البابالخامس
الإنسان ومشكلة الإلزام الخلقي
الإتجاه الحسي والإتجاه الإجتماعي
في الإلزام الخلقي
س- ما المقصود بالإلزام الخلقي؟
1. إن غالبية سلوك الناس ليس عشوائي وإنما يمكن التحكم فيه.
2. يدور السلوك الأخلاقي حول الخير والشر والفضائل والرذائل ويصدر عن دوافع معينه.
3. إذن المقصود بالإلزام الخلقي(هو ماينبغي إتباعه من سلوك يرجع الى نواهي الدين أو عقوبات القانون أو مصادر أخرى)
أولاً: الإتجاه الحسي في الأخلاق
مذهب المنفعة العامة
(أ) ظروف نشأة هذا المذهب:-
1. إكتشاف المنهج التجريبي وإعجاب العالم الأوروبي به مما دفع المفكرين الإنجليز الى تطبيقة في دراسة الإنسان.
2. من أشهر هؤلاء المفكرين(جيرمي بنتام – جون ستيوارت مل)
(ب) معالم المذهب النفعي في الأخلاق:
1. وتتمثل هذه المعالم في النقاط التالية:
أولاً: اللذة أو المنفعة هي الخير الأقصى أخلاقياً:
1. إن الغاية الأساسية في الأخلاق هي تحقيق الخير الأقصى وهو السعادة.
2. إختلف المفكرون حول المقصود بالسعادة. فهي عند البعض تتخذ طابع عقلي
وعند البعض الآخر هي التضحية بالذات.
3. إذن ما المقصود بالسعادة؟
"هي كل ما يحقق أو سوف يحقق اللذة أو المنفعة لصاحبه فهما يحققان السعادة لصاحبهما".
4. إختلف النفعيون حول اللذة (هل هي حسية أم عقلية) واللذة عندهم هي لذة حسية.
ثانياً: الأنانية هي ميدأ الحياة الإنسانية:
1. إن الإنسان يبحث عن سعادته الخاصة ويبتعد عما يسبب له الضرر و الألم. لأن الإنسان بفطرته أناني.
2. كل سلوك خيري نراه في المجتمع هو في حقيقته أنانية متنكرة بسبب قيود المجتمع.
لأن الإنسان يخاف من إعلان الحقيقة خوفاً من إحتقار الآخرين.
3. إن أقصى أمل أخلاقي هو أن يحقق الفرد المنفعة العامة للمجموع من خلال منفعته الخاصة.
ثالثاً: نتائج الفعل هي مصدر الإلزام الخلقي:
1. إن القيمة الأخلاقية للفعل تتحدد بنتائجه أي الجزاء الذي يترتب على ممارسته. (إذن الجزاء هو مصدر الإلزام)
مثال: الإبتعاد عن الفعل الذي جزاءه العقاب ونمارس الفعل الذي جزاءه الثواب.
2. يرى النفعيون أن الإنسان:-
* يبحث بفطرته عن اللذة والمنفعة *هو بطيعته أناني.
* يكثر من الأفعال التي يكون جزاؤها ثواباً * يبتعد عن الأفعال التي جزاؤها عقاباً
3. إذن مصدر الإلزام يرتد الى الأفعال والتي ترتد الى مدى تحقق اللذة والمنفعة.
(جـ) نقد مذهب المنفعة العامة:
أولاً: اللذة لا تصلح أن تكون مصدراً للإلزام الخلقي:
(أ) إن اللذة تمثل جانب واحد فقط من الشخصية وهو الجانب الجسمي.
(ب) إن الجانب الجسمي يشترك فيه الإنسان والحيوان لذلك فاللذة الحسية لا تصل أن تكون مصدراً للإلزام الخلقي.
(جــ) إن الأخلاق تكون إنسانية بقدر إرتباطها بما يميز الإنسان عن الحيوان.
ثانياً: المنفعة إتجاه أناني رغم محاولات تطويره:
(أ) يقول النفعيون أن الإنسان بطبيعته أناني يبحث عن مصلحته الخاصة قبل مصلحة الآخرين.
(ب) فهل يعقل تأسيس الأخلاق على الأنانية؟ وهل يمكن أن يكون الإلزام الخلقي مصدره المصلحة الشخصية للفرد؟
(جــ) وقع النفعيون في مغالطة عندما أكدوا أن الأنانية يمكنها أن تجعلنا نحقق من خلالها المنفعة العامة لأفراد المجتمع.
ثالثاً: إغفال القيم الإنسانية السامية و الأخلاق الرفيعة:
(أ) أغفل النفعيون القيم الإنسانية وأهملوا قيمة العقل ودور الدين وضوابط المجتمع.
(ب) هدموا المثل العليا حين جعلوا اللذة والمنفعة والأنانية أساس للأخلاق.
ثانياً الإتجاه الإجتماعي في الأخلاق
مذهب الإجتماعيين الوضعيين
(أ) ظروف نشأة المذهب:
1- تفوق التيار التجريبي في أوروبا على بقية التيارات أمثال (الواقعية والمثالية) بسبب قيمته العلمية ودقة منهجه.
2- أراد المفكرون تطبيق هذا المنهج في دراسة العلوم الإنسانية بعد فشل مناهج التأمل الفلسفي.
3- فظهر المذهب الإجتماعي الوضعي على يد الفرنسيين (أوجست كونت-إميل دوركايم-ليفي بريل)
4- أرادوا إستخدام الأسلوب العلمي في دراسة الظواهر الإجتماعية على أساس أن المجتمع مر بثلاث مراحل:-
المرحلة الأولى: اللاهوتية أو الدينية في تفسير الظواهر.
المرحلة الثانية: الفلسفية الميتافيزيقية.
المرحلة الأرقى: العلمية الوضعية ويستخدم فيها الاسلوب العلمي التجريبي.
(ب) موقف الإجتماعيين الوضعيين من علم الأخلاق والإلزام :
1- كانت الأخلاق تدخل في مجال الدراسات الفلسفية على أساس أن الأخلاق أحد فروع مبحث القيم.
2- وكان العلماء يدرسونها بوصفها علم معياري يحدد للإنسان المبادئ التي يجب أن يسير عليها ليكون سلوكه أخلاقي.
3- رفضت المدرسة الوضعية هذه النظرة المعيارية وقررت نقل الدراسة الأخلاقية الى علم الإجتماع الوضعي التجريبي.
4- قررت المدرسة دراسة ما هو موجود من ظواهر أخلاقية وابتعدت عن دراسة ما ينبغي أن يكون من سلوك أخلاقي.
(جـ) مذهب الإجتماعيين الوضعيين:
1- الأخلاق علم وضعي تجريبي:
1- إن دراسة الأخلاق من خلال الأسلوب العلمي يعني أن الأخلاق أصبحت علم وضعي مثل العلوم الطبيعية ولكن
هناك إختلافات:-
التجريب في علم الإجتماع ليس معملياً ولكن هو إستقراء للظاهرة بهدف الوصل للقوانين المتحكمه في مسارها.
التجريب في علم الأخلاق الوضعي ليس معملياً أيضاً وإنما يعتمد على الملاحظات العلمية المقصودة لظواهر المجتمع وإكتشاف تأثيرها في تشكيل القيم الأخلاقية وفقاً لظروف المجتمع.
أيضاً تحليل القيم الأخلاقية يؤدي لإكتشاف نشأتها الإجتماعية بوصفها ظواهر إجتماعية.
فالأخلاق لا تظهر عند الفرد المنعزل وإنما تظهر في ظل الجماعة وتنشأ وفقاً لظروف المجتمع.
2- المجتمع يحدد القيم الأخلاقية:
أ- إن القيم الأساسية مثل (الواجب والتعاون) ليست فطرية وإنما مكتسبة من ظروف المجتمع.
ب- يترتب على ذلك أن القيم لا تكون مطلقة(ثابتة) ولكنها (نسبية) متغيرة من مجتمع لآخر.
جـ- فالسلوك الخير في مجتمع قد يكون سلوك شر في مجمتع آخر.
ء- إن نسبية الأخلاق لا تعني زوالها أو إنحطاطها. لأن:
* ذلك تعبير عن الواقع الحقيقي للمجتمع.
* وأن إختلاف معنى الخير من مجتمع لآخر لا يعني إنعدامه فهو موجود ولكن في معاني كثيرة.
لاحظ أن : الظواهر الأخلاقية لا تكون من صنع الفرد وإنما يولد ويجدها أمامه مكتملة.
3- المجتمع هو مصدر الإلزام الخلقي:
أ- يترتب على ما سبق أن يكون المجتمع وحده هو مصدر الإلزام الخلقي.
ب- فالضمير أو العقل الجمعي هو الذي يحدد لنا ما يجب علينا أن نمارسه من سلوك ونؤديه من أعمال.
جـ- تبدأ الحياة الأخلاقية حين تبدأ الحياة الإجتماعية لأن القيم الأخلاقية تنبع من المجتمع لكي تجبر الأفرادعلى إتباع
سلوك أخلاقي معين.
ء- إن الإلزام الخلقي النابع من المجتمع يحمل عقاب للخارجين مثل الإحتقار والعقاب المادي.
ويحمل أيضاً وسائل تقدير للمطيعين مثل الإحترام والتقدير المادي.
(د) نقد المذهب الإجتماعي الوضعي:
1- إغفال الدور الأخلاقي للدين بوصفه وحياً الهياً:
إن إرجاع الإجتماعيين الإلزام الخلقي الى المجتمع فقط يعتبر تطرف في التفكير.
أيضاً قولهم أن الأخلاق ظواهر إجتماعية ترجع لظروف المجتمع فهم بذلك أهملوا الدين بوصفه وحياً الهياً.
فالدين بأوامره ونواهية يعتبر مصدر للإلزام الخلقي لا يمكن تجاهله أو تقليل قيمته.
2- الفرد ليس بإستمرار دمية يحركها المجتمع:
ليس للفرد أي دور عند الإجتماعيين الوضعيين.لأن الفرد يتحرك عندهم من خلال ظروف المجتمع.
فالفرد عندهم دمية يحركها المجتمع وسلوكه إنعكاس لرغبات الجماعة. ويتغير حسب تغيرات الجماعة.
وبذلك تجاهل الإجتماعيون ان هناك أفراد تؤثر في مجتمعات وتتحكم في ظروفه مثل (الثوار و المصلحين والزعماء)
3- نسبية الأخلاق وتغير مبادئها:
إن الإجتماعيين يؤكدون على نسبية الأخلاق وهذا ليس فخر لأن النسبية تؤدي الى:
1- تفكك البناء الأخلاقي. 2-تحطم المعايير.
3- ظهور الأخلاق الجزئية المتغيرة بتغير المواقف الإجتماعية وهنا يصعب التمييز بين ماهو خير وما هو شر.
4- طبيعة الأخلاق أن تكون معيارية عامة:
علم الأخلاق منذ نشأته وهو علماً معيارياً أي يبحث فيما ينبغي أن تكون عليه الأخلاق ولا يبحث في الأخلاق الموجودة في المجتمع فعلاً.
فهو علم معياري مثل علم الجمال وعلم المنطق.
والإنسان في حاجة الى قيم عامةوفضائل أخلاقية مشتركة يهتدي بها البشر في كل العصور بإعتبار أن هذه مهمة الأخلاق.
لذلك فإن تحويلها الى علم وضعي لا يعتبر فخراً لأنهم بذلك أطفأوا شعلة تضئ الطريق أمام البشرية.
الإتجاه الوجداني والإتجاه العقلي في الإلزام الخلقي
أولاً: الإتجاه الوجداني في الأخلاق:
مذهب الحاسة الخلقية عند "شافتسبري"
(أ) ظروف نشأة المذهب ومصدر الإلزام:
1. مع ظهور المنهج التجريبي في اوروبا ظهرت بعض الإتجاهات مثل (التجريبي الواقعي و الوجداني الحدسي و العقلي)
2. أراد أتباع الإتجاه الوجداني محاولة الرجوع الى الوجدان الإنساني والعاطفة البشرية.
3. يعتبر مذهب الحاسة الخلقية عند "شافتسبري" من أشهر مذاهب هذا التيار.
(ب) نبذة عن شافتسبري:
1. كان من أحد المفكرين الأرستقراطيين في إنجلترا.ورفض أن يرد الإلزام الخلقي الى:
* الحواس وإحتياجات الجسم وظروف المجتمع لأن الأخلاق أرقى من ذلك ولا تخضع للمحسوسات.
* رفض أيضا ردها للدين حتى لا تكون في صورة أوامر ويكون الإنسان مجبراً عليها.
(جـ) مذهبه الأخلاقي:
أردا أن يرد السلوك الإنساني الى حاسة داخل الإنسان تستهدف الفضيلة لذاتها وتدفع الإنسان الى عمل الخير والبعد عن الشر دون تبرير.
يتبع
الإنسان ومشكلة الإلزام الخلقي
الإتجاه الحسي والإتجاه الإجتماعي
في الإلزام الخلقي
س- ما المقصود بالإلزام الخلقي؟
1. إن غالبية سلوك الناس ليس عشوائي وإنما يمكن التحكم فيه.
2. يدور السلوك الأخلاقي حول الخير والشر والفضائل والرذائل ويصدر عن دوافع معينه.
3. إذن المقصود بالإلزام الخلقي(هو ماينبغي إتباعه من سلوك يرجع الى نواهي الدين أو عقوبات القانون أو مصادر أخرى)
أولاً: الإتجاه الحسي في الأخلاق
مذهب المنفعة العامة
(أ) ظروف نشأة هذا المذهب:-
1. إكتشاف المنهج التجريبي وإعجاب العالم الأوروبي به مما دفع المفكرين الإنجليز الى تطبيقة في دراسة الإنسان.
2. من أشهر هؤلاء المفكرين(جيرمي بنتام – جون ستيوارت مل)
(ب) معالم المذهب النفعي في الأخلاق:
1. وتتمثل هذه المعالم في النقاط التالية:
أولاً: اللذة أو المنفعة هي الخير الأقصى أخلاقياً:
1. إن الغاية الأساسية في الأخلاق هي تحقيق الخير الأقصى وهو السعادة.
2. إختلف المفكرون حول المقصود بالسعادة. فهي عند البعض تتخذ طابع عقلي
وعند البعض الآخر هي التضحية بالذات.
3. إذن ما المقصود بالسعادة؟
"هي كل ما يحقق أو سوف يحقق اللذة أو المنفعة لصاحبه فهما يحققان السعادة لصاحبهما".
4. إختلف النفعيون حول اللذة (هل هي حسية أم عقلية) واللذة عندهم هي لذة حسية.
ثانياً: الأنانية هي ميدأ الحياة الإنسانية:
1. إن الإنسان يبحث عن سعادته الخاصة ويبتعد عما يسبب له الضرر و الألم. لأن الإنسان بفطرته أناني.
2. كل سلوك خيري نراه في المجتمع هو في حقيقته أنانية متنكرة بسبب قيود المجتمع.
لأن الإنسان يخاف من إعلان الحقيقة خوفاً من إحتقار الآخرين.
3. إن أقصى أمل أخلاقي هو أن يحقق الفرد المنفعة العامة للمجموع من خلال منفعته الخاصة.
ثالثاً: نتائج الفعل هي مصدر الإلزام الخلقي:
1. إن القيمة الأخلاقية للفعل تتحدد بنتائجه أي الجزاء الذي يترتب على ممارسته. (إذن الجزاء هو مصدر الإلزام)
مثال: الإبتعاد عن الفعل الذي جزاءه العقاب ونمارس الفعل الذي جزاءه الثواب.
2. يرى النفعيون أن الإنسان:-
* يبحث بفطرته عن اللذة والمنفعة *هو بطيعته أناني.
* يكثر من الأفعال التي يكون جزاؤها ثواباً * يبتعد عن الأفعال التي جزاؤها عقاباً
3. إذن مصدر الإلزام يرتد الى الأفعال والتي ترتد الى مدى تحقق اللذة والمنفعة.
(جـ) نقد مذهب المنفعة العامة:
أولاً: اللذة لا تصلح أن تكون مصدراً للإلزام الخلقي:
(أ) إن اللذة تمثل جانب واحد فقط من الشخصية وهو الجانب الجسمي.
(ب) إن الجانب الجسمي يشترك فيه الإنسان والحيوان لذلك فاللذة الحسية لا تصل أن تكون مصدراً للإلزام الخلقي.
(جــ) إن الأخلاق تكون إنسانية بقدر إرتباطها بما يميز الإنسان عن الحيوان.
ثانياً: المنفعة إتجاه أناني رغم محاولات تطويره:
(أ) يقول النفعيون أن الإنسان بطبيعته أناني يبحث عن مصلحته الخاصة قبل مصلحة الآخرين.
(ب) فهل يعقل تأسيس الأخلاق على الأنانية؟ وهل يمكن أن يكون الإلزام الخلقي مصدره المصلحة الشخصية للفرد؟
(جــ) وقع النفعيون في مغالطة عندما أكدوا أن الأنانية يمكنها أن تجعلنا نحقق من خلالها المنفعة العامة لأفراد المجتمع.
ثالثاً: إغفال القيم الإنسانية السامية و الأخلاق الرفيعة:
(أ) أغفل النفعيون القيم الإنسانية وأهملوا قيمة العقل ودور الدين وضوابط المجتمع.
(ب) هدموا المثل العليا حين جعلوا اللذة والمنفعة والأنانية أساس للأخلاق.
ثانياً الإتجاه الإجتماعي في الأخلاق
مذهب الإجتماعيين الوضعيين
(أ) ظروف نشأة المذهب:
1- تفوق التيار التجريبي في أوروبا على بقية التيارات أمثال (الواقعية والمثالية) بسبب قيمته العلمية ودقة منهجه.
2- أراد المفكرون تطبيق هذا المنهج في دراسة العلوم الإنسانية بعد فشل مناهج التأمل الفلسفي.
3- فظهر المذهب الإجتماعي الوضعي على يد الفرنسيين (أوجست كونت-إميل دوركايم-ليفي بريل)
4- أرادوا إستخدام الأسلوب العلمي في دراسة الظواهر الإجتماعية على أساس أن المجتمع مر بثلاث مراحل:-
المرحلة الأولى: اللاهوتية أو الدينية في تفسير الظواهر.
المرحلة الثانية: الفلسفية الميتافيزيقية.
المرحلة الأرقى: العلمية الوضعية ويستخدم فيها الاسلوب العلمي التجريبي.
(ب) موقف الإجتماعيين الوضعيين من علم الأخلاق والإلزام :
1- كانت الأخلاق تدخل في مجال الدراسات الفلسفية على أساس أن الأخلاق أحد فروع مبحث القيم.
2- وكان العلماء يدرسونها بوصفها علم معياري يحدد للإنسان المبادئ التي يجب أن يسير عليها ليكون سلوكه أخلاقي.
3- رفضت المدرسة الوضعية هذه النظرة المعيارية وقررت نقل الدراسة الأخلاقية الى علم الإجتماع الوضعي التجريبي.
4- قررت المدرسة دراسة ما هو موجود من ظواهر أخلاقية وابتعدت عن دراسة ما ينبغي أن يكون من سلوك أخلاقي.
(جـ) مذهب الإجتماعيين الوضعيين:
1- الأخلاق علم وضعي تجريبي:
1- إن دراسة الأخلاق من خلال الأسلوب العلمي يعني أن الأخلاق أصبحت علم وضعي مثل العلوم الطبيعية ولكن
هناك إختلافات:-
التجريب في علم الإجتماع ليس معملياً ولكن هو إستقراء للظاهرة بهدف الوصل للقوانين المتحكمه في مسارها.
التجريب في علم الأخلاق الوضعي ليس معملياً أيضاً وإنما يعتمد على الملاحظات العلمية المقصودة لظواهر المجتمع وإكتشاف تأثيرها في تشكيل القيم الأخلاقية وفقاً لظروف المجتمع.
أيضاً تحليل القيم الأخلاقية يؤدي لإكتشاف نشأتها الإجتماعية بوصفها ظواهر إجتماعية.
فالأخلاق لا تظهر عند الفرد المنعزل وإنما تظهر في ظل الجماعة وتنشأ وفقاً لظروف المجتمع.
2- المجتمع يحدد القيم الأخلاقية:
أ- إن القيم الأساسية مثل (الواجب والتعاون) ليست فطرية وإنما مكتسبة من ظروف المجتمع.
ب- يترتب على ذلك أن القيم لا تكون مطلقة(ثابتة) ولكنها (نسبية) متغيرة من مجتمع لآخر.
جـ- فالسلوك الخير في مجتمع قد يكون سلوك شر في مجمتع آخر.
ء- إن نسبية الأخلاق لا تعني زوالها أو إنحطاطها. لأن:
* ذلك تعبير عن الواقع الحقيقي للمجتمع.
* وأن إختلاف معنى الخير من مجتمع لآخر لا يعني إنعدامه فهو موجود ولكن في معاني كثيرة.
لاحظ أن : الظواهر الأخلاقية لا تكون من صنع الفرد وإنما يولد ويجدها أمامه مكتملة.
3- المجتمع هو مصدر الإلزام الخلقي:
أ- يترتب على ما سبق أن يكون المجتمع وحده هو مصدر الإلزام الخلقي.
ب- فالضمير أو العقل الجمعي هو الذي يحدد لنا ما يجب علينا أن نمارسه من سلوك ونؤديه من أعمال.
جـ- تبدأ الحياة الأخلاقية حين تبدأ الحياة الإجتماعية لأن القيم الأخلاقية تنبع من المجتمع لكي تجبر الأفرادعلى إتباع
سلوك أخلاقي معين.
ء- إن الإلزام الخلقي النابع من المجتمع يحمل عقاب للخارجين مثل الإحتقار والعقاب المادي.
ويحمل أيضاً وسائل تقدير للمطيعين مثل الإحترام والتقدير المادي.
(د) نقد المذهب الإجتماعي الوضعي:
1- إغفال الدور الأخلاقي للدين بوصفه وحياً الهياً:
إن إرجاع الإجتماعيين الإلزام الخلقي الى المجتمع فقط يعتبر تطرف في التفكير.
أيضاً قولهم أن الأخلاق ظواهر إجتماعية ترجع لظروف المجتمع فهم بذلك أهملوا الدين بوصفه وحياً الهياً.
فالدين بأوامره ونواهية يعتبر مصدر للإلزام الخلقي لا يمكن تجاهله أو تقليل قيمته.
2- الفرد ليس بإستمرار دمية يحركها المجتمع:
ليس للفرد أي دور عند الإجتماعيين الوضعيين.لأن الفرد يتحرك عندهم من خلال ظروف المجتمع.
فالفرد عندهم دمية يحركها المجتمع وسلوكه إنعكاس لرغبات الجماعة. ويتغير حسب تغيرات الجماعة.
وبذلك تجاهل الإجتماعيون ان هناك أفراد تؤثر في مجتمعات وتتحكم في ظروفه مثل (الثوار و المصلحين والزعماء)
3- نسبية الأخلاق وتغير مبادئها:
إن الإجتماعيين يؤكدون على نسبية الأخلاق وهذا ليس فخر لأن النسبية تؤدي الى:
1- تفكك البناء الأخلاقي. 2-تحطم المعايير.
3- ظهور الأخلاق الجزئية المتغيرة بتغير المواقف الإجتماعية وهنا يصعب التمييز بين ماهو خير وما هو شر.
4- طبيعة الأخلاق أن تكون معيارية عامة:
علم الأخلاق منذ نشأته وهو علماً معيارياً أي يبحث فيما ينبغي أن تكون عليه الأخلاق ولا يبحث في الأخلاق الموجودة في المجتمع فعلاً.
فهو علم معياري مثل علم الجمال وعلم المنطق.
والإنسان في حاجة الى قيم عامةوفضائل أخلاقية مشتركة يهتدي بها البشر في كل العصور بإعتبار أن هذه مهمة الأخلاق.
لذلك فإن تحويلها الى علم وضعي لا يعتبر فخراً لأنهم بذلك أطفأوا شعلة تضئ الطريق أمام البشرية.
الإتجاه الوجداني والإتجاه العقلي في الإلزام الخلقي
أولاً: الإتجاه الوجداني في الأخلاق:
مذهب الحاسة الخلقية عند "شافتسبري"
(أ) ظروف نشأة المذهب ومصدر الإلزام:
1. مع ظهور المنهج التجريبي في اوروبا ظهرت بعض الإتجاهات مثل (التجريبي الواقعي و الوجداني الحدسي و العقلي)
2. أراد أتباع الإتجاه الوجداني محاولة الرجوع الى الوجدان الإنساني والعاطفة البشرية.
3. يعتبر مذهب الحاسة الخلقية عند "شافتسبري" من أشهر مذاهب هذا التيار.
(ب) نبذة عن شافتسبري:
1. كان من أحد المفكرين الأرستقراطيين في إنجلترا.ورفض أن يرد الإلزام الخلقي الى:
* الحواس وإحتياجات الجسم وظروف المجتمع لأن الأخلاق أرقى من ذلك ولا تخضع للمحسوسات.
* رفض أيضا ردها للدين حتى لا تكون في صورة أوامر ويكون الإنسان مجبراً عليها.
(جـ) مذهبه الأخلاقي:
أردا أن يرد السلوك الإنساني الى حاسة داخل الإنسان تستهدف الفضيلة لذاتها وتدفع الإنسان الى عمل الخير والبعد عن الشر دون تبرير.
يتبع