصبح الدم ماء، ولا أحد یستطیع أن یعتمد على أحد. (منتفضة إلى زوجها) أتسمعني! هذه المرة یجب أن تفتح اذنیك
    .جیدا. اننا ذبیحة وقعت، ولیس حولنا إلا السكاكین
    .عرقوب: (یحاول ان ینبه أبا عزة إلى دخول الضیفین) معلمي
    .أبو عزة: السكاكین ستتحول رایات خفاقة. وعندما أصبح سلطان البلاد، سأعرف كیف أعامل هؤلاء الأوغاد
    .عرقوب: انهما في الدار
    .أم عزة: (تهاجم زوجها) لا.. ما عادت لدي قدرة على الاحتمال. ارم هذه الزجاجة من یدك
    ..أبو عزة: (هاربا منها) العصا.. أین العصا؟
    .أم عزة: ارم هذه الزجاجة من یدك، وأفق من جنونك
    أبو عزة: (یتوقف أمام مصطفى ومحمود. یتماسك. یغیر الموقف) أهلا بالحاج محمود والحاج مصطفى. شرفتما الدار،
    .وان كان الجو مشحونا بالغبار
    .مصطفى: والله ظرفك یبدد الكدر والغبار

    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:48 pm

    !أم عزة: (هي الأخرى توقفت. ترمق الضیفین بفضول) ومن هذان الرجلان أیضاً
    .عرقوب: انهما الحاج محمود والحاج مصطفى. زارانا مرة من قبل (یغمز هامسا) ولم یبخلا بالنصح والبذل
    .أم عزة: ادخلي یا عزة
    عرقوب: أي نعم.. الواجب أن تدخلي یا عزة. (عزة ، ترشقه بنظرة حنق مقهور، وتنسحب .. یتقدم محمود ومصطفى
    .(یحف بهما ابو عزة
    محمود: زرنا هذه الدار مرة، فانشرح الخاطر فیها، ودخلت الى القلب محبة أهلها. وعدنا أن نكرر الزیارة، ولولا
    كثرة الأشغال لجئنا قبل الآن. ولكن یبدو اننا صادفنا یوما حل فیه ما ینغص أصحابنا، ویعكر هناهم اذا كان قدومنا
    .یحرج أو یثقل، فإننا نعرف الباب، ولا مجال بین الأهل للعتاب
    .أبو عزة: هذا مقال رجل كریم، وصاحب خلق وشهامة. شرفتما الدار، ونحن منذ زمن طویل ننتظر هذه الزیارة
    !مصطفى: (بخبث) نأمل ألا تكون هناك أسباب تستوجب الغم
    .أم عزة: والله لن أخفي علیك ما دمت تسأل أیها الموقر. أسباب الغم وفیرة في هذه الدار
    .أبو عزة: لا تصغیا إلیها. امرأة تحب النكد، وتسعى إلیه بلا سبب
    .أم عزة: تقول أحب النكد! وبلا سبب أیضا! آه لولا وجود الضیوف
    .مصطفى: (وهو یقترب من المرأة) اختي لا تتحرجي. نحن من أهل البیت
    ..أم عزة: ماذا أقول! قلبي مليء. وهذا الرجل سیدفعني إلى الجنون
    .مصطفى : اذا كان بوسع الصدیق أن یصلح ذات البین، فلن ندخر جهدا
    .أبو عزة: (وهو یتراجع نحو محمود) لا أقبل صلحا، الا اذا اعترفت لي بالحظوة، وقدمت لي البیعة
    .(ینقسمان الآن إلى فریقین. الأول مصطفى وأم عزة، والثاني محمود وأبو عزى، وبینهما عرقوب)
    !أم عزة: اسمعوا. أهذا كلام رجل عاقل
    !أبو عزة: وتتهمین سلطانك بالجنون
    أم عزة: ولك لمن أشكو بلائي؟
    .مصطفى: خذیه على هواه یا بنت الأكابر
    .أبو عزة: مسكینة! عجوز شمطاء رمت علیها تعویذة، فأودت بعقلها
    أم عزة: كانت مصیبة واحدة، وصارت مصیبتین. أولاد الحرام خربوا دیارنا. وهو اشتدت علیه اللوثة، وضاع عقله
    .في الهلوسة. الحمل ثقیل ولا أعرف لمن أشكو بلائي. آه لو أستطیع أن أقابل ملك هذه البلاد
    ..مصطفى: ماذا تقولین لیه؟
    أم عزة: ماذا سأقول له! على لساني أحمال من الكلام .. سأقول.. سأقول یا ملك الزمان العیارون واللصوص یحكمون
    البلاد، وینهبون أرزاق العباد. العدل نائم، ولیس هناك من یفتش أو یحاسب. الغش رائج، والتعدي سائد. لا سلامة، ولا
    .كرامة، ولا شریعة.. و.. لا. لا تخف. لو قابلت الملك، فسأعرف ما أقول له
    .مصطفى: لا شك أنك تبالغین
    .أم عزة: لینزل ویر بنفسه . لو كنت أبالغ ما رأیتنا أیها الكریم على هذه الحال. البیت خرب. ورب البیت عقله مختل
    أبو عزة: ما عیشي مع هذه المرأة النكداء. وعندي ألف محظیة حسناء!. عرقوب.. ألم تمد الفرش الوثیرة، وتصف
    !الوسائد المریحة
    .عرقوب: فرش وثیرة، ووسائد مریحة! معلمتي.. أنجدیني
    .أم عزة: انتما شهمان. ولن تعتبا علینا ان لم یكن في الدار ما یلیق بالضیف
    أبو عزة: وهات أقداح الفضة. ثم رتب لنا السفرة
    محمود: لا والله. لا داعي للتكلیف. جئنا نصحبك معنا. هذه المرة ستكون الضیافة علینا. نرید أن نأنس بوجودك،
    .ونستمتع بطرائفك
    !عرقوب: وخادم معلمي
    .محمود: وأنت معه أیضاً
    .أبو عزة: لولا أنك حلفت یا حاج محمود، لما قبلت أن تكون الضیافة الا عندي
    .أم عزة: بالله علیك ماذا أفعل
    .مصطفى: لدي تدبیر. وربما استطعنا مساعدتك
    .أبو عزة: من تعاطى منها شیا في الدجى ما مات
    .مصطفى: (منتحیا بمحمود جانبا) أعطني ورقة مثول مختومة
    محمود: ماذا ترید أن تفعل؟
    .مصطفى: سنتیح لهذه المرأة أن تقابل الملك
    !محمود: ألا یكفي ما أصابنا من لسانها السلیط
    .مصطفى: (وهو یتناول الورقة) الصدفة تخدم خطتي والملعوب یتكامل
    .أبو عزة: ( همسا لمحمود) لا تؤاخذني یا حاج محمود. احبك فیه سماجة، وتنقصه الذلاقة
    .محمود: عندما تشملنا الجلسة، وتدور الخمرة، ستكتشف فیه الدماثة
    .مصطفى: أختي.. أرجو أن تكوني ممن یحفظون السر. تربطني بالملك صلة، وسأدبر لك المقابلة
    ..أم عزة: (تشهق خائفة) أقابل الملك! وما قلته
    .مصطفى: لا علیك.. عدیني فقط أن تحفظي السر
    .أم عزة: (لا تزال مأخوذة) محفوظ في بئر عمیق
    .أبو عزة: الصولجان یا عرقوب
    .عرقوب: حاضر یا معلمي
    .مصطفى : خذي هذه الورقة. تظهرینها غدا للحراس، فیقودونك فورا إلى قاعة العرش
    ..أم عزة: كثر الله أمثالك. بدأ لساني یتلجلج. أیمكن أن أصطحب ابنتي، علها تسعفني، وتمدني بالقوة
    .مصطفى: لا بأس
    محمود: هل نمضي یا حاج مصطفى..؟
    .مصطفى: فلنمش على بركة الله. نامي اللیلة مطمئنة، ونحن سنصطحب زوجك كي یؤانسنا
    .أم عزة: فلیحفظكم الباري
    .(مصطفى ومحمود یتجهان نحو الباب)
    .مصطفى: شعرت بالبهجة مع هذه العائلة الظریفة
    .(یخرجان.. وفي أثرهما أبو عزة وعرقوب)
    .عرقوب: معلمي. لنقفل الباب. لا یجوز أن یأتي هذا الأحدب، ولیس في الدار إلا الحریم
    .أبو عزة: (وهما یخرجان) دعنا منه یا عرقوب.. الفتاة تأمل أن ینالها ثوابه
    ام عزة: (تصیح ببشیر) عزة.. عزة.. (تخرج الفتاة إلیها) الله كبیر یا ابنتي.. هیئي نفسك. هل تعلمین أین سنذهب غدا؟
    .لن تحزري مهما حاولت. سنذهب إلى القصر، ونقابل الملك
    !عزة: الملك
    أم عزة: أي وربك یا عزة.. الملك ذاته. سنروي له كل شيء، ونطلب عدله وانصافه. تعالي نتناول لقمة، ونرتب أمور
    .الغد
    !عزة: أمي
    .أم عزة: لا تخافي.. عقلي متین ورأسي صلبة . تعالي أقص علیك ما حدث
    (..تختفیان.. ظلام)
    ( فاصل ( 2
    ."لافتة: " حكایة عن تاریخ التنكر وسر الجماعة السعیدة
    اللیلة نفسها. تظهر فقط الزاویة الیسرى التي فرشت فیها الحشیة في دار أبي عزة. الإضاءة قمریة مریحة. عبید )
    یجلس على الحشیة، ویسند ظهره إلى الحائط بارتیاح. یبدو وهو یخط بانهماك شیئاً ما على ورقة. بعد قلیل تظهر
    .(عزة. یفاجأ ویرتبك. یخفي الورقة، یرفع ظهره عن الحائط متظاهرا بالتوجع.. عزة تحدق إلى ظهره
    !عبید: (بین الارتباك والفرح) ألم تنم الصبیة بعد
    .عزة: (على وجهها غلالة قاتمة من الكآبة) یجفوني النوم
    ..عبید: كآبة هذا الوجه الرقیق تتنافر مع جمال اللیلة. ماذا هناك؟
    .عزة: (تتحدث بصعوبة). كان الیوم فظیعاً وقاسیا. یتملكني الخوف، واحساس بالوحشة
    .عبید: مم؟.. (عزة لا تجیب) أزیحي ما یثقل على صدرك. تخف وطأة الهموم قلیلا حین یحكیها المرء
    عزة: لا أدري.. (لحظة ، ثم منفجرة) لم أعد أحتمل العیش في هذا الجحیم. بیت لا یسكنه إلا البؤس والجنون. أحس
    .أني أحیا مع أشباح معتوهة في مغارة لا هواء فیها ولا ضوء
    .عبید: ولكن المغارة بیتنا، والأشباح أهلنا، والجحیم مهما دام ستغیر
    عزة: في لحظات التعاسة فقط، یشعر الانسان أنه لم یعد قادراً على الاحتمال. لكن قدرته على الاحتمال لا تنفذ. وهو
    .یتحمل أي جحیم لأنه یعرف ولو بالفطرة أن الشقاء لا یمكن أن یستمر
    ..عزة: ومتى ینتهي الشقاء.. شقاؤنا جمیعا؟
    عبید: آه.. في مثل هذه اللیالي الجمیلة، وعندما كان لي عمرك،كنت أحس أن قلبي یخفق بخفة. وأني أنتظر بوداعة
    .شیئاً ما.. شیئاً غامضاً ومبهجاً
    عزة: تعبت من الانتظار. أحیانا یجرفني الشك، فأشعر بالخوف والوحشة. أحقاً سیأتي الذي حدثتني عنه؟
    .عبید: یقینا سیأتي
    .عزة: ألا تعرف أین هو الآن
    .عبید: ربما كان في المدینة. وربما لم یكن واحدا فحسب، بل جمعا كبیرا
    .(عزة: في المدینة! ماذا ینتظر إذن؟ لماذا لا یظهر، فینقي الهواء، ویطرد البؤس، ثم یأتي .. (تتوقف خجلة
    عبید: (وهو یفتش الكیس) لا شك أن لدیهم خطة دقیقة، وسیظهرون عندما تواتي اللحظة. (یخرج التفاحة) أنظري ماذا
    .حملت لك. عندما رأیت التفاح تذكرتك. وددت أن أحمل أكثر. ولكن ما حیلتي! السعر غال
    .عزة: لا أرید أن تجور على نفسك من أجلي
    عبید: خذي.. سیبهج صدري أن أراك تسترخین لعذوبة هذا اللیل. تقضمین التفاحة بهدوء، وتسرحین مع رؤى جمیلة
    .عن الأیام التي ستأتي
    عزة: ما أشد لطفك! عندما أصغي إلیك أشعر أن الحیاة تغتسل من البشاعة والیأس. (تتردد) ولكنك تحیرني. ان
    الغموض یحیط بك. منذ یومین.. أرجو ألا تغضب، وتأكد أنهم لو قطعوا لساني لن أبوح بشيء. منذ یومین لم أكن قد
    .نمت بعد، ولمحتك وأنت تسوي البقجة التي تبرز في ظهرك
    !عبید: (ساهما) واذن اكتشفت سري
    عزة: لا أعرف أسبابك. ولكن حیرني الأمر، وبدأت أتساءل لماذا تحمل حدبة؟
    .عبید: كي أزید تنكري اتقانا
    ..عزة: ولم التنكر؟
    .عبید: لأننا مجبرون الآن على التنكر
    !عزة: (بلهفة وحیاء) أأنت الذي أنتظره
    ..عبید : هل تشعرین بالتعب أو النعاس؟
    ..عزة: لا
    ..عبید: اذن سأروي لك حكایة عن التنكر الأول، وكیف تسلسل؟
    .عزة: لم تجب على سؤالي
    ..عبید: ألا تریدین سماع الحكایة؟
    ..عزة: نعم .. انما یشوقني أن أعرف
    عبید: لنؤجل الجواب، ونبدأ الحكایة. ( یسرح ببصره في اللیل، ویتخذ صوته نبرة مختلفة) في قدیم.. قدیم الزمان.
    كانت هناك جماعة من البشر تعیش حیاة بسیطة متناسقة كنشید أو أغنیة. أفرادها متساوون تساوي الأحرار لا العبید.
    یعملون في أرضهم المشتركة كالید الواحدة. ویتقاسمون الخیر كأفراد العائلة. یأكلون من مرق واحد، ولا یرتدون من
    الكساء ما یزید عن الحاجة أو الضرورة. في قدیم .. قدیم الزمان، كانت وجوه البشر صافیة، وعیونهم شفافة. الباطن
    لدیهم هو الظاهر لا التواء ولا بغضاء ولا حسد، والحیاة بسیطة متناغمة تجري كالجدول العذب أو كالأغنیة.. وذات
    یوم.. وصار الیوم تاریخا وبدءا. دب النشاز في حیاة تلك الجماعة المتضافرة. انشق عنها واحد من أفرادها. كان
    أقوى .. كان أدهى، لا یهم، لكنه مزق أملاك الجماعة، واستأثر بالحصة الكبرى. انفصل عن الآخرین ، وتمیز ارتدى
    كساء زاهیاً. بدل هیئته ووجهه، وتنكر. یومها ظهر المالك، وكانت أولى حالات التنكر. ثم تزین المالك أكثر وأكثر
    بالأبهة والثروة.. تحول المالك ملكا، وهو أقصى حالات التنكر. ومن الملك تسلسلت عملیات معقدة من التنكر المتتابع.
    تفككت الحیاة البسیطة الشفافة، وتمزقت وحدة الجماعة في صور تنكریة متصارعة. هناك الأمراء والعسكر. الأجراء
    والعبید. المتسولون والمعدمون.. فئات كثیرة، كل منها یعیش متنكرا في ثوب ودور. بعضها تنكر لیحكم ویسود .
    وبعضها فرض علیه التنكر لیخدم ویضطهد. وفوق الجمیع یتربع الملك سلیل أول المتنكرین، وأحرص الجمیع على
    .زیه التنكري.. واستمرت الحال الى یومنا هذا، لكنها لن تستمر إلى الأبد
    .عزة: (بعد فترة تأمل) وكیف یمكن أن ینتهي التنكر وتعود وجوه البشر صافیة،

    يتبع
    و
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:50 pm

    وعیونهم شفافة
    عبید: تروي كتب التاریخ عن جماعة ضاق سوادها بالظلم والمجاعة والشقاء. فاشتعل غضبها، وذبحت ملكها، ثم
    .أكلته
    .عزة: (مرتعدة) أكلوا الملك
    ..عبید: هكذا یروي التاریخ
    !عزة: ألم یتسمموا
    عبید: في البدایة شعروا بالمغص.. وبعضهم تقیأ. ولكن بعد فترة صحت جسومهم، تساوى الناس، وراقت الحیاة. و لم
    .یبق تنكر ولا متنكرون
    .أم عزة: (من الداخل) عزة.. ألم تنامي! سنصحو غدا قبل الفجر
    .عزة: جفاني النوم قلیلا. ها أنذا آتیة
    .أم عزة: سنحتاج غدا إلى القوة والفكر الصافي. تعالي
    .عزة: (هامسة) وعدتها أن أكتم الأمر. ولكن سأقول لك. غدا سنقابل الملك

    !عبید : الملك
    .عزة: غدا أشرح لك. (تتردد) عرفت أنك من أنتظر، ولن تفقدني أبدا
    .(تمضي إلى الداخل)
    عبید: لو تعرف أي وتر موجع مست! كم تمنیت هذه اللحظة، وكم تجنبتها. منذ الغد علي أن أبدل المأوى، والمهنة اذا
    .استطعت
    (ظلام)
    المشهد الثالث
    ". الملك یعطي سریره ورداءه للمواطن أبي عزة : " لافتة
    زاویة إلى جوار مخدع الملك. یظهر الحاج مصطفى والحاج محمود وعرقوب. الضوء خافت، والأصوات خافتة. )
    .(یسمع شخیر فظ ینبعث من داخل المخدع
    .محمود: أف.. أهذا شخیر أم نهیق حمیر! سیوقظ كل أهل القصر
    .عرقوب: واخجلتاه یا معلمي! لو علمت أین ترقد لاستحیت حتى من التنفس
    .مصطفى: سقیناه مع الخمر منوما قوي المفعول
    .محمود: (هامسا) أیة فضیحة لو استیقظ بعض أفراد الحاشیة
    .عرقوب: (یخرج مندیلا مهلهلا ووسخا من جیبه) سأضع هذا المندیل في فمه
    .مصطفى: ولم! ربما وجد الأمر طریفا. مولانا الملك لا یتاح له دائما أن یسمع رعیته تشخر
    عرقوب: (ذاهلا) مولانا الملك! هل قلت یا حاج مصطفى مولانا الملك؟
    .مصطفى: نعم مولانا الملك. آن أن نكشف لك جلیة الموضوع. حتى تساعدنا یا حاج مصطفى
    مصطفى: (بحدة) لا تقاطعني یا محمود. نحن یا عرقوب من ندماء الملك. هیأنا هذا الملعوب بأمره، والقصد أن ندخل
    السرور إلى قلبه. حدثناه عن اختلال أبي عزة، وتوهمه المحال. فاستعذب خبره، وطلب منا أن نعد الملعوب لنرفه
    .عنه. معلمك یرقد الآن في مخدع مولانا الملك
    .عرقوب: (ینطنط) مخدع مولانا الملك! واخجلتاه! یجب أن أكتم شخیره في الحال
    مصطفى: دع ذلك، واصغ إلي. لن یتم ما نرید إلا اذا أظهرت ما لدیك من فطنة ونباهة. في الصباح سیلبس معلمك
    .التاج، ویحكم نهاره بدلا من الملك. أما أنت فسترتدي ثوب الوزیر
    !محمود: ثوبي.. (متداركا) ثوب الوزیر
    !عرقوب: الوزیر
    .محمود: ربما لا یرید الوزیر أن یلبس أحد رداءه
    .مصطفى: (بحدة) عندما یرید الملك. فعلى وزیره أن یرید أیضاً
    !عرقوب: (ذاهلا، ومتحسسا جسده) أنا.. ! ثوب الوزیر
    مصطفى: نعم. ترتدي ثوب الوزیر، وتسلسلك مع معلمك سلوك الوزیر مع مولاه الملك. لا بد من الانتباه. اللعبة قد
    .تفسدها زلة اللسان، ویرتد أبو عزة إلى الیقظة قبل الأوان
    .عرقوب: لا تخف یا حاج مصطفى. في هذه اللعبة لدي خبرة ومران
    .مصطفى: اذن سینشرح صدر الملك، وهو یتابع ما یحمله النهار من فكاهات ومفارقات
    عرقوب: وهل یمكن أن أحظىبعد ذلك برؤیة الملك الحقیقي؟
    .مصطفى: طبعا ستراه ، وتنال عطایاه. ولكن قبل كل شيء، ینبغي أن ینجح الملعوب
    .عرقوب: كن مطمئنا
    .مصطفى: لنسترح قلیلا قبل أن یأتي النهار. اذهب إلى فراشك یا عرقوب، ولا تتأخر عن طلوع الشمس
    عرقوب: سأصحو مع الفجر. أستأذن مقامكما العالي راجیا أن تنعما برقاد هانئ. (وهو ینسحب، یتمهل أمام المخدع)
    .أشخر یا معلمي اشخر، فغدا إلى دار الجنون ستعبر
    .(..یختفي)
    محمود: مولاي.. لا تزال هناك فرصة للعدول عن هذا التدبیر. من واجبي أن أقول لك، أنك تندفع وراء نزوة لا تخلو
    ..من المزالق
    مطفى: شدة الوساوس تفقدك روح الدعابة یا وزیري.. قلت لك، الیوم رغبتي جامحة في السخریة. آه.. أحس أني طفل
    .تصب فخه باحكام، وهو ینتظر الآن تساقط الطرائد. أمامنا نهار ستتقطع فیه أنفاسنا من الضحك
    !محمود: صنعت الفخ من ردائي (مستدركا) من ردائك وردائي
    .مصطفى: أنعود إلى مسألة الرداء! لا تكن مضحكا
    محمود: لیعذرني سیدي. لا أستطیع أن أحتمل رخاوتي حین لا یكون ردائي على جسدي. فكیف اذا رأیت هذا الخادم
    !یرتدیه
    مصطفى: لا یلیق بوزیري أن یكون خرقة مهلهلة. ولم كل هذا الاضطراب؟
    .محمود: لن اللعبة خطیرة
    مصطفى: وهذا ما یزیدها امتاعا. أعرف أنها خطیرة. وربما فقد هذا المغفل في نهایة النهار عقله. ولكن لا أستطیع أن
    أكبت میلي الشرس إلى السخریة والعبث. أتصور ارتباك الجمیع. الشاب الرقیق میمون سیكون أول من یلطشه
    العفریت. سیتصرفون كأن القصر سكنه جني. ثم تتوالى المفارقات. وفي المساء أقهقه في وجوه الجمیع، وأعلمهم
    .معنى أن یكون الملك على مقاس الرجل، والرجل على مقاس الملك
    !محمود: واذا تحولت المفارقات إلى حماقات یصعب علاجها
    .مصطفى: یمكننا التدخل حین نشاء
    محمود: مولاي كي نضبط اللعبة، ویتحقق السرور دون متاعب، دعني أظل الوزیر. أبقى إلى جواره وأوجهه بما
    .یجنبنا الخطأ الجسیم أو الحماقة
    مصطفى: لا.. ذلك یفقد الفكاهة طعمها. ستبقى أنت حیث أكون. أف.. ألا تستطیع أن تتخلى نهارا واحدا عن الوزارة.
    .ولمن تتخلى! فعلا انك مضحك. دعنا نأخذ قسطا من الراحة، ونتهیأ للغد
    محمود: مرة سحب الصیاد شبكته من الماء، فوجد في قمرها زجاجة مسدودة. أمسكها فتناهى إلیه من جوفها أنین
    .وبكاء
    .مصطفى: أستطیع أن أنام هذه اللیلة دون حكایة
    .محمود: كما یحب مولاي
    .(ینسحب الملك، ومحمود یتابعه بنظرة یمتزج فیها الغضب والازدرا)
    محمود: علامة النهایة أن ینسى الملك شرطه، ویعامل بالاستخفاف ثوبه وتاجه. على كل، یجب ألا أفلت الخیط. ما یهم
    .أن أنقذ ردائي أما هو فلیبلع الدرس من الألف إلى الیاء لنفكر بتدبیر احتیاطي
    (ظلام)
    ( فاصل ( 3
    ."لافتة: "نذكر بأنها لعبة.. ولنتراهن على النتیجة
    .(كما في البدایة یظهر عرقوب والسیاف وكأنهما بهلوانان یلعبان.. في طرف قصي.. یقف عبید وزاهد)
    .السیاف: في الحیطة السلامة. ومن الحیطة أن نذكر
    .عرقوب: كیلا یغفل المرء، ویسرح الفكر. نتوقف لحظة ونذكر

    .السیاف: المملكة خیالیة
    .عرقوب: والحكایة وهمیة
    ..عرقوب: ونحن نحلم
    .السیاف: والأحلام كلها فردیة
    ..عرقوب: (قافزا) وهم، وخیالات ، وحلم
    .عبید: ما من ملك یتخلى عن عرشه الا اقتلاعا
    ..زاهد: ما من ملك یعیر ، أو یؤجر تاجه ولو مزاحا
    .عرقوب: نحن نلعب
    .السیاف: واللعبة تمضي حتى الآن ببراءة
    ..عرقوب: هذا النهار، سیعتلي معلمي العرش، ویحكم .. هو واحد منا، من حینا وعامتنا، فماذا سیعطینا؟
    السیاف: بل هو نخبتنا فماذا سیعطینا؟
    ..عرقوب: هو من حینا وعامتنا
    .السیاف: بل هو من نخبتنا
    .(یتخذان وضع التدافع والعراك)
    .عرقوب: سیعطینا نحن
    .السیاف: بل سیعطینا نحن
    .عرقوب: هو واحد منا
    .السیاف: بل واحد منا
    .عرقوب: منا
    .السیاف: بل منا
    .(..یتشابكان، وتتدافع كلمة منا بینهما)
    ..عبید: (یوقفهما) فلنتابع.. ذاك أفضل
    (ظلام)
    المشهد الرابع
    ."لافتة: "المواطن أبو عزة یستیقظ ملكا
    في المخدع الملكي. میمون منهمك بتدلیك قدمي أبي عزة. یبدو التدله على قسماته. وبین حین وآخر ینحني ویلثم )
    احدى قدمیه. یرفع أبو عزة رأسه. ینظر إلى میمون، ثم یغمض عینیه بسرعة، ویدفن رأسه في المخدة.. یعد فترة
    .(..یلحظ میمون یقظة أبي عزة
    .میمون: (وهو ینحني على القدم) أسعد الله صباح مولاي. وأفاض علیه الخیر والبشر
    !أبو عزة: ما أعذب الأحلام
    .میمون: جعل الله أیام مولاي مشرقة ودائمة الخضرة في الحلم والیقظة
    .أبو عزة: (تهزهزه الدغدغة) قدماي.. آه لا تزد
    میمون: تبت یداي. هل أفلتت مني لمسة خشنة؟
    .أبو عزة: أرق من طیف الخیال. تسري الدغدغة في بدني كالنشوة. آه. لیت هذا المنام لا تعقبه صحوة
    .میمون: أمرني مولاي أن أوقظه مع بزوغ الشمس
    .أبو عزة: أطلب من الشمس أن تؤخر بزوغها قلیلاً
    !میمون: تعالت قدرة الباري. أیكون سلطان النعاس أقوى من سلطان الناس
    یعتدل أبو عزة في السریر بحركة عنیفة. یحملق في میمون، ویتطلع حوله بعجب واندهاش. میمون لا یزال جاثیاً )
    .(حاني الرأس
    أبو عزة: (كأنما یحدث نفسه) ما أشد سطوة الأحلام! هل استیقظت فعلاً؟.. (یتحسس صدره ووجهه، یلمس الفراش.
    یمسك آنیة من الفضة على طاولة قرب السریر) یدي تخبرني أن ما ألمسه صلب وحقیقي. لكن ما تراه عیناي لا
    !یختلف عن أطیاف الحلم. هذا الفراش الوثیر. والأثاث المترف الوفیر. الفضة والذهب. المخمل والحریر. أي حلم مثیر
    !میمون: أدعو الله ألا تكونأصابت مولاي وعكة. ولا كانت غفوته عسرة
    ..أبو عزة: (یرمق الصبي. مترددا) من أنت أیها الشاب اللطیف. واین نحن؟
    .میمون: أهي رغبة مولاي أن یعاقبني بالتجاهل. أنت في مخدعك السامي. وأنا میمون عبدك وحاجب ایوانك
    .أبو عزة: اقترب أیها الشاب الودیع
    .میمون: (وهو یقترب، حاني الرأس) بین یدي مولاي . ورهن كل اشارة أو رغبة
    .(یلمس أبو عزة وجه میمون بأصابع مترددة وراعشة ثم یداعب خده وشعره)
    !میمون: ما أكرم هذه الید الدریة
    .أبو عزة: لا تفر أیها الحلم
    .(یدخل عرقوب مرتدیا ثیاب الوزیر. حركاته تتصف بالرزانة، وتقل فیها الخفة)
    .عرقوب: أسعد الله صباح مولاي
    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:51 pm

    .أبو عزة: (مغطیا عینیه بیدیه) نعق الغراب. وجاء مبدد الأحلام وهادم اللذات
    .عرقوب: انهض یا مولاي. فالشمس أشرقت، وشؤون الدولة تنتظر التدبیر والادارة
    .أبو عزة: اغرب عني. وما علاقتي بالشمس. لم أستعجل شروقها، ولن أترك هذا النعیم من أجلها
    .میمون: (هامسا) سیدي الوزیر. أخشى أن تكون قد أصابت مولاي وعكة
    .عرقوب: تنح قلیلاً. وسأرى ما أصاب مولانا
    !أبو عزة: (یحدق إلى عرقوب بامعان متأملا رداءه) عرقوب. ما هذا اللباس الذي ترتدیه
    عرقوب: عرقوب! عرقوب! منذ الصباح شهیة مولاي منفتحة على المزاح. لا شك أنه یطلق علي الاسم البلدي بغیة
    .مداعبتي
    أبو عزة: (غاضبا) معلمك لا یستسیغ المزاح على الریق. من أنا ومن أنت؟
    .عرقوب: كیف یكون المزاح إذن! أنت الملك فخر الدین المكین، وأنا الذي أنعمت علیه، وسمیته وزیرك بربیر الخطیر
    .(..ینزع أبو عزة الأغطیة عنه، وینهض بعنف وحیرة)
    .میمون: نهض الكمال
    .عرقوب: والعدل والجلال
    أبو عزة: ماذا فعلت مساء أمس؟
    .میمون: البارحة كان مولاي متعبا، وأوى إلى مخدعه مبكرا
    !أبو عزة: أین الیقظة! وأین الحلم! (یجول في الغرفة وهو یجس الأثاث ویعاینه) أین الیقظة! وأین الحلم
    .عرقوب: حان أن یرتدي مولانا ثیابه، ویحمل تاجه وصولجانه. (إلى میمون) ناد الحاشیة
    .أبو عزة: عرقوب
    .عرقوب: (یقاطعه) مولاي.. أرجوك ألا تحط من شأني ، وتمازحني أمام الحاشیة بهذا الاسم
    .أبو عزة: اقترب . أرید أن أمتحن التخوم التي تفصل بین الیقظة والمنام. اصفعني
    !عرقوب: مولاي
    أبو عزة: اصفعني (عرقوب یصفعه بعنف وتشف. یمیل أبو عزة مع الصفعة. یضع یده على خده). آخ.. لعن الله هذه
    .اللحیة الطفیفة
    .(أبو عزة یمسك عرقوب بغضب)
    .عرقوب: سامحني. ورد لي الصفعة مائة. لولا الحاح مولاي أقطع یدي ولا أجرؤ
    أبو عزة: (یفرك خده شارداً) ما هو بالحلم إذن! (فترة) ذكرني.. لا أدري ما الذي یشوش رأسي هذا الصباح. منذ متى
    ونحن الملك والوزیر؟
    عرقوب: بعد أیام ستحفل البلاد بذكرى تتویج مولاي فخر الدین المكین. وطوال هذه المدة، أقف أنا بربیر الوزیر إلى
    .جوار مولاي مثل الظل أو الخفیر
    – المشهد الرابع – 2".. لافتة: "المواطن أبو عزة یختفي قطعة .. قطعة
    .(..تسمع جلبة. یدخل میمون یتبعه حاجبان. ووراءهم فرقة الانشاد)
    :(فرقة: (بعد أن تصطف.. غناء خلیفة
    أنت مولانا الكریم *** سدت بالملك العظیم
    فابق یا نسل الكرام *** في نعیم لا یرام
    في صفنا حسن الختام ** * بالغا كل المرام
    عرقوب: ألبسوا عظیم القدر، ثیاب المجد والفخر. (ینحني الحاجبان باحترام. میمون یسوي كل قطعة بلمسات حانیة.
    یجب أن تتم عملیة الارتداء بشكل بطيء، وكما تؤدى الطقوس السحریة أو المقدسة. یمكن أیضاً أن یضم هذا المشهد
    .(..لمسات ماكیاج على الوجه
    .أبو عزة: (مع ارتداء قطعة الثیاب الأولى) أأنا مسحور. أم أصاب عقلي أمر من الأمور
    !فرقة الانشاد: أي مجد وفخار
    !أبو عزة: تبدو التخوم زجاجیة یتراءى فیها ضوء وسراب. أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور
    .فرقة الإنشاد: (بعد القطعة الثانیة) أي عز واعتبار! لیت مولاي یترك بدنه النقي یلین ویسترخي
    أبو عزة: أجتاز أرضاً سبخة، وقدماي لا تغوصان، ولا تبتلان. أمشي وكأني أنزلق على سطح من الجلید المتلالئ. ما
    !ورائي تطویه ریح غضاریة، وتحمله بعیدا.. بعیدا. أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور
    !فرقة الإنشاد: أي بأس ووقار
    .عرقوب: ترفقا بالتاج. واحملاه كما تحمل مقلة العین
    !أبو عزة: اختفت الریح وما طوته. تساقطت الذاكرة وما حوته. أتقدم ولیس ورائي الا جدار مظلم كتیم. أأنا مسحور
    .میمون: (یتناول یده) دعني أرصع هذه الید الثمینة بالزمرد والیاقوت
    .أبو عزة: الضوء والوجوه. أشعر أني أرى بوضوح
    .(یوضع التاج على رأسه)
    !فرقة الإنشاد: أي كمال! أي جمال! أي بهاء
    أبو عزة: یبدو أني وصلت. أو ولدت. أدخل قاعة واسعة . واسعة وفارغة. یغمرها ضوء شرس كأنصال الخناجر. اني
    .وحید
    .عرقوب: وهذا ولجان ملك الزمان
    .(یمسك أبو عزة الصولجان. تكسو الجدیة ملامحه. وتبدو قامته صلبة، ووقفته حازمة)
    :(فرقة الانشاد : (تغني وكأنها ترتل
    أمیر العصر جلیل القدر عظیم الفخر بلا نكر
    فدم في یسر طوال العمر مطاع الأمر مدى الدهر
    البشر في جبینه *** والخیر في یمینه
    كاللیث في عرینه *** یرعى حقوق شبله
    في كل آن
    فاحفظه یا رب السما *** معززا مكرما
    فلا یزال معظما *** في ملكه وعدله
    طوال الزمان
    .الملك: (یدق الأرض بصولجانه. یتوقف الغناء) عما قلیل.. نمضي إلى الایوان، ونسیر شؤون العباد
    .الوزیر: انصرفوا
    (ظلام)
    -المشهد الخامس – 1
    ."لافتة: "الملك یضیف إلى ندمائه ندیمین جدیدین
    زاویة متوازیة عند المرتقى الذي یربط بین المخدع والایوان حیث یقع العرش في الفراغ الواسع. یتزاحم في الزاویة )
    .(الحاج مصطفى والحاج محمود.. یتبادلان الكلام همسا
    .مصطفى: (منطلق الوجه) أما لاحظت النشاز في الغناء! تخیلت عیونهم تجحظ، وحناجرهم تیبس من الخوف والذهول
    .محمود: (ساخطا ومتضایقا) لم ألاحظ لا نشازا في الغناء، ولا جحوظا في الحناجر
    .مصطفى: جحوظا في الحناجر! یبدو أنك الیوم رائق
    !محمود: ولم لا. ألم تعطنا هذا النهار اجازة
    مصطفى: اجازة وفكاهة. هل زاولك الشعور بالرخاوة؟
    ..محمود: بل امتدت الرخاوة إلى رأسي. أشعر أن ذهني
    .(یظهر میمون خارجا من المخدع، متجها إلى مكان وقوفه على باب الایوان)
    .مصطفى: (مقاطعا) هو ذا میمون. فلنر دهشته. ونسمع أخباره
    .محمود: لا أرى على وجهه دهشة أو ذهولا
    .مصطفى: میمون.. میمون.. (یلتفت میمون نحو الصوت، متطلعا باستغراب) تعال
    میمون: (یقترب مترددا، وهو یمعن النظر إلى الرجلین) ماذا ترید أیها السید الغریب؟
    !مصطفى: السید الریب
    .میمون: لا أظن أني رأیتك قبل الآن. ویدهشني أنك تعرف اسمي، كما یدهشني دخولك إلى هذا المكان
    !مصطفى: (هادرا ومهددا) میمون
    .میمون: أیها السید لا یكفي أن تعرف اسمي، كي یحق لك أن ترغي في وجهي
    مصطفى: (یبدل لهجته ، متمالكا نفسه بصعوبة شدیدة) لا علیك أیها الشاب. انما عجبت لأنك لم تتذكرنا. نحن من
    .خلان مولانا الملك
    .جئنا مرارا إلى هذا القصر، ونعرف أهله بالسیماء والاسم. ولكن أهله واأسفاه ینكرون معرفتنا أحیانا
    .میمون: لم أتعمد الانكار أیها السید الكریم. فأنا أفتدي مولاي بروحي. وأرعى حق خلانه كما ترعى الأمانة
    محمود: بارك الله فیك. هل استیقظ مولانا بالبشر والهناء؟
    میمون: في البدایة.. فر الدم من أصابعي. خشیت أن یكون، لا قدر الله، متوعكا. ولكن تبین أنها أضغاث أحلام. وحین
    اكتملت یقظته تلألأ كالبدر التمام. (یمس وجهه بأنامله حالما) آه.. ولن أنسى ما حییت. أنه هذا الصباح داعب بأصابعه
    .الملكیة خدي وشعري
    .محمود: یوم یستحق أن تنقشه على خدك بالوشم
    مصطفى: قل لي یا میمون.. هل أمنعت النظر إلى وجه مولاك؟
    !میمون: وتسأل أسئلة أیها السید! من یستطیع أن یمعن النظر إلى الشمس حین توهجها
    .مصطفى: طیب.. ووجهي! هل تأملته؟ تأمله جیدا یا میمون
    .میمون: (نافد الصبر) تأملته أكثر مما یسمح به وقت المستعجل
    !مصطفى: أحقاً لم تتعرفني
    .میمون: أیها السید. خذها كیفما شئت. لا أذكر أني رأیت هذا الوجه من قبل
    !مصطفى: (یمد له یده) وهذه الأصابع.. ألا تذكر أنك لمستها مرة من قبل
    میمون: أف.. ما بال صاحبك! (یحرك سبابته فوق صدغه مومئا إلى الجنون) لم یبق الا أن یدعي الملك. أستأذن
    .بالانصراف لأن مولاي سیشرف الایوان بین لحظة ولحظة
    .(یبتعد عنهما، وهو یهز رأسه ضیقا وعجبا)
    .مصطفى: كثیراً ما فكرت أن هذا ال میمون لیس إلا رقیعاً مومساً أبله
    .محمود: أخشى ألا یكون الوحید
    ..مصطفى: ماذا تعني؟
    .محمود: لا شيء
    .مصطفى: هذا المساء سأفرم أنامله، وأطعمها للكلاب المسعورة
    یظهر الملك، وخلفه عرقوب. مشیة الملك حازمة، متناسقة وبطیئة. وجهه تعلوه جدیة مشوبة بمسحة من الكآبة )
    .(النبیلة
    .محمود: أطل الملك
    !مصطفى: (منتفضاً) الملك! تقصد صاحبنا المغفل
    محمود: أیة رزانة! یبدو شدید الاندماج في ردائه .. أما عرقوب! انظر كیف یتبختر. انه یحشو ثوبي بالوضاعة
    .والمجون. (یرید أن یندفع نحوهما) أقتلع عیني ولا أحتمل هذا المشهد
    .مصطفى: (یمسكه من قذاله) لا تكشف اللعبة من بدایتها
    .محمود: انه یلبس جلدي. انسلخ جلدي، وأعضائي تنفك وتتراخى. (یمسك عرقوب، بصوت خفیض) حاذر على الرداء
    .(یتوقف الملك. عرقوب یرتبك. ومحمود یمسد على الرداء. ویسوي طیاته، بینما یحاول مصطفى أن یوقفه ویجره)
    ..الملك: من قاطع سیرنا؟ أین الحراس؟
    عرقوب: (یلجأ إلى الخفة مواریا المفاجأة) لا داعي یا صاحب الرفعة. لا داعي. ألم أخبر مولاي! لا شك أني نسیت أن
    ..أخبر مولاي. هذان الدرویشان التقینا بهما أثناء زیارتنا التفقدیة لولایة.. ولایة
    .مصطفى: (ساخراً) عنبر الشرقیة
    ..عرقوب: أي نعم عنبر الشرقیة. هل یذكرهما مولاي؟
    .الملك: لا أذكرهما, ولیس في مملكتي ولایة اسمها عنبر الشرقیة
    .عرقوب: هذه واحدة یا حاج مصطفى. وصاحب النكتة لا یفوت واحدة
    ..الملك: (لهجة جافة) باختصار .. من هما؟
    عرقوب: باختصار .. هذان الدرویشان في القصر منذ البارحة. اجتازا أمصارا وأخطارا، وجاءا آملین أن یدخلا إلى
    .قلب مولاي السلوان، فیضمهما إلى جملة الندمان
    .الملك: لدي الكثیر من الندمان. وكل واحد منهم أشد سماجة من الآخر
    .عرقوب: أما مصطفى ومحمود فیختلفان یا مولاي عن باقي الندمان
    ..الملك: ماذا یحسنان؟
    ..عرقوب_Šwk_:4A__: تقلید الملوك والوزراء. روایة الطرائف والعواء
    !مصطفى: (زاعقا) العواء
    .محمود: (یخبط على ظهر مصطفى بِغلّ) وانتهینا یا حاج مصطفى إلى العواء
    عرقوب: أعني.. أعني.. ما یسمیه الندمان عادة بالغناء. وفوق ذلك یا مولاي هذا الدرویشان یحسنان ألعاب المهارة
    .والشطارة. وعندهما المام بأسرار المجون والخلاعة
    الملك: أضف إلى ندمائي رقمین جدیدین. سأجربهما اللیلة. ولكن سأخبركما شیئاً لم تعرفاه بعد. لا أحب رؤیة الندمان
    يتبع


    عدل سابقا من قبل أ علي رزق في 26/8/2009, 8:56 pm عدل 1 مرات
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:52 pm

    في الصباح
    .(یدیر لهما ظهره باهمال، ویتابع مشیته المتناسقة البطیئة. نظر إلیهما عرقوب مبتسما، ویهز رأسه ، ثم یتبعه)
    .محمود: افرح یا حاج مصطفى. حلنا على التعیین، وأصبحنا ندیمین
    مصطفى: ماذا تنادیني! الحاج مصطفى! أنسیت نفسك؟
    .محمود: (وهو یجره إلى الزاویة المنزویة) أي .. دعنا نتوارى جانبا، كیلا یلتفت ویرانا
    – المشهد الخامس - 2
    ."...لافتة: "الملك هو الملك.. والذي كان المواطن أبا عزة ینسى خصومه
    المشهد مستمر.. یرتقي الملك بعفویة ورزانة، الدرجات المفضیة إلى العرش. یجلس بوقار وبساطة. عرقوب ینطنط )
    (..حوله. لا یستطیع أن یمنع نفسه من تحسس العرش، والتمسید علیه. وبین حین وآخر یتشممه. انه یلعب
    .عرقوب: والآن آن القهر للحساد. (ینظر إلیه الملك بقسوة مستغربا ومتسائلا) ما دمت سلطان البلاد
    الملك: ما معنى هذا اللغو؟
    عرقوب: الخصوم یا معلم .. یا مولاي! حانت فرصتنا للانتقام من خصومنا. من ترید أن نحضر أولاً؟
    .الملك: عن أي خصوم تتحدث ! ثم ما هذه الخفة والحركات! أفترض أنك وزیر لا مهرج
    .عرقوب: ( یتخذ وضعا جادا، ویحني رأسه) العفو یا مولاي. استخفي الطرب قلیلا، لأن یوم الانتقام حان
    !الملك: أي خصوم! وأي انتقام
    .عرقوب: (مقلدا صوت أبي عزة) طه.. الشیخ الخائن المخادع
    ..الملك: خان مخادع! لماذا؟
    .عرقوب: لأن ذمته واسعة، ویأكل أموال الیتامى
    !الملك: ألم یخطب للملك في صلاة الجمعة
    .عرقوب: (یرتبك) حتما
    !الملك: هل حرض الناس على العصیان والفتنة
    .عرقوب: أیجرؤ! لا.. قلت فقط، أن ذمته واسعة، ویأكل أموال الیتامى
    .الملك: مصیبة هذا البلد، ان الله وضع في أفواههم بدلا من الألسنة ثعابین
    !عرقوب: طیب.. وشهبندر التجار
    الملك: صدیقنا الشهبندر؟
    .عرقوب: صدیق! یسمیه مولاي صدیقا، وهو الذي خرب تجارتنا
    الملك: ماذا دهاك هذا الصباح! تبتدع لي العداواتمع أركان دولتي وملكي. أترید أن تقوض عرشي؟
    .عرقوب: معاذ الله یا مولاي. ولكن خیل الي أني سمعتك تتحدث عن الانتقام من بعض الخصوم
    الملك: متى؟
    .عرقوب: ربما البارحة
    (.یسهم الملك لحظة، ثم یدق الصولجان. یهرع میمون)
    !میمون: مولاي
    الملك: أیها الشاب.. ماذا كنت تفعل البارحة في مثل هذه الساعة؟
    .میمون: (مرتبكا) في مثل هذه الساعة! كنت أنثر بعض الطیب حول عرش مولاي
    ..الملك: ولماذا تلكأت الیوم؟
    ..میمون: كنت أهم، حین دق مولاي صولجانه
    .(..یبدأ میمون بنثر الطیب حول العرش)
    الملك: (بعد تأمل قصیر، یلتفت بغتة إلى عرقوب) أنا أیضاً تتراءى لي أحیانا في المنام أو في الخلوة خیالات وأمور
    .غریبة. الا أني أتجنب الحدیث عنها، وأنساها حین أصحو
    عرقوب: معك حق. لعله خیال أو منام. سنترك الخصوم والانتقام، ولا یبقى أمامنا إلا .. إلا أن نحضر بیت المال،
    ..ونسحب منه الودائع والرسمال. وبعدها نخلع العذارى، ونجعل اللیل نهارا.. نغني مع نقیات البدن
    الملك: (یقاطعه غاضبا) أیها الوزیر. (یتوقف عرقوب، والملك یحدق إلیه بارتیاب) ادن قلیلاً. (عرقوب یدنو منه،
    ویتفرس الملك في وجهه) در أمامي. (عرقوب یدور في مكانه كعارض أزیاء. الملك یدقق النظر في ثیابه مفكرا، ثم
    !یباغته) أحقاً انت الوزیر یدقق النظر في ثیابه مفكرا، ثم یباغته) أحقاً أنت الوزیر بربیر
    !عرقوب: مولاي! أتشك بوزیرك
    .الملك: لنؤجل هذا الموضوع الآن. من هو زائري الأول
    .عرقوب: الزائر الأول! الزائر الأول! كالمعتاد یا مولاي.. كالمعتاد
    .الملك: (یدقق فیه مرة أخرى. یدق الصولجان، یهرع میمون) لیدخل زائري الأول
    .محمود: أرأیت ! بدأت الریبة تساوره حیال عرقوب
    !مصطفى: من كان یتخیل أنه یجید التمثیل إلى هذا الحد
    !محمود: وما أدراك أنه یمثل
    !مصطفى: ماذا یفعل اذن! أیمكن أن یتبدل الانسان نهائیا في ظرف ساعة من الزمان
    محمود: وأحیانا لا یحتاج إلى كل هذا الوقت، هل تذكر ذلك الیوم منذ سنوات؟
    مصطفى: ماذا حدث؟
    .محمود: ما یحدث الآن تقریبا
    .میمون: (منادیا) لیحضر مقدم الأمن بین یدي مولاي
    .محمود: (شامتا) أما زلت تتوقع أن یتعثر بردائه، أو یتزحلق عن العرش؟ لم تضحك بعد یا حاج مصطفى
    .مصطفى: هذه هي المرة الثانیة التي تنسى فیها حدودك
    .محمود: حدودنا الحقیقیة الآن، هي أنك الحاج مصطفى، وأنا الحا__________ج محمود. ووظیفتنا ندیمان في قصر مولانا السلطان
    !مصطفى: بربیر
    محمود: وأین الذي تنادیه! لنر كیف سیتصرف مقدم الأمن، العین التي تعرف متى یواقع كل رجل في هذه البلاد
    .امرأته
    .مصطفى: نعم.. هذا سیكشفها دون ریب
    – المشهد الخامس – 3

    ." والذي كان المواطن أبا عزة یتلمس الطریق الوحید المفتوحة .. الملك هو الملك : " لافتة
    المشهد مستمر. یدخل مقدم الأمن حاملا كرباجه. یمشي لا مبالیا كرجل یعرف أهمیته، وان من الصعب الاستغناء )
    عنه. اللامبالاة تصل أحیانا حد الاستهتار. یتوراى عرقوب، حین یلمحه، خلف العرش. تتصلب ملامح الملك، وهو
    .(یتابع مشیته، هذا التصلب یوحي باحساس مزیج من التحدي، وبأنه یدفع الى معركة
    .مصطفى: (همسا) یبدو أن مقدم الأمن كشفها. لاحظ استخفافه
    .محمود: لاحظته مرارا. ونبهت إلیه مرارا
    .مقدم الأمن: (یقف أمام الملك دون احترام) مقدم الأمن بین یدیك
    ..الملك: (محاولا السیطرة على قلقه وضیقه) كیف أمضت بلادي لیلتها؟
    ..مقدم الأمن: ككل لیلة بأمان وهدوء
    !الملك: ألم تعكر لیلتها حوادث جسیمة
    .مقدم الأمن: لا شيء إلا الحوادث الیومیة البسیطة
    الملك: وفي الخفاء! ماذا یحاك في خفاء هذه البلاد؟
    .مقدم الأمن: مع رجالي لا یوجد خفاء
    .الملك: انك مفرط الثقة أیها المقدم. والثقة المفرطة تقلل الاحتراز والیقظة
    .مقدم الأمن: (بحدة) هذه اللهجة لم أتعود سماعها
    .الملك: على الملك أن یغیر لهجته بین حین وآخر، اذا كان لا یرید أن یلتهم الخفاء عرشه
    مقدم الأمن: (یبدأ بالارتباك) هل یلمح مولاي الى شيء؟
    .الملك: لا ینبغي أن یحتاج مولاك إلى التلمیح. هذه البلاد لا تخلو أبدا من الخفاء
    .مقدم الأمن: كأن مولاي یرتاب في أمر معین
    .الملك: ملك بلا ریبة، كالملك بلا عرش
    .محمود: هاتفاً باعجاب) وربك.. هذا هو رأیي أیضاً
    .مقدم الأمن: انها لفعلة دنیئة! من وشى إلى مولاي؟
    الملك: (یفعمه الاحساس بالسیطرة على المعركة) أنت هنا لتقدم تقریرك، لا لتستجوبني. ثم.. (یعلو وته) أتسمي
    !الاخلاص للملك وشایة
    مقدم الأمن: (ینهار) لم أقصد یا مولاي.... الاضطراب أربك لساني. لم أعتقد ضروریا أن أزعجك بحادثة بسیطة
    .كهذه. لقد شویت المسؤولین عن فراره من السجن. ونحن الآن جادون في تعقبه وكشف اتصالاته
    .لن یفلت وعصابته مهما أمعن في التخفي
    .(ینزل الملك عن عرشه، ویدور حول مقدم الأمن وهو یقیسه بنظرات صارمة، ومزهوة)
    ..مصطفى: (بدأ الزیغ یتلامح على وجهه) وما هذه القصة أیضاً؟
    محمود: نعم یا حاج مصطفى. البارحة عندما كنت الملك، أردت لولا ضجرك أن أفاتحك ببعض الشؤون. وأعیان البلد
    .سیأتون الیوم إلى البلاط
    .مصطفى: تقول.. عندما كنت
    .محمود: هذه هي الصیغة اللغویة للحدیث عن الماضي
    !مصطفى: بربیر
    !محمود: وأین الذي تنادیه
    الملك: (یقف أمام مقدم الأمن، ویدق صولجانه بالأرض غاضبا) فرار من السجن ، واتصالات، وأید خفیة تقلقل
    العرش.. ومع هذا فان مقدم الأمن یمثل بین یدي الملك ، وكأنه یدخل إلى احدى جواریه.. وفوق هذا، یتبجح قائلا.. مع
    .رجالي لا یوجد خفاء
    .محمود: زد یا مولاي زد.. والله انك تشفي غلیلي
    مقدم الأمن: (یخر على ركبتیه) أتوسل إلیك یا مولاي ألا تغضب. كانت هفوة، وأعد ألا تتكرر. المسألة لیست خطیرة
    .إلى هذا الحد
    !مصطفى: مقدم الأمن.. عین الدولة البصیرة لا یمیز ملكه، وینحدر إلى هذا الدرك. أأنا أحلم
    .محمود: هذه المرة.. لا
    الملك: (یود، ویتربع على عرشه بثقة شدیدة) وماذا یعني أن المسألة لیست خطیرة إلى هذا الحد. مولاك لا یحب
    .الجلوس على عرش یهتز
    .مقدم الأمن: ما هو الا صعلوك یا مولاي. والذین یجمعهم حوله لیسوا إلا حفنة من الساقطین
    ..الملك: وماذا ترید هذه الحفنة؟
    .مقدم الأمن: أن تثیر بعض الشغب. ولن سأطبخهم في قدور أمهاتهم قبل أن یثیروا حبة غبار
    !الملك: وكیف ستطبخهم؟ أهم في أقبیتك وبین یدیك
    .مقدم الأمن: (مضطربا) اننا جادون في البحث عنهم
    .الملك: ولم تمسكوا أحدا إلا الذي فر
    .مقدم الأمن: بل أمسكنا واحدا منهم (یحمر خجلا) لكنه مات تحت التعذیب، ولم یعترف بشيء
    .الملك: اذن.. یهدد هذا العرش خطر غامض، وسري، وعنید، خطر لا نعرف من أین وكیف یوجه ضربته
    .مقدم الأمن: اطمئن یا مولاي. أعاهدك أن أصیدهم خلال فترة قصیرة
    .الملك: اسمع یا مقدم الأمن. لا أحب الوعود المائعة. خیر لك أن تشنق نفسك، اذا لم تقبض علیهم قبل عید التتویج
    !..مقدم الأمن: مولاي
    .الملك: (یدق الصولجان) لا نقاش.. ویكفي الیوم هذا التقریر الممتع الذي قدمته
    .مقدم الأمن: (منسحبا بانكسار) حاضر یا مولاي
    عرقوب: (ینطنط جذلا) جندلته یا مولاي ببراعة مذهلة. دخل كالطاووس وخرج كالفأر. لا شك أنه سیجزل لنا العطاء
    .مقابل هذه الخدمة التي ساقتها المصادفة
    ..الملك: من؟
    .عرقوب: (مستدركا) لا شيء.. لا شيء. اني أحدث نفسي
    ..الملك: حدث نفسك بصمت. ولا تعكر تأملاتي؟
    ..مصطفى: أأنا مسحور! مقدم الأمن یخدعني! ماذا یجري في بلادي؟
    .محمود: تجري في هذه البلاد أمور تقتضي أن یزداد الملك التصاقا بثوبه، وأن یشد قبضته على صولجانه
    .مصطفى: وأنت! أكنت تعرف
    .محمود: حین كنت وزیرا. وكنت الملك، طالما خطر لي أن أصفعك
    !مصطفى: (یفقد أعصابه، ویمسك بقبته) تصفعني .. أنت بربیر
    محمود: اهدأ یا حاج مصطفى، ولا تفضحنا. ان الذین عینوك لا یحبون ملكاً بدأ یستهتر ویضجر. أو وزیرا لا یعرف
    .ما یجري في البلاد. على كل.. عزموا منذ فترة على أن یفاتحوا الملك بالحقیقة، ویطلبوا منه أن یفعل ما یفعله الآن
    مصطفى: ما یفعله الآن! أتعني هذا الأبله؟
    .محمود: الملك الذي تسمیه أبله، استطاع أن یكشف ما یجري في بلاده
    مصطفى: (الانهیار یتوالى تدریجیا) أكاد أجن ، ما معنى هذا كله؟
    يتبع


    عدل سابقا من قبل أ علي رزق في 26/8/2009, 8:59 pm عدل 1 مرات
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:53 pm

    محمود: لا شيء سوى أن مولانا الملك یلتصق الیوم بردائه كما یلتصق الجنین برحم أمه، ویمسك صولجانه كأنه حبل
    .المشیمة. لو كان بالأمس كذلك، لفعل ما یفعله الآن دون زیادة أو نقصان
    .مصطفى: لا أصدق. انه كابوس. أستطیع أ، أوقف هذا وفي الحال
    .(یندفع ، فیشده محمود، ویوقفه)
    .الملك: (یخرج من تأملاته. یدق الصولجان ) فیدخل السیاف
    !عرقوب: السیاف! أعوذ بالله. وما حاجتنا إلیه
    .مصطفى: عندما یدخل السیاف سأضع حدا للمهزلة. ولن تكون بلطته رحیمة
    .محمود: المهزلة بدأها ملك. ولا ینهیها الآن إلا ملك. أما الحاج مصطفى، فانه لیس سوى الحاج مصطفى
    !مصطفى: أأنا مسحور
    .السیاف: (بین یدي الملك. حاني الجذع والرأس) السیاف طوع البنان یا عظیم الشأن
    .مصطفى: أأنا مسحور! ولم یلحظ أحد اختلاف سحنته ووجهه
    .محمود: لیس للملك سحنة أو وجه
    .(یتأمل الملك بلطة السیاف، بنظرة یكظها الشبق)
    عرقوب: أعوذ بالله! ما هذه البلطة المخیفة! مولاي.. أنقضي النهار مع البلطة، وربات الخدور ینتظرن اللهو
    .والمداعبة
    .الملك: (یرشق عرقوب بنظرة قاسیة) أیها السیاف .. قف على یمیني. واجعل بلطتك في متناول یدي
    .(یقف السیاف على یمین الملك وقفة استعداد. ویمد البلطة لتتوازى مع مسند العرش)
    .عرقوب: (متخفیا بانزعاج) أعوذ بالله. ماذا دهاه
    الملك: (یداعب الكتلة الحدیدیة، ویتحسس النصل بلذة شبه حسیة) هكذا.. أحب أن تظل في متناول یدي .. أن أحس
    ملمسها الصلب تحت أناملي. أرید أن یخترق حدیدها الأصابع، ثم یسري في ذراعي، عابرا جسدي حتى تجاویف
    القلب. أرید أن أتحد بالحدید. أن نصبح كتلة واحدة، ونصلا واحدا. هكذا.. ستظل أیها السیاف إلى یمیني. البلطة تسند
    .یدي، وتنفذ في مسامي، حتى یندغ__________م واحدنا بالآخر. الملك والبلطة
    .السیاف: (في صوته غصة) مطاع یا مولاي
    عرقوب: وحق الله، أكاد لا أتعرفه. من هو؟ والملعوب! ومولانا الذي ینتظر الفكاهة. عرقوب لم یعد یفهم شیئا من
    .شيء
    محمود: یتسارع نبضي، وتخنقني الرغبة. أرید ثوبي. هذه هي اللحظة التي یتمنى فیها الوزیر أن یكون إلى جوار
    .مولاه. وهجه یصل إلي، ویلفحني
    .مصطفى: أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور. (یحاول التمسك) أیها الوزیر بنِّجه
    !محمود: ابنج مولاي! ابنج الحدید یا حاج مصطفى
    .مصطفى: آمرك أن تنهي اللعبة فورا
    محمود: ثم عرف الصیاد أن في الزجاجة التي علقت بشبكته عفریتا محبوسا هو الذي ینتحب. فرق قلبه لتوسلاته،
    وفتح الزجاجة كي یحرره من سجنه، عندئذ اندفع یا حاج مصطفى مارد جبار قهقه بصوت دوت له الفیافي والقفار.
    .وهجم لیقضي على الصیاد الذي أطلقه من حبسه
    !مصطفى: (یتضح فقدان التوازن على وجهه) أأنا مسحور! أم أصاب عقلي أمر من الأمور
    !محمود: لن آسف علیك لو انتهت الحكایة هنا. أما أنا فعلي أن أجرب حیلتي وتدبیري
    (.یتجمد المشهد كله الا ید الملك التي تداعب البلطة)
    ( فاصل ( 4
    ."لافتة: "أعطني رداء، وتاجا، أعطك ملكا
    المشهد متجمد.. مصطفى یخرج من زاویته، ویبدأ یدور على المسرح زائغ النظرات.. وعلائم الانهیار بادیة علیه.. )
    .(..یظهر من طرفي المسرح عبید وزاهد.. یلتقیان في المقدمة.. یؤدیان عباراتهما بخفة، ولكن برزانة أیضاً
    ..مصطفى: (وهو یدور) ولم یتعرف على سحنته ووجهه أحد. أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور.. ماذا یدور
    ..عبید: لبس الرداء فأصبح ملكا
    .هذا التحول طبیعي ولو كان أمثولة أو حكایة
    .زاهد: في الأنظمة التنكریة، تلك هي القاعدة الجوهریة
    .أعطني رداء وتاجا، أعطك ملكا
    .مصطفى: ماذا یدور؟ .. أین الحقیقي وأین الزائف؟ أین الحلم وأین الواقع
    .زاهد: لا حقیقي هناك ولا زائف
    . كل القصة هي أن الرداء بدل حشوة بحشوة. تختلف التفاصیل، ولكن لا تختلف السمات الجوهریة
    .عبید: الذي یریح الآن مؤخرته على العرش یبدو أشد حزما
    .والذي تفتش مؤخرته عن العرش كان حازما
    .وعاجلاً أو آجلا، كان سیزداد حزما
    .أصبحت الظروف تحتم لحمایة عرش یتزعزع
    أن یحزم الملك، ویقمع
    .زاهد وعبید: (معا) تختلف التفاصیل، ولكن لا تختلف السمات الجوهریة
    .وفي أنظمة التنكر والملكیة تلك قاعدة أولیة
    مصطفى: (وهو یدور، جاحظ العینین، یتوقف أمام كل واحد من شخوص المشهد) مرایا.. مرایا.. كما لو كنت محبوسا
    في حجرة مضلعة من المرایا. الجدران مرایا. السقف والأرض والنوافذ مرایا. وأنا أدور في الحجرة وحیداً. أصفق ،
    فألمح حشودا تصفق لي، أهتف، فتزحم عیني آلاف لا متناهیة تهتف لي. أنحني فتنحني الملایین أمامي. أمشي
    فتواكبني مسیرة حاشدة تهتز لها قیعان الأرض. حشود.. حشود غفیرة تستعیر كلماتي ولفتاتي.. وتتأهب منتظرة
    ..اشارة.. مرایا ... مرایا
    .عبید: والكبریاء هي التي تنسي الملوك تلك الحقیقة الأولیة
    .حین تجول كسرى في ایوانه، وظن أنه فرید زمانه نسي أن الذین بنوا الایوان كانوا یطیعون التاج والصولجان
    .زاهد: وحین تأمل خوفر الهرم العظیم، واعتقد أنه أشد بأسا من الزمان
    .نسي أن الذین ماتوا في بنائه، كانوا یطیعون التاج والصولجان
    .زاهد وعبید: وفي أنظمة التنكر والملكیة تلك هي القاعدة الجوهریة
    .أعطني رداء وتاجا، أعطك ملكا
    .(ینسحب زاهد وعبید)
    مصطفى: (لا یزال یدور بین شخوص المشهد المتجمد حتى یعود إلى زاویته عند محمود) ولم یتعرف على سحنته
    !ووجهه أحد.. مرایا.. بعدها مرایا.. بعدها مرایا.. أأنا مسحور، أم أصاب عقلي أمر من الأمور


    المشهد الخامس – 4
    لافتة: "الملك هو الملك.. والذي كان المواطن أبا عزة ینكر نفسه وأهله".
    (تدب الحیویة في المشهد الذي كان متجمدا.. میمون یقترب من العرش، وینحني أمام الملك).
    میمون: یا عالي المقام، في ردهة الانتظار امرأتان من الرعیة، تحملان أذنا علیه الختم والعلامة، وتطلبان المقابلة.
    عرقوب: (یفرك یدیه) امرأتان! ربما اعتدل المناخ.
    الملك: دع رعیتي تدخل إلي.
    محمود: كم أحب هذه اللهجة الباترة الوجیزة.
    مصطفى: المرأتان! آه.. نسیتهما. الآن تنجلي الحقیقة.
    (تدخل أم عزة وعزة. خطوات متعثرة ووجلة. وجهاهما مطرقان ومضطربان..).
    عرقوب: من أرى (یفرك عینیه) یا فاطر السموات! ما الذي أتى بهما؟.. تم لملعوب، وبدأ الهزل.
    الملك: (لعرقوب الذي یخفي وجهه خلف كتف الملك) لا أحب أن یناجي الوزیر نفسه كأنه تخبل.
    عرقوب: (مضطرباً، ومتلعثما) معلمي.. مولاي! انهما..انظر.
    الملك: بعد الجلسة الصباحیة. سأتفرغ لك، وانظر في أمرك. ماذا ترید هاتان المرأتان من ملكهما!
    أم عزة: (وهي تركع بحركة مفاجئة ومدروسة. تلقي كلامها وكأنها تدربت علیه.) بعد السلام على ملك الأنام. بعد
    تقدیم فروض الطاعة والولاء.. جئت وابنتي للتوسل والرجاء. نحن عائلة جرعوها السم، وأنزلوا بها الظلم.
    الملك: نحن هنا لانصاف المظلوم. انما لا یحب مولاك التفجع والعویل. انهضي یا امرأة. وأرو لنا ما جرى.
    عرقوب: (یشد قامته، ویبرز متغلبا على جرحه) الملعوب ملعوب فما المحظور! هل أطلع من العرس بلا قرص؟
    أم عزة: (تساعدها ابنتها على النهوض) یا ملك الزمان.. من كان مثلنا لا یستطیع الا أن یبكي على حاله، ویشكو من
    زمانه. جئنا نطلب الانصاف وعدل مولانا لا یُفلت ظالما، ولا یهمل ظلامة. كانت قسمتي في هذه الدنیا الفانیة أن
    أتزوج رجلا قلیل الهمة، عدیم الحیلة.
    عرقوب: (متخذا سمة الجد والأهمیة) یا امرأة. لم تأتي لتشغلي مولاي بأسرار زوجك، وانحلال همته.
    عزة: ( تلمح عرقوب. تجحظ عیناها) أماه.. انظري.. كأنه عرقوب.
    أم عزة: (تنظر هامسة بغضب) لا تكوني حمقاء. أتخلطین بین الوزیر الخطیر وعرقوب.
    الملك: لا تربك المرأة أیها الوزیر. تلذني بساطة الرعیة، وهي تكشف عورتها، وتتحدث عن همومها الصغیرة.
    مصطفى: كاني الذي یتكلم.. امتدادي الذي یتكلم. من هو؟ من أنا؟..
    أم عزة: (وابنتها تندس فیها خائفة وهي ترامق خلسة عرقوب ثم الملك) عندما تسقط الذبیحة یا مولاي، لا تستطیع أن
    تخفي لا سوأة. ولا عورة. هذه هي الحقیقة. زوجي عدیم الحیلة. وفي هذا الزمان یؤكل من لا یحسن التحایل
    والاحتیال. ترك له أبوه فضلة رزق ومال. ولصغر سنه، جعل علیه وصیا الشیخ طه، رجل واسع الذمة یا ملك
    الزمان. یبیع لحیته ودینه لقاء الدرهم. أراد أن یلتهم المیراث كله. ولم نستطع أن ننتزع من مخالبه الا النصف أو كله.
    ولم نستطع أن ننتزع من مخالبه الا النصف أو أقل. شكوناه للقاضي، فما انتفعنا شیئاً. لف بنا ودار، وبلع ما بقي فیه
    النصیب، ثم طردنا بعد تقریع وتأنیب. لملمنا ما بقي عندنا. جمعناه. وفتح به زوجي محلا لتجارة القماش في السوق
    الكبیر. في البدایة مشت الأحوال حسنة. راج البیع، وكثرت المعاملات. لكن أولاد الحرام أكثر من أولاد الحلال.
    ضاقت عیون التجار، وعلى رأسهم الشهبندر الأكبر. فنصبوا لزوجي مكیدة فاحشة، ولقلة حیلته لم ینتبه الا بعد أن
    أوقعوه، وإلى الافلاس رموه. لم نفهم كیف جرى الأمر. كل ما عرفناه أنه من عمل الشهبندر وشركاه. لم تبق هذه
    الأیام أخلاق أو ذمم. نهشونا یا ملك الزمان كما تنهش الذبیحة. وما زالت حالنا تسوء حتى تخبل زوجي، (عرقوب
    یتنحنح) وغرق في الكأس والیأس. أصبحنا لا تحتنا ولا فوقنا. وابنتي الوحیدة لن أجد لها ستره كریمة.
    عزة: أمي!
    أم عزة: لا تخجلي یا ابنتي. هو مولانا وراعینا، ویجب أن یعرف كل بلوانا. یا ملك الرعیة، لیس لنا بعد الله سواك.
    جئنا نتوسل إلیك أن تنصفنا، وترد لنا ما ضاع من حقنا.
    (الملك ساهم، یداعب البلطة..).
    مصطفى: هي زوجته ، وتلك ابنته. ولم یتعرف أحد على أحد. أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور!
    محمود: الاثنان معا.
    عزة: ( وهي تتلملم مندسة بأمها) أماه.. انظري إلى الملك. إني خائفة.
    أم عزة: (هامسة) خائفة! خائفة! أصحبتك لتقویني، لا لتخافي.
    عزة: (تهمس متلجلجة الصوت) ولكن.. انه یشبه أبي.
    أم عزة: ماذا أصابك یا ابنتي. لا شك أنك محمومة. وان رهبة القصر شوشت عقلك.
    الملك: (بغتة ، الى عرقوب) أیها الوزیر. هل تعرف هاتین المرأتین؟
    عرقوب: (یفاجأ، ویرتبك 9 مولاي.. ربما صادفتهما مرة في احدى الجولات..
    الملك: تعرفها أم لا.
    عرقوب: ومولاي.. ألا یذكر أنه رآهما من قبل؟
    الملك: تعرفهما أم لا.
    عرقوب: لا.. ومولاك هو الذي یسأل، فأجبه.
    عرقوب: أعرفهما، ولا أعرفهما. ربما صادفتهما مرة.
    الملك: سأكون أكثر وضوحا. لا أحب الوساطات الملتویة، أو الخفیة. ما علاقتك بهما؟
    يتبع


    عدل سابقا من قبل أ علي رزق في 26/8/2009, 9:00 pm عدل 1 مرات
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:54 pm

    عرقوب: (یتردد، ثم یحزم أمره) ما دمت قد لمست الجرح، فسأكون أنا الآخر صریحا. وأرجو أن یقع الموضوع
    موقعا حسنا من قلب مولاي. ان وزیرك یبرح به الغرام. رأیت هذه الفتاة مرة، فتركت في قلبي ألف حسرة.
    الملك: ان وزیري یعبر عن عشقه كالخدم.
    عرقوب: أبغیها یا مولاي زوجة على سنة الله ورسوله. لو أنعمت علي بهذه المنحة، فستنبت لعر... لوزیرك أجنحة،
    وسأحلق في السماء السابعة.
    الملك: لا ارید وزیرا طائرا.
    میمون: یا صاحب المجد والفخار، أرسلت مولاتي الملكة تخبر أنها تنتظر تشریفك للراحة والافطار.
    عرقوب: الملكة.
    الملك: سنوافیها بعد أن ننهي هذه المقابلة.
    میمون: (وهو ینسحب) مطاع یا مولاي.
    أم عزة: الملك یشاورنا في أمرنا. هذا الاهتمام یبشر بالخیر یا عزة.
    عزة: أتمنى أن ننتهي، ونخرج . خوفي یتنامى. لا أجرؤ على النظر إلیهما.
    أم عزة: أصغینا أیتها المرأة إلى شكواك. فوجدنا فیها ما یحیر الفكر. وینال من الدولة وأولي الأمر. لا ریب أنها قصة
    محزنة، ووزیري أراد أن یقتص لكما، حتى قبل أن تمثلا أمامي.
    أم عزة: أدام الله مولانا ووزیره!
    الملك: أحزنني أیتها المرأة أن ینقلب علیكم الحظ. ولا شيء یثیر اكتئابي مثل انقلاب الحظ على بعض رعیتي. فهو
    سبب الحسد والشقاق وبدایة الحمق والبغضاء. ما أنا الا فرد من الرعیة، وأعرف جیدا مرارة الذي یخونه الحظ.
    یصبح حاقدا لا یعجبه العجب، ولا یرى الا النواقص والعیب. لن أغضب منك أیتها المرأة. فأنا أعرف ان المرارة
    تعمي البصیرة. ولكن دعیني أسأل. هل جئت لتقولي لي.. أن هذا العرش باطل، واني ملك باطل، وان الدولة كلها
    باطل في باطل.
    أم عزة: لیقطع الله لساني ان خطر في بالي.
    الملك: یا امرأة.. من یخطب للملك في الجامع، ویصلي داعیا له؟
    أم عزة: الامام وخلفه الناس.
    الملك: واذا كان الذي یخطب للملك، ویصلي له فاسد الأخلاق والذمة، فهذا یعني أن الملك قد یكون باطلا لا یستحق
    عرشا أو بیعة. وان صلوات الناس خلفه كلها باطلة.
    أم عزة: (یبدو علیها الرعب) معاذ الله أن أفكر.
    الملك: ولكن تلك هي النتیجة المنطقیة. اذا كان داعیة الملك باطلا، وقاضیه باطلا، وبیعة الناس باطلة. فان العرش
    __
    أیضاً باطل، والذي یجلس على العرش باطل، والناموس الذي یحكم البلاد والعباد باطل. هل جئت أیتها المرأة لتقولي
    هذا؟
    أم عزة: أعدمني الله ابنتي ان قصدت ذلك.
    محمود: من الذي یتكلم؟ أنا! أم هو!
    ( عرقوب یبدو ذاهلا، تتدلى شفته وهو یتابع الملك.)
    عزة: أماه! اني دائخة.
    أم عزة: (هامسة بحنق) أهذا وقته! (تتجه إلى الملك مرتعدة).. اغفر لأمتك ان لم تعرف كیف تزن كلماتها.

    الملك: لا بأس أیتها المرأة.. أعرف ان المرارة تعمي البصیرة. عندما ینقلب حظ المرء ینهش حتى نفسه. وننتقل الآن
    إلى التجارة والتجار.. هل استأذن زوجك الشهبندر حین فتح ملحه!
    أم عزة: ولِمَ یستأذنه یا مولاي! ألیس لكل واحد الحق في أن یفتح محلا للرزق.
    الملك: نعم لكل واحد الحق في أن یفتح محلا للرزق. ولكن لكل واحد أیضاً الحق في أن یحمي محل رزقه، ویدیره
    وفق مصلحته. كل ما فعله الشهبندر، وهو ما یفعله دائما، انه حمى نفسه ورزقه. التجارة حلال والمنافسة أیضاً حلال.
    حین فتح زوجك محله دون أن یتفق مع الشهبندر، صار خصما ومنافسا. لم یسرقه أحد أو یغشه. وانما ورط نفسه في
    مبارزة، أكبر من مقدرته وامكانیاته. وكانت النتیجة انه خسر وأفلس. نعم لكل واحد الحق في المبارزة. ولكن للآخر
    أیضاً الحق في أن یكسب المبارزة. كان بالأحرى أن توجهي شكواك ضد زوجك. فهو سبب كل بلائك. ولأنه قلیل
    الهمة، عدیم الحیلة، وجد أن الأسهل هو أن یلقي التبعة على الآخرین، وینال منهم.. ثم ماذا؟ .. وغرق في الكأس
    والیأس. أیتها المرأة.. حین یضرب سوء الحظ بعض رعیتي، أشعر بالاكتئاب. هذه الجلسة طالت.. وهاك أحكامي ..
    سجل أیها الوزیر.. (ینتفض عرقوب من ذهوله، ویحاول أن یسجل الأحكام.. الملك یتخذ وضعا بالغ الجدیة) حكمنا
    على زوج هذه المرأة بالتجریس. یدار به في كل أسواق المدینة، من الباب الصغیر إلى الساحة المركزیة. وقسمنا لهذه
    المرأة جعالة سنویة مقدارها خمسمائة درهم، یدفعها الوزیر من ماله. ومقابل ما یدفعه، تعهد إلیه هذه الفتاة، وله أن
    یتزوجها، أو أن تكون جاریة في قصره..
    عزة: (تستند إلى أمها، صارخة) مولاي..
    الملك: (یدق الصولجان) انتهت الجلسة. هیا أیها الوزیر..
    (ینسحب الملك، وخلفه عرقوب مذهولاً ، وحائرا).
    عرقوب: خمسمائة درهم! عرقوب لا یفهم شیئاً من شيء.
    مصطفى: ما هذا! أأنا مسحور أم أصاب عقلي أمر من الأمور! یبیع أهله، ویحكم على نفسه. ولا أحد یعرف أحدا.
    محمود: لیس ضروریا أن یعرف الملك كل رعیته یا حاج مصطفى.
    مصطفى: رعیته! ومن الذي كان یتكلم! أنا! هو! ولا أحد یعرف أحدا. لا أحد یعرف أحدا...
    أم عزة: (ساهمة) ما قاله الملك، سمعناه من الامام والقاضي والشهبندر.. كأنهم لسان واحد، وعائلة واحدة. لم یكن
    ینقصنا الا التجریس.. ولكن .. ربما .. وتصبحین یا عزة زوجة الوزیر.. من یدري.. الله كبیر یا ابنتي.
    عزة: أماه .. لا أرید .. لن أطأ عتبة قصره. اني مخطوبة.
    أم عزة: مخطوبة ! لمن؟
    عزة: لهذا الذي سیظهر، وینهي البؤس، والذل، والتنكر.
    أم عزة: عزة.. تكفیني مصیبتي بأبیك.. ألن یبقى بیننا واحد لم یفقد عقله!
    السیاف: (وهو یدفع المرأتین للخروج) یا الله یا امرأة.. امضي الآن، وسیأتي من یحمل ابنتك إلى قصر الوزیر غداً.
    أم عزة: هیا یا ابنتي .. هیا ..
    (تخرجان .. ومعهما السیاف).
    مصطفى: لا أحد یعرف أحداً.. والملكة. زوجتي التي تسممها الغیرة من ریحانة. هذه هي اللحظة.. (یتكلم، وكأنه
    یهذي) بعد أن تشهق الملكة، وتكشف اللعبة.. سأكسر كل المرایا، وسأذبح الجمیع.. الجمیع بلا استثناء. كل شهور
    اللعبة. كل الذین اشتركوا فیها. كل الذین شاهدوها... الجمیع .. الجمیع.. اشهقي أیتها الملكة.. اشهقي واكشفي اللعبة..
    هاأنذا قادم.
    (یندفع عبر الایوان.. یتبعه محمود..).
    محمود: أین تمضي یا حاج مصطفى؟
    مصطفى: سأبرز في المجلس كصیحة الرعب... سأكسر كل المرایا، وأذبح الجمیع.. هذه هي اللحظة..
    (یشیعه محمود بنظرة ساخرة.. میمون یحاول أن یستوقف مصطفى، فینحیه هذا بفظاظة).
    محمود: حقا هذه هي اللحظة. الشكوك كانت تساور مولاي هذا الصباح. ولن تصعب ازاحة وزیر لم یقتنع انه الوزیر.
    أما مولاي فسیظل مولاي. (یخرج رسالة، ویتجه نحو میمون) میمون..
    میمون: وما خطب صاحبك أیها السید. انه فظ وغریب. دفعني، وجرى نحو جناح الملكة..
    محمود: الیوم ضمنا الملك إلى ندمائه. وفكاهات صدیقي لا تخلو من الجنون، فلا تزعج نفسك به.. هل أستطیع
    الاعتماد علیك في خدمة طارئة أیها اللطیف.
    میمون: لا أقصر اذا استطعت.
    محمود: هذه الرسالة عاجلة، فأرجو أن تدخلها إلى مولاي دون تأخیر.
    میمون: ستصل في الحال أیها السید..
    محمود: (وهو یعطیه الرسالة) بارك الله فیك.
    (یخرج میمون..).
    محمود: علمنا أنك تجلس على العرش ولست الملك. والذي یقف إلى جانبك مرتدیا ثیاب الوزیر، لیس الوزیر وهو
    یعرف الحقیقة، وأخبرنا بها. فغادر القصر قبل أن نأتي وندكه فوق رأسك. واعلم أن من یلبس ثیاب الوزارة صدیقنا،
    ولو أصابه أذى فسیكون غضبنا أعتى. هذا هو الامتحان الأخیر یا مولاي. أما أن یستعد الرداء هذا الذي جن.. وأما أن
    تستمر في حمل الرداء. وفي الحالین ستشتد مفاصل الدولة. وتزداد أهمیة الوزارة ... ولكن یجب أن أسترد ثوبي
    أولا..
    (یعود السیاف، والحزن باد علیه.. یقعي إلى جوار العرش، ویبدأ یداعب بلطته بحنان.. یقترب منه محمود).
    محمود: انك تداعب بلطتك كأنها عروس. أتحبها إلى هذا الحد.
    السیاف: هي كل حبي.. ولكن یبدو أنها تتسرب، وتفلت مني.
    محمود: لماذا؟.
    السیاف: (یغص صوته) ان مولاي ینازعني في حبها.
    محمود: فعلا.. كان یضغط على حدیدها، وكأنه یرید ن یندغم به.
    السیاف: شعرت أنه یستلها مني... من أعمق أعماقي كانت ذراتها الصلبة تهجرني وتمضي إلیه. أحسست أني أخور،
    وأن ساقي من قصب مجوف..
    محمود: أفهم هذا الاحساس.. وأعانیه الآن.
    السیاف: أتفهمه حقا! ولكن من أنت!
    محمود: واحد من ندماء مولاي.. ضمني الیوم. إلى الخدمة..
    (یدخل عرقوب مهرولا).
    عرقوب: أین أنت یا حاج محمود. الحقني!
    محمود: ماذا دهاك؟
    عرقوب: یبدو أنه جن تماما. قل لمولاي.. أعني مولاي.. أن یتدخل ویفعل شیئاً.
    محمود: ماذا عجب؟
    عرقوب: عجب في عجب. دخل میمون، وناوله رسالة، فاكفهر وجهه، وانتفض كأنه بركان یجیش. ضرب قدمه في
    الأرض وصرخ.. وزیري.. وأعرف أنه زائف. أما الملك! هل یظنون أن الملك نكتة. الملك هو الملك، وسأریهم. ثم
    زأر بصوت لم أسمعه على مد عمري.. نادوا سیافي. وأغلقوا أبواب القصر.
    السیاف: (یشب واقفا) هل ینادیني مولاي؟.. لأخف اذن..
    (یهرع خارجا..).
    عرقوب: ستصبح العواقب وخیمة . غطس في الملعوب حتى شوشته. یرید أن یزج بي في السجن. أین مولاي
    الحقیقي. ناده قبل أن یستفحل الأمر.
    محمود: والملكة!
    عرقوب: والملكة.. ! مولاتي الملكة بلحمها ودمها كانت تناغیه، وتطعمه بیدها.. وحین وقف وصرخ تلك الصرخة
    انطرحت على الأرض، وراحت تحتضن قدمیه، وتقبلهما مهللة.. أنت ملكي وسیدي. عذبني اذا شئت. افعل ما یحلو
    لك فأنت ملكي وسیدي.
    محمود: (بنشوة جسدیة) یا لها لحظة! یا لها لحظة! ومصطفى!
    عرقوب: مصطفى أي ندیم! دخل مزبدا یعلن أنه الملك. فضحكنا جمیعا. ربطت الملكة عنقه بزنارها. وهو الآن
    یرغي.. ویعوي قافزا على أربع. ولكن أین مولاي؟
    محمود: خرجت لتوك من حضرته.
    عرقوب: حاج محمود. سنجن جمیعا في هذا الملعوب. أین مولاي الملك؟..
    محمود: الحقیقة ما قلته لك. وهذا الثوب فاخلعه قبل أن یجرجرك السجان.
    عرقوب: أخلعه! لا.. لا تخض عقلي. هو معلمي وأنا أعرفه.
    محمود: هو مولانا یا عرقوب. فهات الثوب.
    عرقوب: أصاب بالجنون، وأطلع من العرس بلا قرص!
    محمود: ترید أن تبیعني وزارتي؟
    يتبع
    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178807
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    الملك هو الملك Empty رد: الملك هو الملك

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/8/2009, 8:55 pm

    عرقوب: وزارتك! ما دام معلمي هو الملك، فلماذا لا أكون أنا الوزیر؟..
    محمود: لأنه عرف أنك زائف. والسجان یطاردك الآن.. فتعال نبدل ثیابنا قبل أن یحضر ویرانا.

    محمود: لا تطمح كثیرا.
    عرقوب: (یضرب على جبهته) والفتاة! لن تدخل في الصفقة. سأبیعك الوزارة دون الفتاة.
    محمود: مولانا الملك أعطاها للوزیر. فخذ بعض المال.. ولا تسرف في الآمال. أسمع صوت مولاي یهدر .. هیا بنا..
    عرقوب: (وهما ینسحبان) الجنون في كل مكان في بیت أبي عزة، وفي قصر السلطان.
    – المشهد الخامس – 5
    لافتة: "الملك هو الملك.. والطریق الوحیدة المفتوحة أمام الملك هي الارهاب والمزید من الارهاب."
    (یدخل الملك، وعلى وجهه یتلامح غضب ناري، إلى یمینه السیاف. ووراءه میمون..).
    الملك: الحدید! لن یحمي العرش الا الحدید. ستصبح البلطة یدي. ساعدي. قلبي. ردائي وفراشي، لن أدعك تتعب بعد
    الیوم یا سیافي.
    السیاف: بهجة السیاف أن ینفذ أحكام مولاه.
    الملك: بعد الیوم.. الملك هو الذي سینفذ الأحكام التي یصدرها.
    السیاف: قطعت یداي ان تركت مولاي یلوث أصابعه.
    الملك: لا شيء یطهر الملوك مثل الدم. سأغتسل بالدم. سأستحم فیه. سیكون بعد الیوم طیبي وعطوري.
    السیاف: (یختلج صوته) وماذا یفعل السیاف اذن یا مولاي.
    الملك: یظل إلى جانبي، ویهيء لي طقوسي. ولكن متى یأتون وینقضون على القصر. یرید قائد حامیة المدینة أن
    ینقض على القصر. ومقدم الأمن یفر المتآمرون من بین یدیه الرخوتین. لا.. حان الوقت كي نشد مفاصل هذه الدولة.
    الوزیر: (یهرع إلى جوار الملك).. نعم.. حان الوقت یا مولاي. أبعدتني عنك هذا الصباح مكیدة لئیمة. لكننا والحمد لله
    أخمدنا الفتنة. لم یكن ذلك تدبیر قائد الحامیة. بل بعض العناصر الصغیرة والعمیلة. سیخبر المنادي عن اكتشاف
    مؤامرة. وسنقبض على كل المشبوهین، والذین تبدو على وجوههم نوایا الشغب والفوضى.
    الملك: وهناك تدبیر عاجل أرید أن تباشر به. سنشكل جهاز أمن یراقب مقدم الأمن وجهازه.
    الوزیر: رأي سدید یا مولاي. وسنبدأ التنفیذ منذ الیوم.
    الملك: أما ذلك الذي تظاهر بالوزارة! الوزیر: سنفوز به یا مولاي..
    میمون: یا رفیع الشأن.. یطلب الدخول إلیك وفد من الأعیان.
    الملك: لیشرفني الأعیان.
    الامام والشهبندر: سلاما على مولانا.
    الملك: وعلى الامام والشهبندر أطیب السلام.
    الشهبندر: لا ندري اذا كان الوزیر الخطیر قد فاتح مولاي.
    الوزیر: سأزف لكما هذه البرى. لا داعي لمفاتحة مولاي بشيء. منذ هذا الصباح، وهو یقبض على الصولجان بید من
    فولاذ ونار.
    الملك : كانت فتنة طارئة، وفوضى عابرة. ولكن سندحر الفوضى إلى السجون. وننشط البلطة حتى تقطع دابر كل
    فتنة.
    الوزیر: سیخبر المنادي عن اكتشاف مؤامرة. وننظم حلقات التبریك والمبایعة، ثم تتوالى الاجراءات سریعة وحاسمة.
    الشهبندر: هذه أخبار سارة.
    الامام: حقا هذه أخبار سارة.
    الملك: أرید أن نعبئ الرعیة. وننمي تلاحمها مع المثل العلیا وأولي الأمر فیها. سنعتمد على الامام في وضع برامج
    جدیدة للكتاتیب والوعاظ والمنادین.
    الامام: سبحان الله كیف تتوارد الخواطر. والله هذا ما كنت أقترحه، وأطالب بالاسراع فیه.
    الوزیر: ألم أقل لكما .. لا داعي للمطالب. الصولجان تمسكه ید من فولاذ. دعونا ننتقل إلى جو اللطافة، ونتحدث عن
    الهدایا، والاحتفالات القادمة.
    الشهبندر: الهدایا جاهزة: وكل ما تحتاجه الاحتفالات موفور.
    الوزیر: ونحن سنشرع في الاجراءات دون ابطاء.
    (یدق الملك الصولجان).
    الشهبندر: (وهما یتجهان نحو الباب) ألم تلاحظ أن سحنة الملك تغیرت.
    الامام: نعم.. لقد أصبح ملكا أكثر.
    (یتدافعان وهما یقهقهان .. یتجمد المشهد بعد لحظات).
    الخاتمة
    (تعود الحیویة فتدب في المشهد.. یظهر الممثلون على الخشبة بملابسهم وأدوارهم كما في البدایة.).
    مصطفى: (وهو یدور، وزنار الملكة یتدلى من عنقه كالرسن..) هي لعبة. لا بد أنها لعبة. أنا هو. أو.. هو.. مرایا..
    مهشمة ووجهي ألف ألف قطعة. من یلم وجهي! أین الوزیر؟ أین الحراس؟ أین الجواري؟ أنا الملك.. كانت لعبة.. وأنا
    الملك. اني الملك. وأنقش الختم على بیاض فینقضي أمري بلا اعتراض..
    عرقوب: لا یا معلمي.. لن تجد عرقوب إلى جوارك بعد الیوم.
    مصطفى: ووجهي ألف ألف قطعة.. من أنا؟.
    عرقوب: حتى النقود التي بعت بها الوزارة تبین أنها مزیفة، وضاعت التي حلمت بها زوجة. هي لعبة. كنت فیها
    الشاهد والضحیة. ولكن هل تعلمت شیئاً؟ أخشى أن یكون قد فات الأوان. لم أعرف كیف ألتصق بالذین مثلي. ولم
    أعرف كیف أصل إلى الذین فوقي. وأخشى أن یكون الأوان قد فات.
    مصطفى: ولعبنا.. ثم لعبنا.. من أنا؟..
    أم عزة: سعیت لأنصف بیتي. فألقیت ابنتي إلى درك الجواري، وحكمت بالتجریس على زوجي. ولو أعرف أین هو!
    أبحث عنه ولا أجده. هي لعبة. نالني ما نالني.. ولكن هل تعلمت شیئاً..؟ ربما.. عرفت أنهم عائلة واحدة، ولكن ما
    الفائدة.
    السیاف: (مهزوزاً ومنحلا) وفي اللعبة كنت المنظم والضحیة. أخذ الملك البلطة. وصرت مجرد ظل أو غبار. ماذا
    یمكن أن یتعلم الظل أو الغبار.
    عزة: كانت لعبة.. أتمدد فتتمدد فوقي عناكب وحلزون ضخم.. من هو أبي؟ من هو الوزیر؟ من هو عرقوب؟ من هو
    الملك! .. أدور وأدور.. لا أعرف شیاً. بین الفراش والحلزون أنسحق، ولا أذكر شیا. القمر.. أین القمر؟ .. لماذا هرب
    وانطفأ؟.
    مصطفى: قولوا.. كانت لعبة.. والملك هو الملك.. أنا هو.. هو أنا..
    (الملك ووراءه الوزیر ومقدم الأمن ومیمون والسیاف یشكلون مجموعة تقف على یسار الخشبة، ووراءهم الشهبندر
    والامام یرقصان الدمى كما في المدخل.. في الطرف المقابل من المسرح یقف زاهد وعبید).
    الملك: لعبة ربما كانت لعبة. (لهجة اصدار الأوامر) من الآن فصاعدا. اللعب ممنوع.
    المجموعة: (وراءه) اللعب ممنوع.
    الملك: والوهم ممنوع.
    المجموعة: الوهم ممنوع.
    الملك: والخیال ممنوع.
    المجموعة: الخیال ممنوع.
    (یصفق الشهبندر والامام).
    الملك: والحلم ممنوع.
    المجموعة: والحلم ممنوع.
    ( یصفق الشهبندر والامام).
    زاهد: وحتى لو تغیر الملك فان الطریق الوحیدة الممكنة أمام الملك هي الارهاب والمزید من الارهاب.
    عبید: ینبغي أن نتواقت مع اللحظة. لا نبكر ولا نتأخر.
    زاهد: ألم تقترب هذه اللحظة؟
    عبید: انها لیست بعیدة على كل حال.
    (ینزع الشخوص أدوارهم، وملابسهم.. ثم یتوزعون المقطع التالي متناوبة أولا، وأصوات خفیضة، لا تلبث أن تعلو ،
    وتتحد..).
    - تروي كتب التاریخ عن جماعة
    - ضاق سوادها بالظلم والجور والشقاء
    - فاشتعل غضبها
    - وذبحت ملكها
    - ثم أكلته.
    - ثم أكلته...
    - في البدایة شعروا بالمغص.
    - وبعضهم تقیأ.
    - لكن بعد فترة صحت جسومهم. تساوى الناس وراقت الحیاة.
    - ولم یبق تنكر، ولا متنكرون..
    - ولم یبق تنكر، ولا متنكرون..
    المجموعة: (معا) تروي كتب التاریخ عن جماعة ضاق سوادها بالظلم والجور والشقاء. فاشتعل غضبها، وذبحت
    ملكها، ثم أكلته. في البدایة شعروا بالمغص، وبعضهم تقیأ، لكن بعد فترة صحت جسومهم، تساوى الناس وراقت
    الحیاة، ثم لم یبق تنكر ولا متنكرون..
    تمت




      الوقت/التاريخ الآن هو 28/4/2024, 7:13 am