مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

مرحبا بك فى منتدى مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية المشتركة
عزيزى الزائر معلما فاضلا ... طالبا نجيبا
يسعدنا انضمامك معنا ونتمنى ان تكون واحدا من اسرة
هذا الصرح التعليمي العريق لتستفيد وتفيد


(يا اخى وصلت لحد هنا ومستخسر فينا تسجيلك)

الموضوع اسهل مما تتخيل (خطوتين تسجيل وتكون وسطنا)


ملحوظة هامة جدا

استخدم متصفح فاير فوكس لو معرفتش
تدخل ولو صفحة الموقع بتخرجك
وفى حالة اتمام التسجيل ستصلك رسالة لتنشيط حسابك على الإيميل يرجى الدخول عليها وتنشيط الحساب وفى حالة عدم القدرة على تنشيط الحساب سنقوم بتنشيط حسابك وبمجرد رؤيتك اسم العضوية الخاص بك فى ادنى الصفحة الرئيسية تستطيع الدخول بمنتهى السهولة الى الموقع

مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مدرسة الدكتور ابراهيم مدكور الثانوية

بوابتك نحو متعة التعلم

 
            
 
 




    حديث القرآن عن نفسه

    أ علي رزق
    أ علي رزق
    نائب المدير


    عدد المساهمات : 1942
    نقاط : 178777
    تاريخ التسجيل : 09/03/2009
    العمر : 56
    الموقع : http://alitwig.blogspot.com/
    العمل/الترفيه : مدرس أول لغة عربية

    حديث القرآن عن نفسه Empty حديث القرآن عن نفسه

    مُساهمة من طرف أ علي رزق 26/9/2009, 6:13 pm

    حديث القرآن عن نفسه

    **رمضان فوزي بديني

    القرآن كتاب الله عز وجل ونوره المبين الذي أنزله على عبده ليكون للعالمين نذيرا؛ فهدى الله به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، وأخرج به من الظلمات إلى النور بإذنه إلى صراط العزيز الحميد.

    فهو حلقة الوصل بين رب العباد وعباده، نزل به الروح الأمين، على قلب نبيه العظيم في شهر رمضان الفضيل في ليلة شهد الله في عليائه لها بالبركة والخير.

    ومن تشريف الله عز وجل لشهر رمضان أن أنزل فيه هذا الكتاب هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وجعل من طرائق شكره على هذه النعمة أن افترض علينا الصيام عبادة له تعالى؛ فاجتمع القرآن والصيام شفيعين للعبد بين يدي ربه.

    وما أعظم أن يتجه العبد للقرآن في شهر القرآن بالقراءة والتدبر والتفكير والدراسة والبحث عبادة وتقربا لله تعالى.

    وما أجمل أن ننصت للقرآن وهو يتحدث عن نفسه؛ فالحديث فيه يمتاز بالصدق والدقة والإعجاز البلاغي؛ ذلك لأنه كلام رب العالمين؛ فمهما تحدث المتحدثون وتكلموا عن القرآن فلن يوفوه قدره أو جزءا منه. فلنترك القرآن يحدثنا عن القرآن من خلال هذه الرحلة التي حاولت فيها -قدر الجهد- جمع الآيات القرآنية التي تتحدث عن القرآن وقمت بتصنيفها حسب موضوعها في سلسلة حلقات متوالية، تحدثت عن صفات القرآن في القرآن، ثم آداب تلاوة القرآن كما أوردها القرآن، ثم مقاصد القرآن في القرآن، ثم مصدر القرآن كما ذكره القرآن، ثم موقف الكفار والمنافقين منه ورد القرآن عليهم.

    ومع أولى حلقات هذه الرحلة المباركة..

    صفات القرآن في القرآن (1/4)

    تعددت أسماء القرآن في القرآن؛ فهو القرآن وهو الكتاب وهو الذكر وهو النور... إلى آخر هذه الأسماء التي تدل على شرف المسمى كما ذكر الفيروز أبادي -رحمه الله تعالى-؛ حيث قال: "اعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدتها وصعوبتها، وكثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها.

    وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي -صلى الله عليه وسلم- دلت على علو رتبته وسمو درجته، وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته".

    وغالبا كانت تأتي هذه الأسماء موصوفة بصفات معينة حسب موضوع الآية، أو السورة الواردة فيها ومع تعدد أسماء القرآن تعددت صفاته.

    وفي السطور التالية نحاول الوقوف على بعض هذه الصفات التي قررها القرآن لنفسه، مع إلقاء الضوء على بعض ما قاله ساداتنا العلماء والمفسرون على بعض هذه الآيات، مع تعليق موجز مني حسب ما يقتضيه المقام والحال..

    المبين

    من الصفات التي تكرر وصف القرآن بها وتعدد صفة "الإبانة"؛ ذلك أنها ضرورية ولازمة لتحقيق أكبر أهداف القرآن وغاياته، وهو تعريف الناس بربهم وتجلية العقيدة الصحيحة لهم وتوضيح الأحكام الشرعية لهم، وهذه الأمور لا بد أن تكون واضحة مبيَّنة تبيينا لا لبس فيه.

    ولذلك تعدد وصف القرآن بمسمياته المختلفة (قرآن، كتاب، ذكر، آيات) بأنه مبين كما في قوله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ}، وإذا كانت الآية السابقة قد أضافت "آيات" إلى الكتاب ووصفت القرآن بأنه مبين؛ فإن الأمر متبادل في آية أخرى وهي قوله تعالى: {طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ}. والكتاب والقرآن اسمان لمسمى واحد؛ فهو قرآن بحكم قراءته وتلاوته، وهو كتاب بحكم كتابته وتسطيره في اللوح المحفوظ.

    وتعدد وصف الكتاب بأنه مبين في مواضع وسياقات مختلفة من كتاب الله تعالى على سبيل التحدي بهذه الإبانة التي يعجز عنها البشر رغم بدء هذه الآيات بحروف مقطعة لا يبدو من ظاهرها إبانة، ولكنه منتهى التحدي والإعجاز لفصحاء العرب وبلغائهم أن يأتوا بمثل هذه الحروف.

    وربما يكون أيضا في ذلك اختبار للمؤمنين لمن قصرت عقولهم على إدراك معنى هذه الحروف؛ هل يثقون في إبانة القرآن أم تزيغ قلوبهم وعقولهم لعدم فهمهم هذه الحروف؟، وتكرر هذا الأمر في الآيات التالية: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (يوسف: 1)، و{طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (الشعراء: 1، 2)، وقوله تعالى: {طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} (القصص: 1، 2).

    ومن هذه المواضع قسَمُ الله تعالى بالكتاب المبين، وهو ما له دلالة على عظم هذه الصفة وأهميتها؛ فالله العظيم لا يقسم إلا بعظيم وجليل، كما قال عز من قائل: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} (الزخرف: 1، 2)، وكما في قوله تعالى: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (الدخان: 1، 2).

    ومن لطائف الموضعين السابقين أن جواب القسم فيهما مرتبط بالقرآن أيضا؛ فجواب القسم الأول هو قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف: 3، 4). وجواب القسم الثاني: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (الدخان: 3).

    وحول الآية الأولى يقول صاحب التحرير والتنوير: "أقسم بالكتاب المبين وهو القرآن على أن القرآن جعله الله عربيا واضح الدلالة؛ فهو حقيق بأن يصدقوا به لو كانوا غير مكابرين ولكنهم بمكابرتهم كانوا كمن لا يعقلون. فالقسم بالقرآن تنويه بشأنه وهو توكيد لما تضمنه جواب القسم؛ إذ ليس القسم هنا برافع لتكذيب المنكرين إذ لا يصدقون بأن المقسِم هو الله تعالى؛ فإن المخاطَب بالقسم هم المنكرون بدليل قوله (لعلكم تعقلون)".

    ويضيف أيضا حول شرف المقسم به والمقسم عليه وهو القرآن في الحالتين: "وفي جعْل المقسم به القرآن بوصف كونه مبيَّنا، وجعْل جواب القسم أن الله جعله مبينا تنويه خاص بالقرآن؛ إذ جعل المقسم به هو المقسم عليه، وهذا ضرب عزيز بديع لأنه يومئ إلى أن المقسم على شأنه بلغ غاية الشرف فإذا أراد المقسم أن يقسم على ثبوت شرف له لم يجد ما هو أولى بالقسم به للتناسب بين القسم والمقسم عليه".

    وإذا كان العرب يتحدون بأشعارهم التي تعتمد على الصور البيانية والمجاز الذي تختلف العقول والأفهام في تأويله؛ فإن الله تعالى نفى عن رسوله الذي نزل عليه هذا القرآن أن يكون شاعرا، وأن يكون كلامه شعرا؛ بل هو ذكر وقرآن مبين وواضح لا لبس فيه، كما قال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} (يس: 69).

    وإذا كان من مقاصد القرآن وأهدافه هداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور؛ فإن الأمر يحتاج إلى أن تكون آياته بينة في نفسها مبيِّنة لما تحويه من أحكام وتشريعات، وهذا ما أكد عليه القرآن في الموضعين التاليين: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحديد: 9). وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الألْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (الطلاق: 10، 11).

    وهذه الإبانة تقتضي الخضوع والإيمان المطلق، ولكن هناك من ختم الله على قلوبهم فكفروا بها وهؤلاء وصفهم الله تعالى بالفسق في قوله عز من قائل: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ} (البقرة: 99).

    العربي

    وإذا كان من مقاصد القرآن الإبانة والتوضيح كما ذكرنا فيما سبق؛ فإن ذلك يقتضي أن يكون القرآن بلغة القوم الذين نزل فيهم حتى يفهموه ويعوه جيدا دون لبس أو تحريف أو تبديل، وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: 4).

    واللغة العربية هي لغة الفصاحة والبلاغة والبيان وقد تبارى الشعراء والفصحاء في الاغتراف من بيانها والتعاطي من بلاغتها وفصاحتها، وما زال تراثهم شاهدا على ذلك لا يماري فيه إلا جاحد، فإذا أضفنا إلى ذلك أن القوم الذين نزل فيهم القرآن عرب خُلص كانت العربية هي أنسب اللغات لاستيعاب كتاب الله تعالى، ورحم الله حافظ إبراهيم إذ يقول:

    وَسعتُ كتابَ اللهِ لفظا وغايةً *** وما ضقتُ عن آيٍ به وعظاتِ

    ويقول ابن كثير رحمه الله تعالى: "... وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس؛ فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتُدئ إنزاله في أشرف شهور السنة وهو رمضان؛ فكمل من كل الوجوه".

    وحول نفس المعني يقول صاحب التحرير والتنوير: "فإن الله لما اصطفى الرسول -صلى الله عليه و سلم- عربيا، وبعثه بين أمة عربية كان أحق اللغات بأن ينزل بها كتابه إليه العربية؛ إذ لو نزل كتابه بغير العربية لاستوت لغات الأمم كلها في استحقاق نزول الكتاب بها، فأوقع ذلك تحاسد بينها بخلاف العرب؛ إذ كانوا في عزلة عن الأمم فلا جرم رُجحت العربية لأنها لغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولغة القوم المرسَل بينهم؛ فلا يستقيم أن يبقى القوم الذين يدعوهم لا يفقهون الكتاب المنزل إليهم!.

    ولو تعددت الكتب بعدد اللغات لفاتت معجزة البلاغة الخاصة بالعربية؛ لأن العربية أشرف اللغات وأعلاها خصائص وفصاحة وحسن أداء للمعاني الكثيرة بالألفاظ الوجيزة. ثم العرب هم الذين يتولون نشر هذا الدين بين الأمم وتبيين معاني القرآن لهم".

    وقد تواترت الأوصاف للقرآن في القرآن بأنه عربي ورتب على كونه عربيا عدة نتائج مفترضة ممن يسمعه ويعيه ويفهمه إلا من ختم الله على قلوبهم، ومن ذلك:

    - العقل: جاء في موضعين من المواضع التي وصف فيها القرآن بأنه عربي رجاء العقل ممن سمع هذا القرآن وتدبره وهما قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (يوسف: 2)، وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (الزخرف: 3).

    - التقوى: وجاء وصف القرآن بأنه عربي مع رجاء التقوى من وراء ذلك في موضعين من القرآن هما قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} (طه: 113)، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الزمر: 27، 28).

    ويقول عبد الرحمن السعدي حول الآية الأولى: "وكذلك أنزلنا هذا الكتاب، باللسان الفاضل العربي، الذي تفهمونه وتفقهونه، ولا يخفى عليكم لفظه، ولا معناه"، ثم يضيف: "فكونه عربيا، وكونه مصرفا فيه [من] الوعيد، أكبر سبب، وأعظم داع للتقوى والعمل الصالح، فلو كان غير عربي، أو غير مصرف فيه، لم يكن له هذا الأثر".

    وحول الآية الثانية يقول الشيخ أبو بكر الجزائري: "أي حال كون المثل المجعول قرآنا عربيا لا لبس فيه ولا اختلاف، فلا عذر لهم في عدم فهمه وإدراك معناه وفهم مغزاه".

    - العلم: وقد وصف الله تعالى القوم الذين نزل إليهم هذا القرآن الموصوف بأنه "عربي" بـ"العلم" في قوله تعالى: {تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

    ويعلق صاحب الظلال على هذه الآية قائلا: "والتفصيل المحكم، وفق الأغراض والأهداف، ووفق أنواع الطبائع والعقول، ووفق البيئات والعصور، ووفق الحالات النفسية وحاجاتها المتنوعة... التفصيل المحكم وفق هذه الاعتبارات سمة واضحة في هذا الكتاب، وقد فُصلت هذه الآيات وفق تلك الاعتبارات. فُصلت قرآنا عربيا {لقوم يعلمون}.. لديهم الاستعداد للعلم والمعرفة والتمييز".

    - تقبل النذارة: إذا كان من أهداف القرآن الإنذار؛ فإن هذا يقتضي أن يكون عربيا، ومن نتائج هذا أن يتقبل القوم المرسل إليهم هذا الإنذار ويؤمنوا به، خاصة إذا كان موضع نزوله هو مهد اللغة والفصاحة وهو مكة المكرمة أم القرى كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} (الشورى: 7).

    وكما قال تعالى أيضا: {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} (الشعراء: 192-195) فهو تنزيل من الرب الجليل العظيم من خلال الملَك العظيم على قلب أطهر بشر بلغة عظيمة مبينة؛ وبذلك تتحقق أركان النذارة التي لا يحيد عنها ولا يكفر بها إلا من حق عليه العذاب الأليم كما قال في آية لاحقة {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ}.

    فأم القرى وما حولها هي مهد الفصاحة والبلاغة وهي قبلة الشعراء والأدباء والبلغاء الذين طار ذكرهم في الآفاق وبقيت سيرتهم في مختلف الأزمان، ولذلك نزل فيهم القرآن بإعجازه اللغوي والبياني الذي عجز أساطينهم وفطاحلهم عن الإتيان بمثله أو بسورة أو بآية منه لينطلق من خلالهم الإنذار إلى مَن حولهم من القرى حتى يصل إلى كل المعمورة.

    المفصل

    من صفات القرآن في القرآن أنه مفصل أي بين واضح الدلالة، حلاله بين وحرامه بين، أمره واضح ونهيه واضح، وهذا يتناسب مع ما أراده الله تعالى من إنزال هذا الكتاب ليحكم بين الناس بأمر الله تعالى؛ ولذلك جاء الاستفهام الاستنكاري لمن طلبوا أن يحكّموا غير الله تعالى في قوله عز وجل: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ}.

    ويقول سيد قطب: "لقد نزل هذا الكتاب مفصلا، محتويا على المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحياة جملة. كما أنه تضمن أحكاما تفصيلية في المسائل التي يريد الله تثبيتها في المجتمع الإنساني مهما اختلفت مستوياته الاقتصادية والعلمية والواقعية جملة؛ وبهذا وذلك كان في هذا الكتاب غناء عن تحكيم غير الله في شأن من شؤون الحياة".

    ولقد وردت في عدة مواضع من كتاب الله تعالى الإشارة إلى تفصيل آيات القرآن الكريم، مثل: قول الله تعالى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}.

    ونكتفي هنا بالإشارة إلى ما نقله القرطبي رحمه الله تعالى من أقوال العلماء حول هذه الآية إذ يقول: "وقال الحسن وأبو العالية: (أحكمت آياته) بالأمر والنهي (ثم فصلت) بالوعد والوعيد والثواب والعقاب. وقال قتادة: أحكمها الله من الباطل ثم فصلها بالحلال والحرام. وقال مجاهد: أحكمت جملة ثم بينت بذكر آية آية بجميع ما يحتاج إليه من الدليل على التوحيد والنبوة والبعث وغيرها. وقيل: جمعت في اللوح المحفوظ ثم فصلت في التنزيل. وقيل: (فصلت): أنزلت نجما نجما لتتُدبر".

    المجيد

    من الصفات التي أثبتها الله تعالى للقرآن في القرآن "المجيد"، ومعناه الشريف رفيع القدر، والقرآن يستمد شرفه من منزله سبحانه وتعالى ومن المنزَّل عليه صلى الله عليه وسلم ومما يحويه من آيات كريمة جليلة تحوي معانيَ عظيمة وشريفة.

    وقد ورد وصف القرآن بالـ"مجيد" في موضعين في القرآن هما قوله تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} (ق: 1)، وقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} (البروج: 21، 22). في الآية الأولى قسم بهذا القرآن المجيد، وفي الأخرى إخبار عن وتأكيد على كونه مجيدا في لوح محفوظ عند ذي العزة والجلال.

    وحول صفة المجيد يقول أبو المظفر السمعاني في تفسيره: "أي عظيم الكرم، ويقال: الكريم، يقال تماجد القوم إذا تفاخروا بالكرم وأظهروه من أنفسهم، وقيل: والقرآن المجيد أي الرفيع، ومعناه رفيع القدر والمنزلة". وقال القرطبي: "أي الرفيع القدر، وقيل: الكريم قاله الحسن، وقيل: الكثير، مأخوذ من كثرة القدر والمنزلة لا من كثرة العدد، من قولهم: كثير فلان في النفوس".

    العظيم

    ومن الصفات التي وصف الله تعالى بها القرآن في القرآن "العظمة"؛ حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}، فهو عظيم بلفظه ومعناه وما يحويه من عقائد وعبادات وأخلاق، وهو عظيم لأنه تنزيل من الله ذي الفضل العظيم إلى نبيه العظيم من خلال الملَك العظيم في الشهر العظيم.

    وفي هذه الآية امتنان من الله تعالى على نبيه بأن آتاه هذا القرآن العظيم، وتوجيه له صلى الله عليه وسلم ألا يشغله عن هذا القرآن العظيم شيء آخر في الدنيا مهما عظمت قيمته لأنه في النهاية متاع دنيوي زائل؛ حيث قال تعالى في الآية التالية: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ}؛ فهذا القرآن العظيم فيه غنى عن أي شيء آخر؛ فمن أراد الدنيا فعليه بالقرآن ومن أراد الآخرة فعليه بالقرآن ومن أرادهما معا فعليه بالقرآن.

    الكريم

    من الصفات التي وصف الله تعالى بها القرآن في القرآن أنه "كريم"، وهي من الصفات اللازمة للقرآن؛ فهو دائما يطلق عليه "القرآن الكريم"؛ حيث قال عز وجل: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}.

    ويتجلى كرم القرآن كما يذكر الإمام الرازي في أن كل مَن طلب منه شيئا أعطاه؛ فالفقيه يستدل به ويأخذ منه، والحكيم يستمد به ويحتج به، والأديب يستفيد منه ويتقوى به.

    والله تعالى وصف القرآن بكونه كريما، وبكونه عزيزا، وبكونه حكيما؛ فلكونه كريما كل مَن أقبل عليه نال منه ما يريده؛ فإن كثيرا من الناس لا يفهم من العلوم شيئا، وإذا اشتغل بالقرآن سهل عليه حفظه، وقلما يُرى شخص يحفظ كتابا يقرؤه بحيث لا يغير منه كلمة بكلمة، ولا يبدل حرفا بحرف، وجميع القراء يقرؤون القرآن من غير توقف ولا تبديل.

    ويذكر الرازي لطيفة في وصف القرآن بأنه كريم وهي أن الكلام إذا قرئ كثيرا يهون في الأعين والآذان؛ ولهذا ترى من قال شيئا في مجلس الملوك لا يذكره ثانيا، ولو قيل فيه يقال لقائله: لِمَ تكرر هذا؟ ثم إنه تعالى لما قال: (إنه لقرآن) أي مقروء قرئ ويقرأ قال: (كريم)؛ أي لا يهون بكثرة التلاوة، ويبقى أبد الدهر كالكلام الغض والحديث الطري.

    ومن هنا يقع أن وصف القرآن بالحديث مع أنه قديم يستمد من هذا مددا؛ فهو قديم يسمعه السامعون كأنه كلام الساعة، وما قرع سمع الجماعة لأن الملائكة الذين علموه قبل النبي بألوف من السنين إذا سمعوه من أحدنا يتلذذون به التذاذ السامع بكلام جديد لم يذكر له من قبل".

    الحكيم

    ومما وُصف به القرآن في القرآن أنه "حكيم"، والحكيم هنا –كما يذكر ابن عبد السلام في تفسيره- أي المحكم آياته بالحلال والحرام والأحكام، أو المتقن {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه}، أو البين أنه من عند الله، أو المظهر للحكمة بنفسه كما يظهرها الحكيم بقوله.

    وقد ورد وصف الكتاب بالحكيم في قول الله تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (يونس: 1)، وقوله عز وجل: {الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (لقمان: 1، 2)، وورد أيضا وصف الذكر بالحكيم في قول الله تعالى: {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} (آل عمران: 58).

    ويعلق سيد قطب على هذا الوصف قائلا: "ووصف الكتاب بالحكمة يلقي عليه ظلال الحياة والإرادة؛ فكأنما هو كائن حي متصف بالحكمة في قوله وتوجيهه، قاصد لما يقول، مريد لما يهدف إليه. وإنه لكذلك في صميمه: فيه روح، وفيه حياة، وفيه حركة، وله شخصية ذاتية مميزة، وفيه إيناس، وله صحبة يحس بها من يعيشون معه ويحيون في ظلاله، ويشعرون له بحنين وتجاوب كالتجاوب بين الحي والحي، وبين الصديق والصديق!".

    العلي الحكيم

    وقد اقترن بصفة الحكيم صفة أخرى في موضع واحد من القرآن وهي العلو؛ حيث قال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الزخرف: 3، 4).

    وهاهي صفة العلو تضاف إلى صفة الحكمة ليزداد حكمة عالية وعلوا حكيما، وهاهي شهادة أحد أساطين الشرك تنطلق منه لتعبر عن حقيقة القرآن التي لا يستطيع إنكارها إلا مكابر ومعاند: "والله لقد سمعت منه كلاما ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه ليعلو و لا يعلى عليه، وما يقول هذا بشر".

    فهو يعلو ولا يعلى عليه؛ لأنه ليس من كلام البشر ولكنه من كلام رب البشر العلي الأعلى، وإنه ليعلو على البشرية جمعاء فيأخذ بأيديها إلى طريق الهداية والرشاد.

    المبارك

    من الصفات المقررة في القرآن للقرآن البركة، والبركة تعني النمو والزيادة، وتعني الخير العميم الذي يفيض على من حوله؛ فيعمهم جميع ويفيض، وما أكثر بركة القرآن التي تفيض من ألفاظه ومعانيه، وقد عبر صاحب الظلال على بركة القرآن تعبيرا رائعا معبرا كاشفا عن أوجه بركة القرآن؛ إذ يقول رحمه الله: "مبارك بكل معاني البركة، إنه مبارك في أصله، باركه الله وهو ينزله من عنده، ومبارك في محله الذي علم الله أنه له أهل: قلب محمد الطاهر الكريم الكبير، ومبارك في حجمه ومحتواه؛ فإن هو إلا صفحات قلائل بالنسبة لضخام الكتب التي يكتبها البشر، ولكنه يحوي من المدلولات والإيحاءات والمؤثرات والتوجيهات في كل فقرة منه ما لا تحتويه عشرات من هذه الكتب الضخام في أضعاف أضعاف حيزه وحجمه!.

    وإن الذي مارس فن القول عند نفسه وعند غيره من بني البشر، وعالج قضية التعبير بالألفاظ عن المدلولات ليدرك أكثر مما يدرك الذين لا يزاولون فن القول ولا يعالجون قضايا التعبير أن هذا النسق القرآني مبارك من هذه الناحية، وأن هنالك استحالة في أن يعبر البشر في مثل هذا الحيز -ولا في أضعاف أضعافه- عن كل ما يحمله التعبير القرآني من مدلولات ومفهومات وموحيات ومؤثرات، وأن الآية الواحدة تؤدي من المعاني وتقرر من الحقائق ما يجعل الاستشهاد بها على فنون شتى من أوجه التقرير والتوجيه شيئا متفردا لا نظير له في كلام البشر.

    وإنه لمبارك في أثره، وهو يخاطب الفطرة والكينونة البشرية بجملتها خطابا مباشرا عجيبا لطيف المدخل، ويواجهها من كل منفذ وكل درب وكل ركن؛ فيفعل فيها ما لا يفعله قول قائل؛ ذلك أن به من الله سلطانا".

    وبركة القرآن بهذه الصورة تعد نوعا من إعجازه الذي يقتضي الخضوع والقبول والتذكر وعدم الإنكار لما جاء فيه، ونجد هذه المعاني جميعا مرتبطة بالمواضع التي ذكر فيها بركة القرآن في القرآن؛ إذ يقول تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} (الأنعام: 92)؛ فبركته تفيض على أم القرى وما حولها من أرجاء المعمورة لمن تقبل نذراته وآمن به، والواقع يشهد على عدم خلو مكان في الأرض من وصول القرآن إليه.

    ويقول سبحانه وتعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الأنعام: 155)؛ فبركته مدعاة لاتباعه الذي يعد طريقا لنيل الرحمة والغفران.

    وفي موضع آخر يستنكر المولى عز وجل على من وصلته بركة القرآن فأنكره وجحده ولم يؤمن به؛ إذ يقول سبحانه: {وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} (الأنبياء: 50).

    ويشير سبحانه في موضع آخر إلى أن من المقصد من هذا الكتاب المبارك التدبر والتذكر ولا يكون ذلك إلا من أولي الألباب والأفهام الذي أدركوا بركة القرآن وفضله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} (ص: 29).

    العزيز

    العز في اللغة هو القُوَّةُ والشِّدَّة والغلَبَة والرِّفْعة والامْتِناع، كما ذكر صاحب تاج العروس، والعز من الأوصاف التي قررها الله تعالى في كتابه لكتابه؛ حيث قال عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت: 41، 42). وفي هذا الموضع عرف الله تعالى عز القرآن بتمنعه عن أي باطل من أي جهة، وبأنه تنزيل من حكيم حميد؛ فهو لغلبته ورفعته امتنع على الباطل وعز عليه؛ فاتصف بالعز والقوة.

    ومن اللطائف التي ذكرها الإمام الرازي حول عز القرآن أن كل من يُعرض عنه لا يبقى معه منه شيء، بخلاف سائر الكتب؛ فإن من قرأ كتابا وحفظه ثم تركه يتعلق بقلبه معناه حتى ينقله صحيحا، والقرآن من تركه لا يبقى معه منه شيء لعزته ولا يثبت عند من لا يلزمه بالحفظ.

    أحسن القصص والحديث

    وأي قصص وأي حديث أحسن من قصص الله تعالى وحديثه؛ فقصصه للفائدة والعبرة التي تهدينا في غياهب الحياة، وحديثه سبحانه وتعالى تلين به الجلود والقلوب المؤمنة؛ فيأنس به المستوحشون في الظلمات ولا يشبع منه المريدون والشادون؛ فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا، حديث شهد له الكفار قبل المؤمنين فقال قائلهم منكرا على من قال بأن ما جاء به محمد سحر أو كهانة أو شعر: ".. لا والله ما هو بساحر؛ قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم، وقلتم: كاهن، لا والله ما هو بكاهن؛ قد رأينا الكهنة وحالهم وسمعنا سجعهم. وقلتم: شاعر، لا والله ما هو بشاعر؛ لقد روينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها: هزجه ورجزه. وقلتم: مجنون، لا والله ما هو بمجنون؛ لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه. يا معشر قريش انظروا في شأنكم، فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم".

    هذه مقولة من أعياه حسن القرآن بقصصه وحديثه ولم يجد ما يطعنه به: فلم يجد مفرا من لحظة مكاشفة وصدق مع النفس، يلجأ لها الإنسان رغم مكابرته في لحظة ضعف تعييه فيها كل الحيل.

    ولقد وصف الله عز وجل كتابه في كتابه بأنه أحسن القصص فقال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}؛ فهو أحسن القصص يبصر بالحق ويزيح الغفلة والغشاوة.

    وفي موضع آخر وصف عز وجل كتابه بأنه أحسن الحديث فقال تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَّشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}؛ فهو حديث يتلقاه المؤمن بالخشية والرجاء، فهو يخاف ربه وفي الوقت نفسه يرجو رحمته. ومن لم يهتد بهذا الحديث ولم يتفاعل معه فقد حق عليه الضلال ولن يجد له بعد حديث الله هاديا.

    ___________________

    **باحث بالمركز العالمي للوسطية.

    المصدر: وسطية أون لاين.

      الوقت/التاريخ الآن هو 27/4/2024, 6:28 am