موسـوعـة الإعـجـاز الـرقمي
المـهنـدس
عبد الـدائم الكحيل
اليوم ونحن نعيش عصراً جديداً يمكن تسميته بعصر «التكنولوجيا الرقمية» نتساءل: بما أن الله تعالى قد نظّم كلّ شيء في هذا الكون بنظام رياضي مُحكم، فهل من الممكن أن نرى في حروف وكلمات القرآن نظاماً رياضياً محكماً أيضاً؟
سوف نرى من خلال مباحث هذه الموسوعة أن آيات القرآن وسوره وكلماته وحروفه قد نظّمها الله تعالى بنظام يقوم على الرقم سبعة، كدليل على أن هذا القرآن صادر من ربّ السَّماوات السَّبع!
ويجب أن نؤكّد وبقوّة أن معجزات القرآن البلاغيّة والعلميّة والكونية والطبية والتشريعيّة والغيْبيّة.... وغير ذلك من وجوه الإعجاز، لا زالت مستمرة ومتجدّدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وما البناء الرقمي الذي نراه اليوم، إلا قطرة من بحرٍ زاخرٍ بالمعجزات والعجائب والأسرار- إنه بحر القرآن العظيم الذي قال عنه حبيبنا وسيدنا محمّد صلوات الله عليه وسلامه: (ولا تَنقَضِي عَجَائِبُهُ) [رواه الترمذي].
يتميّز كتاب الله تعالى بأنه كتاب مُحكَم، فكلّ آية من آياته تتميّز ببلاغة كلماتها ودقّة معانيها وقوّة أسلوبها، بالإضافة إلى ذلك هنالك إحكام مذهل في تكرار الكلمات والحروف!
إذن نستطيع القول بأن الإعجاز الرقمي القرآني هو العلاقات الرقمية بين حروف القرآن وكلماته وآياته وسوره، والتي جاءت لتكون برهاناً ماديّا ملموساً لأولئك الماديين على أن القرآن كتاب الله تعالى.
وينبغي علينا أن ندرك بأن القرآن وإن كان كتاب هداية فإن الهداية تتخذ أسباباً، ومثل هذا البحث هو نوع من أنواع التثبيت والهداية. وقد تكون لغة الأرقام بالنسبة لأولئك الملحدين أشد تأثيراً وأكثر إفصاحاً من لغة الكلام لأنهم لا يتقنون إلا لغة الماديات ويطلبون الدليل المادي على أي شيء يصادفهم!!
ولذلك يعدّ الإعجاز الرقمي والخطاب بلغة الأرقام أسلوباً جديداً للدعوة إلى الله تعالى خصوصاً بالنسبة لغير المسلمين من الذين لا يفقهون اللغة العربية.
أما المؤمن فهو من سيقوم بإيصال هذه المعجزة لغير المؤمن، ولذلك لا ينبغي له أن يقول إن القرآن ليس بحاجة إلى براهين رقمية أو علمية أو لغوية، لأن المؤمن الحريص على كتاب ربه يرغب دائماً في تعلّم المزيد من عجائب القرآن، وما الإعجاز الرقمي إلا عجيبة من عجائب القرآن.
وهذا هو سيدنا إبراهيم عليه السلام يطلب من ربه أن يُرِيَه معجزة يرى من خلالها كيف يحيي الله الموتى فقال تعالى: (أََوَلَمْ تُؤْمِنْ)، فأجابه سيدنا إبراهيم بقوله: (بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة: 2/260]. وسبحان الله! يريد مزيداً من الاطمئنان واليقين بالله تعالى! فإذا كان هذا حال خليل الرحمن عليه السلام، فكيف بنا نحن اليوم؟ ألسنا بأمسِّ الحاجة لمعجزات تثبّتنا على الحق والإيمان واليقين؟
وتأمَّل معي هذه الدعوة: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 4/82]، فإننا نلمس فيها إشارة واضحة ودعوة صريحة لتأمُّل التناسق والنظام في كلام الله تعالى، وتمييزه عن العشوائية والاختلاف في كلام البشر، لنستيقن بأن هذا القرآن كتاب الله عزّ وجلّ؟
في هذه المجموعة من الأبحاث العلمية القرآنية سوف نعيش مع رحلة ممتعة في رحاب حروف القرآن وكلماته وآياته وسُوره، وسوف نكتشف بأن القرآن أكبر وأعظم مما نتصور، كيف لا وهو كتاب رب العالمين تبارك وتعالى؟
وسوف يكون منهجنا في البحث منهجاً ثابتاً وعلمياً من أول صفحة وحتى آخر صفحة إن شاء الله تعالى، وسوف نرى بأن أعداد حروف القرآن مُحكمة وتنضبط بحساب رقمي دقيق، وأن التناسقات الغزيرة التي سنراها من خلال فقرات البحث لم تأت عن طريق المصادفة بل هي بتقدير من الله تبارك وتعالى.
إن لغة الأرقام هي لغة الضبط والقياس ومن خلالها يمكن أن نضبط عدد الكتب في مكتبة مثلاً أو عدد صفحات الكتاب، وبذلك نضمن الحفاظ على هذه الكتب من خلال إحصائها كل فترة.
وعندما ندرك أن كل حرف في كتاب الله تعالى قد وُضِع بميزان دقيق ومحسوب، فإن أي نقصان أو زيادة في عدد الحروف سيُخِلّ بهذا الميزان. إذن لغة الأرقام هي الميزان الذي نستدل به على أن الله تعالى قد حفظ كل حرفٍ في كتابه إلى يوم القيامة، وقال في ذلك: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 15/9].
هنالك شيء آخر وهو أن ثلاثة أرباع سكان العالم هم من غير المسلمين ويبلغ عددهم أكثر من أربعة آلاف مليون إنسان!! وهؤلاء في معظمهم لا يفقهون اللغة العربية. ومن الحكمة أن نوجه إليهم هذا العلم الجديد لنقول لهم: انظروا إلى حساباتكم وأرقامكم والرياضيات التي تفاخرون بها، إنها موجودة في الكتاب الذي تدَّعون بأنه كتاب أساطير!
فالقرآن لم يَنْزِل للعرب فقط بل نزل للناس كافَّة، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم هو رسول الله للعالمين ليبلِّغهم رسالة الله تعالى القائل: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان: 25/1]. ووجود إعجاز رقمي فيه هو دليل مادي على أنه كتاب معجزٌ من جميع النواحي لغوياً وعلمياً ورقمياً.
إن الله تعالى قد أنزل القرآن وبيَّن فيه كل شيء وقال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 16/89]. هذه الآية تؤكد أن القرآن يحوي كل العلوم، ومن هذه العلوم علم الرياضيات.
إن هذه المعجزة جاءت لتؤكد أن القرآن هو بناء عظيم يقوم على الرقم سبعة. وإن وجود هذا الرقم بالذات هو دليل على وحدانية الله. فإذا علمنا أن كل ذرة من ذرات هذا الكون عدد طبقاتها سبع، وعلمنا أن كل حرف في كتاب الله تكرر بنظام يقوم على الرقم سبعة، فلا بدَّ عندها أن ندرك أن خالق الكون سبحانه هو نفسُه الذي أنزل القرآن!
ويمكن القول بأن المهمة الأصعب للإعجاز الرقمي هي إثبات أنه لا يمكن لأحد أن يأتي بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة منه. وحيث تعجز وسائل اللغة عن تقديم براهين مادية على ذلك، فإن النظام الرقمي الذي نكتشفه اليوم هو برهان ملموس على صدق كلام الحقّ سبحانه وتعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء: 17/88].
فمن خلال المباحث القادمة سوف تتراءى أمامنا عَظَمة هذا النظام البديع، وسوف نتبع المنهج العلمي والشرعي في استخراج الحقائق الرقمية من داخل القرآن دون أن نقحم أي رقم من خارجه.
وسوف نبدأ مباشرة برؤية بعض أسرار الرقم سبعة في القرآن والكون والحياة وأحاديث النبيّ عليه الصلاة والسلام، وذلك من خلال المبحث الأول في هذا الكتاب، وهو بعنوان : إشراقات الرقم سبعة في القرآن الكريم. في هذا المبحث سوف نرى بعض التناسقات المذهلة لعبارات وكلمات قرآنية مع الرقم سبعة. هذا التناسق لم يأت عن طريق المصادفة أبداً.
ولكن السؤال كيف يمكن للقلب أن يطمئن لنتائج هذه الأبحاث وغيرها؟ والإجابة عن هذا التساؤل هي عنوان المبحث الثاني وهو ضوابط الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم. والذي تناولنا من خلاله الأسئلة والانتقادات التي تواجهها أبحاث الإعجاز الرقمي اليوم، وأجَبنا عنها بكل وضوح وصراحة.
وبينَّا في هذا الفصل ما لهذا العلم الناشئ من حقٍّ علينا، وكذلك بينّا الأشياء الواجب الالتزام بها من قِبل من يبحث في هذا العلم ليكون بحثه مقبولاً ويمثل معجزة وليس مصادفة. وأن معظم الأخطاء التي يقع فيها بعض الباحثين في الإعجاز الرقمي إنما سببها عدم الالتزام بمنهج واضح وعلمي في بحثه.
وكذلك حدَّدنا في هذا الفصل منهج العمل في الموسوعة، والأساس الرياضي الذي استندنا إليه في استنباط المعجزة القرآنية الجديدة. ونذكِّر دائماً بأن أي بحث في الإعجاز الرقمي يجب أن يقوم على أساس شرعي وعلمي. وأن غياب الضوابط العلمية عن الباحث يعرّضه لكثير من الهفوات والأخطاء.
أما المبحث الثالث فقد بدأنا من خلال فقراته باستعراض النظام الرقمي المحكم لحروف القرآن الكريم، والأمثلة الغزيرة التي سيعيش معها القارئ تؤكد بوضوح وجود معجزة قرآنية تقوم على الرقم سبعة ومضاعفاته.
فقد رتّب الله تعالى عدد حروف كل كلمة من كلمات القرآن بحيث تشكل بناءً سباعياً مذهلاً. وأنه لو نقص حرف من حروف القرآن أو زاد حرف، أو تغيّر ترتيب كلمة من كلماته لاختلّ هذا البناء العجيب.
وفي المبحث الرابع محاولة للإجابة عن تساؤل طالما شغل بال المفسرين والباحثين ألا وهو: ما سرّ الحروف المقطعة في أوائل بعض السور، مثل (الـم)؟ سوف نرى بأن هذه الحروف تشكل نظاماً رقمياً محكماً يقوم على الرقم سبعة أيضاً.
فقد اقتضت مشيئة البارئ تبارك وتعالى أن يرتِّب حروف القرآن وكلماته بحيث تتوزع هذه الحروف المقطعة بشكل يتناسب مع الرقم سبعة، وبشكل لا يمكن لبشر أن يأتي بمثله.
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على استحالة الإتيان بمثل القرآن، وأن البشر عاجزون عن الإتيان بمثله، وأن الله تعالى بقدرته وحكمته قد حفظ كتابه من التحريف أو التبديل.
وفي ختام هذا الكتاب سوف نلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها، وكيف أن هذه النتائج تمثل معجزة حقيقية لكتاب الله تعالى في عصر المعلوماتية الذي نعيشه اليوم. ونتناول وجه الإعجاز في هذه الأمثلة وكيف أنه لا يمكن للمصادفة أبداً أن تصنع نظاماً بديعاً كهذا.
بقي أن نشير أخيراً إلى أن الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم لا يقتصر على الرقم سبعة، بل هنالك إعجاز مذهل يقوم على الأرقام الأولية مثل الرقم 11 والرقم 13 وغيرها من الأرقام التي لا تنقسم إلا على نفسها وعلى الواحد كدليل على وحدانية منظِّم هذه الأرقام سبحانه وتعالى! ويمكن للقارئ أن يرجع إلى الكتاب الرابع في هذه الموسوعة «الإعجاز الرقمي في سورة الإخلاص» لرؤية المزيد من العجائب.
نسأل المولى تبارك وتعالى أن يتقبّل منّا هذا العمل ويجعله خالصاً نبتغي به رضوانه، وأن ينفع به كل من يطّلع عليه، وأن يكون في هذا العمل هداية لكلّ من يشكّ بكتاب الله تعالى، ومزيداً من الإيمان لكل من يحبّ كتاب الله عزَّ وجلَّ.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
حمل الكتاب برابط سريع جدا ومباشر
http://dc121.4shared.com/download/41445778/6edd9baf/___online.zip?tsid=20090815-145854-2fe2458e
المـهنـدس
عبد الـدائم الكحيل
اليوم ونحن نعيش عصراً جديداً يمكن تسميته بعصر «التكنولوجيا الرقمية» نتساءل: بما أن الله تعالى قد نظّم كلّ شيء في هذا الكون بنظام رياضي مُحكم، فهل من الممكن أن نرى في حروف وكلمات القرآن نظاماً رياضياً محكماً أيضاً؟
سوف نرى من خلال مباحث هذه الموسوعة أن آيات القرآن وسوره وكلماته وحروفه قد نظّمها الله تعالى بنظام يقوم على الرقم سبعة، كدليل على أن هذا القرآن صادر من ربّ السَّماوات السَّبع!
ويجب أن نؤكّد وبقوّة أن معجزات القرآن البلاغيّة والعلميّة والكونية والطبية والتشريعيّة والغيْبيّة.... وغير ذلك من وجوه الإعجاز، لا زالت مستمرة ومتجدّدة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وما البناء الرقمي الذي نراه اليوم، إلا قطرة من بحرٍ زاخرٍ بالمعجزات والعجائب والأسرار- إنه بحر القرآن العظيم الذي قال عنه حبيبنا وسيدنا محمّد صلوات الله عليه وسلامه: (ولا تَنقَضِي عَجَائِبُهُ) [رواه الترمذي].
يتميّز كتاب الله تعالى بأنه كتاب مُحكَم، فكلّ آية من آياته تتميّز ببلاغة كلماتها ودقّة معانيها وقوّة أسلوبها، بالإضافة إلى ذلك هنالك إحكام مذهل في تكرار الكلمات والحروف!
إذن نستطيع القول بأن الإعجاز الرقمي القرآني هو العلاقات الرقمية بين حروف القرآن وكلماته وآياته وسوره، والتي جاءت لتكون برهاناً ماديّا ملموساً لأولئك الماديين على أن القرآن كتاب الله تعالى.
وينبغي علينا أن ندرك بأن القرآن وإن كان كتاب هداية فإن الهداية تتخذ أسباباً، ومثل هذا البحث هو نوع من أنواع التثبيت والهداية. وقد تكون لغة الأرقام بالنسبة لأولئك الملحدين أشد تأثيراً وأكثر إفصاحاً من لغة الكلام لأنهم لا يتقنون إلا لغة الماديات ويطلبون الدليل المادي على أي شيء يصادفهم!!
ولذلك يعدّ الإعجاز الرقمي والخطاب بلغة الأرقام أسلوباً جديداً للدعوة إلى الله تعالى خصوصاً بالنسبة لغير المسلمين من الذين لا يفقهون اللغة العربية.
أما المؤمن فهو من سيقوم بإيصال هذه المعجزة لغير المؤمن، ولذلك لا ينبغي له أن يقول إن القرآن ليس بحاجة إلى براهين رقمية أو علمية أو لغوية، لأن المؤمن الحريص على كتاب ربه يرغب دائماً في تعلّم المزيد من عجائب القرآن، وما الإعجاز الرقمي إلا عجيبة من عجائب القرآن.
وهذا هو سيدنا إبراهيم عليه السلام يطلب من ربه أن يُرِيَه معجزة يرى من خلالها كيف يحيي الله الموتى فقال تعالى: (أََوَلَمْ تُؤْمِنْ)، فأجابه سيدنا إبراهيم بقوله: (بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [البقرة: 2/260]. وسبحان الله! يريد مزيداً من الاطمئنان واليقين بالله تعالى! فإذا كان هذا حال خليل الرحمن عليه السلام، فكيف بنا نحن اليوم؟ ألسنا بأمسِّ الحاجة لمعجزات تثبّتنا على الحق والإيمان واليقين؟
وتأمَّل معي هذه الدعوة: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 4/82]، فإننا نلمس فيها إشارة واضحة ودعوة صريحة لتأمُّل التناسق والنظام في كلام الله تعالى، وتمييزه عن العشوائية والاختلاف في كلام البشر، لنستيقن بأن هذا القرآن كتاب الله عزّ وجلّ؟
في هذه المجموعة من الأبحاث العلمية القرآنية سوف نعيش مع رحلة ممتعة في رحاب حروف القرآن وكلماته وآياته وسُوره، وسوف نكتشف بأن القرآن أكبر وأعظم مما نتصور، كيف لا وهو كتاب رب العالمين تبارك وتعالى؟
وسوف يكون منهجنا في البحث منهجاً ثابتاً وعلمياً من أول صفحة وحتى آخر صفحة إن شاء الله تعالى، وسوف نرى بأن أعداد حروف القرآن مُحكمة وتنضبط بحساب رقمي دقيق، وأن التناسقات الغزيرة التي سنراها من خلال فقرات البحث لم تأت عن طريق المصادفة بل هي بتقدير من الله تبارك وتعالى.
إن لغة الأرقام هي لغة الضبط والقياس ومن خلالها يمكن أن نضبط عدد الكتب في مكتبة مثلاً أو عدد صفحات الكتاب، وبذلك نضمن الحفاظ على هذه الكتب من خلال إحصائها كل فترة.
وعندما ندرك أن كل حرف في كتاب الله تعالى قد وُضِع بميزان دقيق ومحسوب، فإن أي نقصان أو زيادة في عدد الحروف سيُخِلّ بهذا الميزان. إذن لغة الأرقام هي الميزان الذي نستدل به على أن الله تعالى قد حفظ كل حرفٍ في كتابه إلى يوم القيامة، وقال في ذلك: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 15/9].
هنالك شيء آخر وهو أن ثلاثة أرباع سكان العالم هم من غير المسلمين ويبلغ عددهم أكثر من أربعة آلاف مليون إنسان!! وهؤلاء في معظمهم لا يفقهون اللغة العربية. ومن الحكمة أن نوجه إليهم هذا العلم الجديد لنقول لهم: انظروا إلى حساباتكم وأرقامكم والرياضيات التي تفاخرون بها، إنها موجودة في الكتاب الذي تدَّعون بأنه كتاب أساطير!
فالقرآن لم يَنْزِل للعرب فقط بل نزل للناس كافَّة، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلّم هو رسول الله للعالمين ليبلِّغهم رسالة الله تعالى القائل: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان: 25/1]. ووجود إعجاز رقمي فيه هو دليل مادي على أنه كتاب معجزٌ من جميع النواحي لغوياً وعلمياً ورقمياً.
إن الله تعالى قد أنزل القرآن وبيَّن فيه كل شيء وقال: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 16/89]. هذه الآية تؤكد أن القرآن يحوي كل العلوم، ومن هذه العلوم علم الرياضيات.
إن هذه المعجزة جاءت لتؤكد أن القرآن هو بناء عظيم يقوم على الرقم سبعة. وإن وجود هذا الرقم بالذات هو دليل على وحدانية الله. فإذا علمنا أن كل ذرة من ذرات هذا الكون عدد طبقاتها سبع، وعلمنا أن كل حرف في كتاب الله تكرر بنظام يقوم على الرقم سبعة، فلا بدَّ عندها أن ندرك أن خالق الكون سبحانه هو نفسُه الذي أنزل القرآن!
ويمكن القول بأن المهمة الأصعب للإعجاز الرقمي هي إثبات أنه لا يمكن لأحد أن يأتي بمثل هذا القرآن أو بمثل سورة منه. وحيث تعجز وسائل اللغة عن تقديم براهين مادية على ذلك، فإن النظام الرقمي الذي نكتشفه اليوم هو برهان ملموس على صدق كلام الحقّ سبحانه وتعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) [الإسراء: 17/88].
فمن خلال المباحث القادمة سوف تتراءى أمامنا عَظَمة هذا النظام البديع، وسوف نتبع المنهج العلمي والشرعي في استخراج الحقائق الرقمية من داخل القرآن دون أن نقحم أي رقم من خارجه.
وسوف نبدأ مباشرة برؤية بعض أسرار الرقم سبعة في القرآن والكون والحياة وأحاديث النبيّ عليه الصلاة والسلام، وذلك من خلال المبحث الأول في هذا الكتاب، وهو بعنوان : إشراقات الرقم سبعة في القرآن الكريم. في هذا المبحث سوف نرى بعض التناسقات المذهلة لعبارات وكلمات قرآنية مع الرقم سبعة. هذا التناسق لم يأت عن طريق المصادفة أبداً.
ولكن السؤال كيف يمكن للقلب أن يطمئن لنتائج هذه الأبحاث وغيرها؟ والإجابة عن هذا التساؤل هي عنوان المبحث الثاني وهو ضوابط الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم. والذي تناولنا من خلاله الأسئلة والانتقادات التي تواجهها أبحاث الإعجاز الرقمي اليوم، وأجَبنا عنها بكل وضوح وصراحة.
وبينَّا في هذا الفصل ما لهذا العلم الناشئ من حقٍّ علينا، وكذلك بينّا الأشياء الواجب الالتزام بها من قِبل من يبحث في هذا العلم ليكون بحثه مقبولاً ويمثل معجزة وليس مصادفة. وأن معظم الأخطاء التي يقع فيها بعض الباحثين في الإعجاز الرقمي إنما سببها عدم الالتزام بمنهج واضح وعلمي في بحثه.
وكذلك حدَّدنا في هذا الفصل منهج العمل في الموسوعة، والأساس الرياضي الذي استندنا إليه في استنباط المعجزة القرآنية الجديدة. ونذكِّر دائماً بأن أي بحث في الإعجاز الرقمي يجب أن يقوم على أساس شرعي وعلمي. وأن غياب الضوابط العلمية عن الباحث يعرّضه لكثير من الهفوات والأخطاء.
أما المبحث الثالث فقد بدأنا من خلال فقراته باستعراض النظام الرقمي المحكم لحروف القرآن الكريم، والأمثلة الغزيرة التي سيعيش معها القارئ تؤكد بوضوح وجود معجزة قرآنية تقوم على الرقم سبعة ومضاعفاته.
فقد رتّب الله تعالى عدد حروف كل كلمة من كلمات القرآن بحيث تشكل بناءً سباعياً مذهلاً. وأنه لو نقص حرف من حروف القرآن أو زاد حرف، أو تغيّر ترتيب كلمة من كلماته لاختلّ هذا البناء العجيب.
وفي المبحث الرابع محاولة للإجابة عن تساؤل طالما شغل بال المفسرين والباحثين ألا وهو: ما سرّ الحروف المقطعة في أوائل بعض السور، مثل (الـم)؟ سوف نرى بأن هذه الحروف تشكل نظاماً رقمياً محكماً يقوم على الرقم سبعة أيضاً.
فقد اقتضت مشيئة البارئ تبارك وتعالى أن يرتِّب حروف القرآن وكلماته بحيث تتوزع هذه الحروف المقطعة بشكل يتناسب مع الرقم سبعة، وبشكل لا يمكن لبشر أن يأتي بمثله.
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على استحالة الإتيان بمثل القرآن، وأن البشر عاجزون عن الإتيان بمثله، وأن الله تعالى بقدرته وحكمته قد حفظ كتابه من التحريف أو التبديل.
وفي ختام هذا الكتاب سوف نلخص أهم النتائج التي توصلنا إليها، وكيف أن هذه النتائج تمثل معجزة حقيقية لكتاب الله تعالى في عصر المعلوماتية الذي نعيشه اليوم. ونتناول وجه الإعجاز في هذه الأمثلة وكيف أنه لا يمكن للمصادفة أبداً أن تصنع نظاماً بديعاً كهذا.
بقي أن نشير أخيراً إلى أن الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم لا يقتصر على الرقم سبعة، بل هنالك إعجاز مذهل يقوم على الأرقام الأولية مثل الرقم 11 والرقم 13 وغيرها من الأرقام التي لا تنقسم إلا على نفسها وعلى الواحد كدليل على وحدانية منظِّم هذه الأرقام سبحانه وتعالى! ويمكن للقارئ أن يرجع إلى الكتاب الرابع في هذه الموسوعة «الإعجاز الرقمي في سورة الإخلاص» لرؤية المزيد من العجائب.
نسأل المولى تبارك وتعالى أن يتقبّل منّا هذا العمل ويجعله خالصاً نبتغي به رضوانه، وأن ينفع به كل من يطّلع عليه، وأن يكون في هذا العمل هداية لكلّ من يشكّ بكتاب الله تعالى، ومزيداً من الإيمان لكل من يحبّ كتاب الله عزَّ وجلَّ.
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
حمل الكتاب برابط سريع جدا ومباشر
http://dc121.4shared.com/download/41445778/6edd9baf/___online.zip?tsid=20090815-145854-2fe2458e